أحمد الربعي

كل شيء يتغير في عالم العرب سوى بعض رموز الخطابة العنترية، التي لم تتغير مفرداتها ولغتها منذ الخمسينات من القرن الماضي.استمعت على مدى ايام لمناقشات مؤتمر المحامين العرب، المنعقد في دمشق، وتمنيت لو ان هذه المناقشات تبث على الهواء مباشرة لكل الشعوب العربية، فهي مثال على حالة التكلس والتخشب وحوار البطولات laquo;التي ما قتلت ذبابةraquo;، ومحاضرات في الدفاع عن الدكتاتورية والتسلط.

بعض هؤلاء المحامين العرب، ممن يفترض فيهم أن يكونوا ضمير الأمة والمدافعين عن هموم شعوبهم، تحولوا الى laquo;هتافينraquo; لا يختلفون عن أولئك الذين حملتهم الجماهير العربية على اكتافها في الخمسينات، ليهتفوا وهم لا يدركون خطورة ما يقولونه.

بعضهم نجح باقتدار في ذرف الدموع على الطاغية صدام حسين، ودافع عنه كبطل قومي للأمة، واعتبر محاكمته اهانة للشعوب العربية وسط تصفيق الحاضرين.

بعض من استمعت اليهم من المحامين العرب يبدو وكأنهم لا يدركون ان الدنيا تغيرت، وأن لغة الخطابة العربية لا تصنع حضارة، وأن الاكتفاء بشتيمة العدو في ظل حفلة من التصفيق والهتاف، هي أشبه بجلسات الزار لا تؤذي أحدا سوى أمتنا وأهلنا.

ماذا يمكن أن تفعل منظمة يفترض أن تكون مدافعة عن حرية الشعوب، اذا كان ثلاثة من أعضاء مكتبها الدائم في لجنة الدفاع عن صدام حسين، وماذا يمكن أن تفعل منظمة كانت تذرف دموع التماسيح على أطفال العراق طيلة مرحلة الحصار، حتى اذا ذهب الحصار استمر عدد كبير من أعضائها بالدفاع عن الطاغية.

الديناصورات انقرضت في التاريخ. ولكن عددا من الديناصورات السياسية التي تسيطر على الأحزاب والنقابات والمنظمات العربية ما زالت تمارس نفس السلوك، وتتحدث بنفس اللغة رغم كل التغييرات الكبرى في العالم، ورغم ثورة المعلومات والاتصالات، وتمنع الاجيال الجديدة من تقلد مسؤولية ادارة هذه الأحزاب والنقابات والمنظمات، وما فعله عدد من قادة المحامين العرب في مؤتمرهم في دمشق، ينطبق عليه المثل العربي laquo;ربما أراد الأحمق نفعك فضركraquo;.