الثلاثاء:10. 01. 2006


طلال عبدالكريم العرب


لا يمكن الحديث عن الوضع السياسي في لبنان من دون ذكر سوريا، وبعد انقلاب الملالي على شاه ايران، وتبشير الخميني بتصدير ثورته الى الخارج، دخلت ايران مع سوريا في تحالف غريب، اثر كثيرا على الوضع العربي في عمومه. فقامت سوريا بفتح ابواب لبنان على مصاريعها للتدخل الايراني، وتم زرع حزب جديد سمي بحزب الله، وهو حزب من عدة فروع، تحمل الاسم نفسه، زرعت في عدة بلاد عربية، تدين كلها بالولاء والطاعة لطهران. وبذلك تكون حلف ثلاثي جهنمي سيطر على مجريات الامور في ذلك البلد العربي لسنوات طويلة، ووقع ضحية له.

خلال تلك الفترة المظلمة من التاريخ اللبناني، كادت تهمش حركة امل اللبنانية، ولولا تحالفها مع حزب الله وانضواؤها تحت الراية السورية واستسلامها لها، لتم بلعها بالكامل. وتم تهميش السنة، ومعهم كثير من الوطنيين المسيحيين، كما تمت تصفية او محاولة تصفية كثير من الرموز السنية والشيعية والدرزية والمسيحية، وكل من وقف حجر عثرة، او حاول ان يجهر او يتململ من الوضع غير المعقول المسيطر على لبنان.

استشهاد رفيق الحريري، وتوجيه الاتهام الى اطراف سورية ولبنانية متورطة في اغتياله، كشف الغطاء عن مأساة اخرى سيواجهها اللبنانيون، الا وهي تحالف حزب الله، ومعه حركة امل، مع النظام السوري ضد امالهم وتطلعاتهم الى الحرية والاستقلال بالقرار.

حزب الله لا نلومه على موقفه المؤيد تأييدا اعمى لسوريا، ففي النهاية هو حزب محسوب على ايران، ويدين لها بالوجود والولاء، ويقال انه طلب (بضم الطاء) من مؤسسيه، عندما كان في مقدورهم ذلك، أن إنشاء الحزب يحتاج الى تصريح، فكان الجواب حاسما فهل حزب الله يحتاج الى تصريح؟ ولا ندري حتى الآن هل حصل ذلك الحزب على تصريحه كباقي الاحزاب ام لا؟ فالعلم عند الله.

لقي ذلك الحزب، منذ زرعه في لبنان، دعما غير محدود، معنويا وسياسيا، وماليا مباشرا قدر بـ 300 مليون دولار سنويا، وتم تسليحه حتى اسنانه، كل ذلك تم تحت الغطاء والحماية لشقيقتنا سوريا، حتى اشتد عوده وقويت شوكته، ووصل به الامر انه تحكم في مناطق شاسعة من ذلك البلد العربي، فهو الحزب الوحيد المصرح له بحمل السلاح، وهو الوحيد الذي يلقى الدعم الايراني والسوري، وهو الوحيد الذي يهدد ويتوعد.

فإذا ما اختفى النفوذ الاستخباراتي والسياسي السوري من لبنان، فسينحسر معه النفوذ الايراني، وسيفقد ذلك الحزب الحماية السورية، وهذا سيؤدي، بالضرورة، الى تجريده من سلاحه، أسوة بباقي الاحزاب الوطنية اللبنانية، وسيقطع عنه الحبل السري الذي يربطه بإيران، ويمده بشريان حياته. الخوف من المستقبل المظلم لهذا الحزب هو الذي يفسر تلك الشراسة في ردود افعاله هذه الايام، واستعماله لألفاظ عادة ما يستعملها النظامان الشموليان في سوريا وايران، كالوصم بالعمالة لأميركا والخيانة للامة،.. حتى رئيس وزراء لبنان لم يسلم من تلك التهم المستهلكة. الملامة لا تقع على حزب الله، بل على حركة امل اللبنانية القح، فقد كان على قادتها ان يكونوا اكثر حنكة ووطنية، وما كان يجب عليهم ان يدينوا بالولاء للحكم البعثي في سوريا، فقد كان عليهم ان يضعوا يدهم بيد القوى الوطنية اللبنانية.

انشقاق عبدالحليم خدام عن حزب البعث، وفضحه لقليل من كثير من جرائم ذلك الحزب في لبنان وسوريا، ما هو الا بداية. نوعية السباب والشتائم التي كالها المسؤولون السوريون الى رموز لبنانية ليست بغريبة، فكلنا يذكر مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري السابق عندما شتم ياسر عرفات، من على الاراضي اللبنانية بشتيمة منكرة، فتلك الالفاظ السوقية تدل على مستوى المسؤولية، وها هو مجلس الشعب السوري ينضم الى تلك الحفلة من التردي في الفكر واللفظ ويكيل هو الآخر الشتائم من العيار الثقيل ضد البعثي المنشق عبدالحليم خدام.

[email protected]