الأحد:08. 01. 2006

جمعة اللامي


ldquo;تُرى.. أتذهب دماء الشهداء ودموع الأمهات في تراب الوطن هدراً؟ ألا تُشترى بها الجنة؟rdquo;

(طاغور)

ارييل شارون، منذ جلطته الدماغية الأولى، ثم وهو في ردهة في مستشفى هداسا، في قبضة الجندي الإلهي الذي لا يهزم أبداً. فكيف به إذا ما وقف بين يدي رب خالق الموت والحياة؟ من هنا، ندخل الى حديث اليوم، من دون شماتة، فهذا الرجل الذي حاول ان ينسب إليه سمات إلهية، لا يستطيع حراكاً امام اللحظة الحاسمة القادمة، ولا يقدر ان يقوم بحركة بين يدي طائر الموت، وليس في مقدوره ان يدفع عن وجهه ريش جناح ذلك الطائر.

منذ ولد شارون في روسيا، وهو يحمل طائره في عنقه، ومعهما حاول الإفلات من مخالب ذلك الطائر، بانضمامه إلى ldquo;الهاغاناrdquo; أو الجيش ldquo;الاسرائيليrdquo; فإنه كان يحصي أيامه بنفسه، يوما بعد يوم، لكي يعلن مرغماً هزيمته امام الموت.

لقد ولد شارون ميتاً.

وهو بعد هذه السنوات التي زادت على السبعين، وارتكب فيها مزيداً من القتل بحق العرب، ومجلدات من الفساد السياسي والمالي والاخلاقي، لا يزال في اللحظات الاولى للاحتضار ولا يني يحضر نفسه ليوم الفزع الأكبر.

الفزع، الفزع الاكبر، ليس في يوم شارون الممتد منذ ولادته وحتى قبيل ان يقبضه عزرائيل عليه السلام، وانما بعد لحظة على لحظة القبض، حيث يطير به طائر الموت، صعداً، صعداً، صعداً، داخل ذلك التنور المظلم، وبتلك السرعة المهولة، وحيث لا يسمع سوى ذلك الجرس المخيف الذي تحدث بصدده العالم الأمريكي صاحب كتاب: ldquo;حياة بعد حياةrdquo;.

اليوم في هذه اللحظة، سيكون أحمد ياسين حاضراً، وكذلك الرنتيسي، والأطفال، وصبرا وشاتيلا ودير ياسين وسيناء والجنوب اللبناني وغزة والضفة الغربية والزيتون وأسوار القدس والفراتان والنيل والجولان وجزيرة العرب والأطلسي.. بينما يقف شارون في مقابل هؤلاء جميعاً، لا يستطيع حراكاً: جف فمه، وتبلم لسانه، وانقطعت انفاسه، بل ولا يستطيع النطق بكلمة واحدة، ابداً.

أي عذاب هذا؟

شارون.. ماذا فعلت بنفسك؟ وماذا ستقول للفيلسوف الأمريكي ldquo;جيفرسونrdquo;، إذا قال لك اليوم، أو غداً: ldquo;مقاومة الطغاة من طاعة الله، أليس كذلك يا شارون؟rdquo;.

من يعتبر من العرب من مصير شارون؟ ها هو الآن جثة، جثة مهملة، رغم الاهتمام الرسمي الذي سينسى بعد حين.

لقد ذهبت حروبه سدى. وها هو يخسر المعركة الفاصلة والأخيرة، ليدخل في عبودية اثقل من الحروب كلها.

[email protected]