أنيس منصور

دراسات ممتعة في الموسيقى تقول: إن بعض الموسيقى تسهل على الأم الحامل أن تلد، موسيقى موتسارت هي أنسب المعزوفات للجنين في بطن أمه، موسيقى أوفنتباح أو باخ أو كورساكوف تساعد على النوم.

وقد حملت إحدى سفن الفضاء الأميركية، التي أطلقوها من عشرين عاماً، لتتجه إلى الفضاء الخارجي، تسجيلات لموسيقى بيتهوفن وموتسارت، هذه السفينة أرسلناها إلى من يعنيه الأمر من الكائنات العاقلة في الفضاء، على مدى عشرين أو مائة ألف سنة من الآن، وهذه الموسيقى نؤكد بها للعوالم الأخرى، أننا إلى هذه الدرجة متقدمون متطورون.
وفي مستشفيات الأمراض العقلية يعالجون المرضى بالموسيقى والرقص معا، فنرى الأطباء يراقصون المرضى من الرجال والنساء. وفي جو الموسيقى والاسترخاء والاستسلام، يعرف المرضى بمكنوناتهم من المتاعب النفسية في الطفولة والشباب، فالموسيقى تستدرجهم إلى أن يكشفوا عن خباياهم، فإذا فعلوا فمعنى ذلك أنهم تخففوا من أعباء الألم والندم. وفي بعض المعابد موسيقى وتراتيل وإيقاعات، تساعد على الشفافية الروحية وتيسير المشاعر السامية.
وكان أستاذنا الفيلسوف أفلاطون، يرى أن الموسيقى كالمشط، فإذا كان المشط يسوي الشعر، فالموسيقى تسوي الشعور، والتوازن والانسجام بين الجسم والروح! وذهب علماء النفس المعاصرون، إلى أنها أيضاً تحقق النشاط الجنسي، ولهم في ذلك حكايات وروايات وقواعد وأجواء.
وحفلات الزار واستخدام أنواع من الإيقاعات، من شأنها أن تتسلط على المشتركين وتهزهم بعنف، فتتساقط دموعهم وتنطلق صرخاتهم وتنفلت أعصابهم، ويقال إن هذا الهز العنيف سوف يؤدي في النهاية إلى الراحة، التي كانت بسبب الكبت والفرامل التي يضعها الإنسان على كل أعصابه.
وكما أن هناك موسيقى للحب، فهناك موسيقى للحرب أيضاً، وفي مقدمة كل الجيوش، توجد الفرق الموسيقية التي تشعل الحماس والرجولة والرغبة في القتال والانتقام والانتصار.
وأذكر أن الرئيس السادات، عندما طلب من الموسيقار محمد عبد الوهاب أن يعيد توزيع النشيد الوطني، فلما فرغ محمد عبد الوهاب من تأليف هذا اللحن الجميل وتوزيعه توزيعاً بديعاً، ذهب إلى الرئيس السادات وجلسنا ثلاثتنا نسمع، وفوجئنا بأن عبد الوهاب قد جعل النشيد على ثلاث سرعات: بطيء ومتوسط وسريع، واستمعنا مرة ومرتين، وسألني الرئيس: أيهما تفضل، وسأل عبد الوهاب: أيها تختار؟ قال عبد الوهاب: أنا نفذت ما أمرت به والرأي لك، والتفت الرئيس يسألني: فقلت العزف المتوسط، ولكن السادات قال: لا، بل البطيء فنحن لا نريد الحرب، نحن نريد السلام، ونريد الشعب أن يهدأ وأن يلتفت إلى شيء آخر في حياته!
فللموسيقى هذه القدرة وهذا السلطان علينا من أيام الفراعنة!