الثلاثاء:17. 01. 2006


دrlm;.rlm; السيد عليوه
أستاذ العلوم السياسية ـ جامعة حلوان



هذا العنوان ليس ردا ولاتحديا على مقولة اخري ذات مضمون ديني وانما هو مؤشر ساطع علي درجة تعقد اشكاليات العصر المتشابكة والمتداخلة والمستمرةrlm;,rlm; والتي تجعل الفكر السياسي يلجأ الي التعميمات المبسطة الغامضة والمريحة في الوقت نفسه بحيث يقدم حل مشاكل الدنيا والكون والمجتمع والتطور الانساني في كبسولة واحدة تبتلعها الامة وتشفي علي الفورrlm;.rlm;

مسئوليتنا اليوم ان نحلل الموقف الحضاري الراهن بجوانبه السياسية والاستراتيجية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية للتعرف علي الاسلوب الانسبrlm;(rlm; وليس الافضلrlm;)rlm; للتعامل مع التحولات الجارية والتحديات القادمةrlm;.rlm;

والرد هو الفهم المتعمق لأخطر آلية ـ ونعني بها الاعلام ـ التي تحكم وتتحكم في العالم المعاصرrlm;.rlm;

حتي يكون في امكان الانسانية بمكوناتها الثلاثةrlm;:(rlm; الفرد والمنظمة والدولةrlm;)rlm; تفادي الانخراط السلوكي في القوالب التي يصبها لنا الاعلامrlm;(rlm; كمفهوم كليrlm;)rlm; بحيث نضمن لانفسنا اكبر قدر من الاستقلال وحرية الحركةrlm;.rlm;

يوما بعد يوم وفي ظل التحول التاريخي الاكبر المسمي العولمة تتزايد سطوة الاعلام والاتصال علي حياتنا حتي بتنا اسري ولا اقول ألعوبة في يد تلك الظاهرة الخطيرة التي تشمل حزمة من العلوم والفنون والتقنيات مثلrlm;:rlm; الصحافة والاذاعة والتليفزيون والسينما والتسويق وشبكة الانترنت والتليفون المحمول التي تغذيها شبكة مترابطة من مشروعات الاعمال والصناعات في مجالات الترويح والرياضة والسياحة والسفر والتعليم والتنمية البشرية وتكنولوجيا المعلومات ومجتمع المعرفة في زمن الحروب والصراعاتrlm;.rlm;

انظر كيف يعيش الناس حضارة الصورة المشحونة بالنبضة الكهربية واصبحت الصورة كما يقول المثل الصيني القديم ـ بألف كلمة ـ حتي طغت علي العديد من نواحي النشاط التي كانت تتسم بالوقار والاحترام وتحولت الصورة والحركة والالوان والاضواء والابهار هدفا في حد ذاته يسعي بل ويهرع اليه الجميعrlm;.rlm;

ان إعلامrlm;(rlm; بالميمrlm;)rlm; واعلانrlm;(rlm; بالنونrlm;)rlm; الصورة الرقميةrlm;(rlm; الديجيتالrlm;)rlm; امسي سيد الموقف في التجارة والاقتصاد والاتصال والاسواق وتفاعل الحضارات وتداخل الثقافاتrlm;.rlm; واذا جئنا الي الاعلان وتأثيراته الايجابية والسلبية علي مجتمعاتنا لتملكتنا الدهشة مما يجري من صور غير مقبولة بمعايير المنطق العقلي والذوق السليمrlm;.rlm;

لاحظ التربية الاستهلاكية للمشاهدين وغياب القيم الرفيعة مثل العمل والانتاج والاداء الجيد والاسرة المترابطة حيث اكتسحتها اعاصير الدعاية التجارية بالاشارات الجنسية والميول الاستعراضية والبذخ والابهة التي تتجاوز مواردناrlm;.rlm;

ان تكثيف الاعلانات الارشادية والتعليمية في مجالات طهارة البيئة وحماية المستهلك والثقافة الصحية والتربية الاخلاقية والتنوع الثقافي والتعددية السياسية وحق الاختلاف والقبول بالاخر والتسامح الديني والتعلم الذاتي تشكل آليات فعالة لتصحيح الاعراض السلبية لزلزال تسونامي في المد الاعلامي الذي يكتسح امامه كل نبيلrlm;.rlm;

