عبد الرحمن الراشد

آخر المختطفين عربيا خمسة ألمان حملتهم اخيرا طائرة لوفتهانزا الى بلادهم قبل ان ينهوا زيارتهم السياحية. المذعورون الألمان كانوا ضحية قبيلة ارادت مساومة الحكومة بخطفهم في وضح النهار. حدث الشيء نفسه لأبوين بريطانيين وطفلهم خطفهم فصيل في رفح، هو الآخر فعلها من اجل مساومة السلطة الفلسطينية. اما بغداد وضواحيها فتعتبر ميدان الخطف الكبير الذي لا يوفر كهلا او طفلا او عجوزا. وفي العراق، على الارجح، لا يعود المخطوفون، او حتى جثثهم الى ذويهم. والضحايا اناس عزل مدنيون ومتعاطفون، مثل المهندس الفرنسي، او عمال بسطاء كالسائق الاردني، او عاثرو حظ مثل السودانيين الذين ظنوا انهم ليسوا في حاجة الى حماية لان مواقفهم السياسية خير نصير لهم.

لكن الخطف هو أفشل سلاح جرب حتى هذا اليوم. وقد اصبح هواية العاجزين الذين خسروا سواء من خطف طائرات او سفن او بشر. سنين طويلة فشل فيها الخطف، ربما نستثني منه عملية الخطف الشهيرة لاحد عشر وزيرا للبترول في مؤتمر اوبك في فيينا عام 75 لأن هدف المنفذين كان الحصول على فدية مالية وقبضوها بالفعل، لكنهم دفعوا الثمن لاحقا اما سجنا او قتلا.

تاريخيا ثبت ان الاختطاف، مقارنة بكل وسائل الرعب والتهديد والمساومة الاخرى، سلاح المخطوفين حيث يرتد غالبا الى صدر فاعله. والعراق نموذج حي على ذلك حيث تحول الرأي العام المحلي ضد فاعليه، بما فيه الذين خطف الآخرون باسمهم وباسم المقاومة نيابة عنهم. الخطف افقد المتطرفين كل تعاطف، كما احرقت السيارات الانتحارية قضية فاعليها الذين اصبحوا الاعداء الاساسيين للمجتمع العراقي، باختلاف فئاته، مما حدا بزعيم القاعدة ايمن الظواهري الى تحذير مندوبه في العراق الزرقاوي من مغبة عمليات الخطف والسيارات الانتحارية، وانها تفقد التنظيم اي تأييد محتمل له على الأرض. اما عامة الناس فقد ثبت لهم ان الخاطفين ليسوا الا اناسا جبناء يخافون مواجهة اعدائهم مباشرة فيلجأون لخطف ابرياء، او تفجير مواقع مدنية غير محروسة. فأي شجاعة هذه التي تخطف فيها امرأة عجوز، او تفجر فيها مدرسة للاطفال، او مستشفى للمرضى؟ لماذا لا يتوجه هؤلاء مباشرة لمهاجمة القواعد العسكرية في العراق او الحراسات الامنية الفلسطينية في غزة او صنعاء؟

وبحسب رأي احد المسؤولين الامنيين الاندونيسيين فان اتصالات التقطت بين المتطرفين اشارت الى انهم بدلوا سياستهم من التفجير الى الخطف. وقال انهم اصبحوا في حاجة ماسة الى المال لتنفيذ عملياتهم الارهابية، ولذا قرروا اللجوء الى الخطف ابتزازا لتمويل بقية عملياتهم. لهذا شدد على مبدأ رفض المساومة لأنه يعني عمليا الغاء سلاح الخطف، الذي يصبح بلا قيمة ان عرف فاعلوه انهم لن يحققوا من ورائه شيئا.

[email protected]