سمير عطا الله

خاض ادولف هتلر وجوزف ستالين ما يمكن اعتباره اعظم المعارك في تاريخ البشرية. وقد حاول الزعيم النازي، في حلم جهنمي وجنوني ومثير، ان يقيم امبراطوريته فوق عظام الاتحاد السوفياتي. فرأى ان اوكرانيا سوف تكون غلال المانيا. وبلاد القوقاز بئرها النفطية. والروس عمال معالفها. وبلاد البلطيق موانئها وشباك صيدها البحري.

وفي حملة جنونية خارقة ومتعددة الجهات، حاول ان يطبق على الاتحاد السوفياتي، كما تطبق فرقة النمور على قطيع ثيران البافالو. القوي السريع يقصم ظهر الثور الضخم فيشل حركته. وخيل إلى هتلر ان دباباته وقواته سوف تهزم المعنويات الروسية، وان الكثيرين ممن نكل بهم ستالين سوف ينضمون الى الحرب إلى جانبه، خصوصاً في اوكرانيا وبلاد البلطيق.

وصدقت توقعاته. وانضم الاوكرانيون الذين عاقبهم ستالين بالمجاعة، الى الجيش النازي. وارتدوا بزاته واعتمروا خوذه. لكن هتلر اساء تقدير صمود الشعب الروسي. كان الروس يتراجعون امام القوة الالمانية الغازية ولا يتركون لها سوى ارض محروقة. يدمرون المصانع والمباني والبيوت، ويتركون ارضاً عارية ومليئة بالجليد. وكانوا ينقلون مصانعهم إلى الداخل ويعيدون صنع السلاح والدبابات. وفي قلب الحرب والمعارك صنعوا بعض اهم الاسلحة خلال الحرب، ومنها الدبابات وقواعد اطلاق صواريخ الكاتيوشا والمقاتلة الجوية ياك1. ومع ذلك هذه هي الاسلحة التي وضعنا عليها مسؤولية نكسة 67. وكنا نقول، من دون حياء او خجل او وفاء لصاحب السلاح، ان السلاح السوفياتي هو الذي خذلنا. وقد ترك ذلك في قلوب الروس وعلمائهم وجنودهم، اهانة عميقة لا تنسى. مهما تظاهروا بالعكس. ومهما كتموا حقيقة مشاعرهم وحقيقة الامر. وعندما كنا نقول هذا الكلام ونكتبه كان المارشال جوكوف، بطل الحرب، لا يزال وزيرا للدفاع. وقد مات وصدره مفروش بالاوسمة. ولم يكن الصدر كافياً لما استحق فعلاً. فقد قال دوايت ايزنهاور قائد الجيوش الحليفة ان جوكوف كان اعظم جنرالات الحرب.

في اي حال، البطل الحقيقي والفعلي كان الشعب الروسي. وهناك ثلاث معارك بقيت اسماؤها في ذاكرة التاريخ: معركة الدبابات في كورسك، التي اعتبرت laquo;اعظم معركة مدرعات في التاريخraquo;. وقد حشد لها الالمان 900 الف رجل و3000 دبابة و1800 مقاتلة جوية. وحشد الجيش الاحمر 1300 رجل و3600 دبابة و20 الف قطعة مدفعية و2400 طائرة، فيما انصرف 300 الف مدني روسي الى زرع الجبهة بالالغام. كذلك كانت هناك معركتا لينينغراد وستالينغراد، حيث صمدت المجاعة الروسية والارادة الهائلة في وجه القوة النازية الجبارة. وفي النهاية ارتد السوفيات على المحتل الالماني ودخلوا الى برلين بعد اسبوع من انتحار هتلر.

كان يحيرني منذ بدأت اقرأ عن الحرب، ما الذي جعل ستالين ينتصر على هتلر؟ عثرت على الجواب امس في كتاب مدرسي: ستالين كان يصغي الى مستشارين ثم يقرر. هتلر كان يقرر ولا يصغي الى احد.