وهكذا صرنا نعيش عصر الاعلام دون منازع فقد اصبح يتحكم فينا جميعا في سلوكنا وفي تكوين اتجاهاتنا وتغييرها وفي تشكيل افكارنا وعاداتنا الي الحد الذي اضحي ينافسنا في ارادتنا دون مبالغة فهو يدخل علينا في كل ناحية داخل حياتنا كافراد وحياتنا كشعوب فهو ليس بوسيلة اتصال عادية كسائر الوسائل التي سبقته ولكنه وسيلة تشكل خطورة كبيرة الي درجة ان طرح البعض فكرة عدم القدرة علي فهم التغيرات التي تحدث او ادراكها خارج نطاق ما تقوم به وسائل الاتصال المختلفة كل بحسب درجة تأثيره خاصة التليفزيونrlm;.rlm;

وقد حاول التليفزيون ان يقول عبر مسيرة تقترب من خمسين عاما شيئا مهما حيث يمكن ان نميز بين ثلاثة تيارات كبري تتجاذب طهي تلك الوجبات اليومية المتلاحقة التي يقدمها التليفزيون لجمهور المشاهدين صباحا ومساء التيار الاول هو التيار الحكومي الرسمي ذو الميول السياسية الواضحة اعلاميا والتيار الثاني هو التيار الفني المهني الميال الي مخاطبة وجدان المشاهد وجذبه وتشويقه والتيار الثالث هو التيار العقلاني ذو النزعة الثقافية الرامية الي اقناع المواطن وصقل ذوقه وشخصيته ـ ولكن ثمة تيارا رابعا دخل الساحة قويا فتيا مجهزا بالمؤثرات الصوتية والضوئية ومسلحا بالفتنة والجمال متحررا من كثير من القيود والضوابط انه تيار الدعاية التجارية الذي يثير شهية المجتمع الي مزيد من الاستهلاك ولهذا اثاره الجانبية التي تستلزم مواجهتهاrlm;.rlm;

وفي ضوء طبيعة التليفزيون كجهاز اعلام مرئي له صورة والوان وجاذبية معينة وبالتكرار والالحاح وتغير الاشكال ان أوجد لدي المواطن قبولا معينا لقيم مختلفة من ثم اضفي شرعية اعلامية ولكنها زائفة في ضوء اختفاء القيم الايجابية لمصلحة الدعاية التجارية باتت تلك خطرا داهما علي الشرعية الاخلاقية للمجتمع والشرعية السياسية للدولة بل والهوية الوطنية للفرد الذي بات ينسب الي السلعة التي يستهلكها ذاتها واصبح السؤال هوrlm;:rlm; من يحمي المستهلك والدولة من هذه الشرعية الزائفة خاصة بعد التوسع في الانتقال الي ملكية القطاع الخاص؟ ويتحدث كثيرون عن تأثير التكنولوجيا الاعلامية خاصة المرئية باعتبارها قوة اضافية للطابع الديمقراطي وليست انتقاصا من الديمقراطية وهذا بصفة رئيسية في البلدان الغربية ويمكن ان تكون كذلك في دول العالم الثالث لو احسن استخدامها تدعيما لهذا الهدفrlm;.rlm;

ان الارسال المباشر عبر الاقمار الصناعية وشبكة الانترنت يعني سيادة عصر اعلام بلا حدود سياسية او قومية او دينية او ثقافية اي ان العالم بمختلف شعوبه وجماعاته وقاراته سوف يتناول وجبته الثقافية في طبق واحد تتمثل في ذلك الصحن الذي اخذ في الانتشار بغرض التقاط البرامج من جميع المحطات وفي ذلك سوف تحظي الدول الصناعية الغربية وكذلك اصحاب المحطات من رجال الاعمال باليد العلياrlm;(rlm; امثال برلسكوني في ايطاليا وامراء النفط في الخليج ولوردات الصحافة المتزايد عددهمrlm;)rlm; حيث يمكن للاعلام المتطور المزج بين الوهم والحقيقة وبين الخيال والواقع في ظل تصورات افتراضية تصوغ القرارات والافعال مثل صراع الحضارات وحرب الارهابrlm;..rlm; الخ الذي يمكن القوي من ان يكذب بسرعة ويحقق غرضه ثم يعتذر عن الكذبrlm;.rlm;

الخلاصة انه لم يعد من السهل معرفة ما هو جدير بالتصديق في مناخ التسويق السياسي للافكار والاشخاص والبرامج والتوجهاتrlm;.rlm;