الأحد:22. 01. 2006
ناصر الظاهري
شخص يأتي كآخر القادمين، يستعرض الناس بعيونه وبعيوبه، يراهم كأناس أصغر منه، ينتفخ صدره وبطنه بالهواء الفارغ، يجلس يحاول أن يقول شيئاً، يزكي تعاليه وكبره واستصغاره الناس، فيكتشف أن رأسه فارغ ولا يحمل غير ريح الكبرياء التي لا يقدر على حملهاmiddot; ـ شخص مريض اجتماعياً بدرجة الأذى، وحين لا يجد من يضره، يتحول الأذى فجأة للنفس، يهينها ويمتهنها إلى درجة متعة العذاب، عقله مليء، لكن بضرر الآخرين وضرر نفسهmiddot; ـ شخص يبدو أنه متسخ من الداخل إلى درجة النجاسة، لذلك أشد ما يكره أن يرى أحداً نظيفاً، يذهب بعيداً ليحارب ذلك النظيف ويذهب عميقاً ليخرج وساخة نفسهmiddot; ـ شخص يتلذذ برؤية عذاب وشقاء الآخرين، يمارس ساديته تجاه الضعفاء والبسطاء، أما حين يتحول هو إلى صغير وضعيف، يظل يتلذذ بإهانة نفسه وتصغيرها ورؤية عذابها، يفرح بممارسة المازوشيه على ذاته، هو شخص لا يمكن أن يحيا دون رؤية العذابmiddot; ـ شخص يحب أن يرقص على الجثث الغائبة ويغتاب الجثث غير الحاضرة، رغم أن كل تلك الجثث لم تكن تضره، غير بسلامها الصباحي والضحكة التي تكون مجانية في الممر الضيقmiddot; ـ شخص يجمع البخل والغباء، فلا تعرف كيف يمكن أن تطيقه زوجته كل هذا العمر، وكيف حال الأولاد والبنات إذا كبروا، واكتشفوا ذلك الصنمmiddot; ـ شخص تتمنى لو تعرف ماذا يفرحه؟ لا خضره الشجر ولا نَفّ المطر ولا منظر الفجر ولا رؤية القمر ولا تسبيح السحر ولا الورد ولا العطر ولا ضحكة خرجت من الصدرmiddot; - شخص ذو نظرة محايدة وكآبة بادية، يقلّب الأمور، فلا يجد إلا الطعم المرّ، يقلّب الأشياء، فلا يجد إلا الشوك ووخز الإبر، يقلّب حياته، فلا يجد ما يسرّ، فيقلب حياة الآخرين إلى غدر وهَمّ وحزن وكدرّ middot; ـ شخص يتلون بالليل والنهار، يحمل عذابات نفسه وانكسارات الرجولة وتلك الوحدة القاسية حد النحيب في الليل الطويل، ليصبّها من غده حمماً على الآخرين ولعنات جارحة وكلمات ساقطة في نهاره المزهو بلمعة الوظيفة الكاذبة وبانحسار ظلمة الليل التي عادة ما تأتي بالوجعmiddot;
التعليقات