بول شرويدر

في محادثتنا الأخيرة , اشتكى ابني إدوارد من الكلفة في الأرواح لتطهير المدن من المسلحين , لأن المارينز عليهم أن يعاودوا المجئ بشكل متواصل لتطهير نفس الأماكن التي دخلوها من قبل ويقول قادة المارينز في الميدان نفس الشئ فبدون قوات كافية, لا يمكنهم أن يقبضوا أو يسيطروا على المدن فلنوقف الحرب على العراق قبل أن يقتل مزيد من جنودنا

في وقت مبكر من الثالث من أغسطس الماضي , سمعنا أن 14 جنديا من جنود مشاة البحرية الأميركية المارينز قتلوا في الحديثة بالعراق وكان نجلا إدوارد شرويدر متمركزا هناك وفي الساعة العاشرة وخمس وأربعين دقيقة صباحا ظهر اثنان من المارينز على باب بيتي وقال أحدهما وهو برتبة مقدم بعد أن استجمع قواه فيما كان واجبا مؤلما بوضوح : إن ابنك بطل أميركي حقيقي .
ومنذ ذاك , ضاعفت ردتا فعل إزاء موت إدوارد من الحزن .
ففي أوقات مثل هذه يقول الناس لقد مات بطلا وأنا أعلم ما يقصدونه من إخلاص كبير ونحن نقدر التعازي الكثيرة التي تلقيناها وكم كانت معينة لنا . ولكن العبارات من أمثال لقد مات بطلا أو لقد مات وطنيا أو لقد مات من أجل بلاده عندما تسمع بشكل متكرر تذوب وتتلاشى .
وقالت ابنتي آماندا : لقد كان بطلا قبل أن يموت , وليس لأنه ذهب إلى العراق . لقد كنت فخورة به من قبل , وكونه وطنيا لا يجعل موته مستحسنا أو موافقا عليه أنا سعيدة أنه حاز على كثير جدا من الاحترام في جنازته , ولكن ذلك لا يجعل الأمر ( أي موته في العراق ) موافقا عليه أيضا .
إن كلمتي بطل ووطني تركزان على الموت , وليس على الحياة وهما قناع مغلف بالعلم يغطي حقيقة أن قليلين يريدون أن يعترفوا بصراحة ووضوح بما يلي : أن الموت في المعركة أمر مأساوي بصرف النظر عما هي أسباب الحرب إن المأساة هي الحياة التي فقدت , وليست طريقة الموت وعائلات الجنود القتلى على جانبي خط المعركة تعرف ذلك وأؤلئك الذين بدون عائلة لا يقدرون الفرق .
وهذا يفضي إلى ردة الفعل الثانية لقد شاهدنا منذ أغسطس معارضة متزايدة للحرب على العراق , ولكن يهمس بها غالبا , والأيدي تغطي الأفواه , كما لو أنه من الخطر التحدث بصوت عال جدا والبعض الآخر يناقش دائرة الموت التي لا تنتهي في أماكن مثل الحديثة بطريقة أكاديمية أو إكلينيكية أحيانا , كما في مسألة الفتك المتزايد لأدوات التفجير المحسنة .
إنني غاضب مما أراه سببا في موت ابني لقد اتبعت إدارة بوش لما يقرب من ثلاث سنوات سياسة تجعل جنودنا يجلسون أهدافا سهلة للضرب وبينما أخبرت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي أن سياستنا هي أن نطهر ونسيطر ونبني المدن العراقية , فإنه ليس هناك قوات كافية لفعل ذلك .
وفي محادثتنا الأخيرة , اشتكى ابنا إدوارد من الكلفة في الأرواح لتطهير المدن من المسلحين , لأن المارينز عليهم أن يعاودوا المجئ بشكل متواصل لتطهير نفس الأماكن التي دخلوها من قبل ويقول قادة المارينز في الميدان نفس الشئ فبدون قوات كافية, لا يمكنهم أن يقبضوا أو يسيطروا على المدن لقد قتل إدوارد ابني في مهمته الخامسة لتطهير الحديثة من المسلحين .
وعند قبر إدوارد , جثا المقدم أمام زوجتي , والدموع في عينيه , وسلمها علما مطويا وقال الشئ الوحيد الذي أمكنه أن يقوله بصراحة ووضوح : إن ولدكم كان بطلا أميركيا حقيقيا .. ربما , ولكني لم أشعر بأي مجد ولا كبرياء فقيامك بأداء واجبك حين لا تعرف ما إذا كنت سترى نهاية اليوم هو أمر بطولي بالتأكيد ولكن الأهم من ذلك أن كونك بطلا يأتي من احترام والديك وكل الآخرين , من مساعدة جيرانك ومساعدة الغرباء , من حب زوجتك , وأطفالك , وجيرانك وأعدائك , من الشرف والنزاهة , من معرفة متى تقاتل ومتى تبتعد , ومن فهم واحترام الاختلافات بين الناس في العالم .
يظل هناك سؤالان مؤلمان أمامنا جميعا هل أرواح الأميركيين الذين يقتلون في العراق مهدرة ؟ وهل يموت سدى ؟ يقول الرئيس بوش: إن أولئك الذين ينتقدون البقاء في العراق حتى نهاية المسار لا يكرمون ولا يحترمون الموتى . وهذا منطق ملتو : فهل تكريم واحترام الذين سقطوا قتلى يكون بقتل 2000 جندي آخر في سياسة خرقاء ؟
إنني أختار تكريم واحترام قتيلنا البطل بتذكر من كان في الحياة , وليس كيف مات وبالرغم من أن الأمر مؤذ ومؤلم , إلا أنني أعتقد أن موت ابني - وموت الأميركيين الآخرين الذين قضوا في العراق - كان هدرا للأرواح لقد فقدوا حياتهم اعتقادا بأن الديمقراطية ستنمو ببساطة بإزالة ديكتاتور - وهوسوء فهم لما تتطلبه الديمقراطية لقد أهدرت أرواحهم بعدم إرسال قوات كافية لأداء المهمة التي هناك حاجة إليها في مرحلة الاحتلال الناشئ وهو إغفال معيب للاستشارة العسكرية المحترفة ولكن موتهم لن يكون سدى إذا وقف الأميركيون للاختباء وراء أقنعة الأبطال المغلفة بالعلم وتوقفوا عن الهمس بمعارضتهم لهذه الحرب . وإلى ذاك , يمكن أن تهدر أرواح أبنائنا وأزواجنا وزوجاتنا وأبائنا وأمهاتنا أيضا وهذا شئ مؤلم جدا للاعتراف به , عليَ أن أتعايش معه وكذلك الرئيس بوش.