الإثنين:02. 01. 2006
فنجان قهوة
أبو خلدون
الأمريكيون مرعوبون هذه الأيام، إنهم يعيشون على أعصابهم، وحكومتهم تغذي هذا الخوف وتضخمه حتى حولته إلى هاجس. والذين يعيشون هاجس الخوف يعيشون على هامش الحياة لا في صلبها، ولا يستمتعون بحياتهم، لأن الخوف يسرق منهم كل إحساس آخر ويشل القدرة على التفكير المنطقي السليم. ولو سألت أي أمريكي: أيهما أفضل: فترة الحرب الباردة التي كانت الصواريخ السوفيتية تهددك باليوم الآخر، وبإعادة الولايات المتحدة إلى العصر الحجري أم هذه الفترة؟ لأجابك من دون تردد أن فترة الحرب الباردة أفضل وأكثر أمنا، فاحتمال المواجهة النووية فيها كان ضئيلاً جداً ولا يكاد يذكر، وكنا نمارس خلالها حياتنا العادية، أما الآن فإن الواحد منا ينتظر الموت في أية لحظة، وكذلك جنودنا في الخارج، بل وحتى الأمريكي العادي الذي يذهب في رحلة سياحية إلى خارج بلده.
والذين يعيشون هاجس الخوف تتعطل لديهم ملكة التفكير المنطقي ولا يرون إلا الخوف، ويستبعدون كل ما من شأنه إدخال الطمأنينة إلى قلوبهم، ويصدقون كل ما يقال بهدف تغذية مخاوفهم، وآخر عملية ابتزاز تمارسها وزارة الدفاع الأمريكية حاليا هي أنها تقول لمواطنيها إن الضربة الإرهابية المقبلة لن تكون ضد هدف قائم على الأرض وإنما ستأتي من الجو، ولن تكون صاروخا، وإنما قنبلة نووية قوتها تزيد 100 مرة عن القنابل المعروفة حاليا، بحيث تدمر ولاية أو اكثر بضربة واحدة.
وعلى غرار قصص الخيال العلمي، يقول المسؤولون في وزارة الدفاع إن ldquo;الإرهابيينrdquo; سيضعون قنبلة نووية في مدار حول الأرض، والتكنولوجيا الخاصة بهذه العملية سهلة جدا، وهي متوافرة حتى للذين يمتلكون امكانات محدودة، ويستطيع صاروخ من نوع سكود المتوفر لدى معظم الدول أن يحمل هذه القنبلة إلى مدار حول الأرض، وتفجير هذه القنبلة في الفضاء سيشل الآلية الدفاعية الأمريكية ويلحق ضررا غير قابل للإصلاح، كما سيطلق سحابة من المواد المشعة على غرار السحابة التي أطلقها ldquo;تشرنوبيلrdquo; ولكن أكثر خطرا بكثير، إذ إنها ستحدث خللا دائما في الأقمار الاصطناعية التي يستخدمها الأمريكيون في اتصالاتهم وفي عملياتهم العسكرية، كما ستحدث خللا في شبكات الاتصال الهاتفية.
يقول الخبراء في وزارة الدفاع: إن الوزارة غير مهيأة لمواجهة وضع من هذا النوع، فنظام الصواريخ المضادة الذي بدأه ريجان لحماية أمريكا لم يكتمل بعد، إضافة إلى أن التجارب أثبتت أنه غير فاعل، واعتراض قنبلة نووية في مدار حول الأرض، فوق الولايات المتحدة يعطي مفعولا مماثلا لتفجيرها، وفي هذه الحالة سيحدث السيناريو الذي ذكرناه.
ويصف دونالد رامسفيلد هذا السيناريو بأنه ldquo;بيرل هاربور فضائيةrdquo;، ويقول: ldquo;إن بيرل هاربور الفضائية مغرية لخصوم أمريكاrdquo;. أما روبين ماكواري المحلل في إدارة الأمن القومي فإنه يقول: ldquo;إن وضع قنبلة نووية في مدار حول الأرض سيحبط كل مساعينا لحماية بلادناrdquo;.
ولا أحد في العالم يفكر في وضع قنبلة نووية في مدار حول الأرض، ولا أحد يريد تدمير أمريكا، وهذه الفكرة قد تصلح سيناريو لفيلم سينمائي تنتجه هوليوود التي انتجت في الماضي فيلما يتمكن فيه شخص أعطاه كاتب قصة الفيلم اسم ldquo;اسماعيل العربيrdquo; من تهريب قنبلة نووية من المكسيك، على ظهر حمار، إلى داخل أمريكا، ويضعها في شقة في واشنطن بالقرب من البيت الأبيض، ويعطي إنذارا للرئيس الأمريكي بأنه سيفجر القنبلة ويدمر واشنطن كلها ما لم تغير أمريكا سياستها المنحازة كليا ل ldquo;إسرائيلrdquo;، في الشرق الأوسط.
ويبدو أن وزارة الدفاع الأمريكية، بدأت تستعين بكتاب الخيال العلمي في وضع سياستها، إذ إن فكرة وضع قنبلة نووية في مدار حول الأرض لا تخطر إلا لكتاب قصص هذا النوع من الأفلام.
التعليقات