عبد الرحمن الراشد


اعجبني تدخل العاهل البحريني حيث أمر بإلغاء الانتخاب الإلكتروني الذي صار محل انتقاد بعض الاطراف السياسية، أو على الأقل هذا ما ذكرته المعارضة بعد ان بلغ الجدل أقصاه.

وتدخل الملك حمد بن عيسى آل خليفة مبرره ضرورة وجود الثقة بالنظام، لأن الثقة هي عمود الانتخاب. وطالما ان المعارضة اعلنت صراحة عن توجسها من استخدام التصويت الإلكتروني، وتخشى ان الحكومة، وهي المسؤولة، يمثلها الجهاز المركزي للاحصاء، قد تسيء استخدامه لتغيير النتائج بتزوير الاصوات فمن العبث اعتماده. فإن جاءت النتائج بأي رقم كان سيظهر غدا من يطعن ظنيا فيها.

مع هذا لا بد من القول إن الانتخاب الإلكتروني هو الخيار الأفضل متى ما توفرت الثقة، بل والأكثر حماية من الغش والتزوير باستخدام معرفات الهوية كالبطاقات الإلكترونية والبصمة او اي وسيلة اثبات مباشرة أخرى. في الانتخابات التقليدية لا يمكن التدقيق في هويات الناخبين ولا فرز المواقع ولا عد الاصوات بشكل دقيق كما يمكن ان توفره الوسيلة الانتخابية.

والانتخاب الإلكتروني مجرب في عدد من المجتمعات المتقدمة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وسويسرا وكذلك في دول نامية مثل استونيا وكل ما ورد منها وعنها يؤكد سلامة وفعالية النظام. في استونيا تتم الانتخابات البلدية والبرلمانية عبر الإنترنت حيث يضع الناخب صوته عبر مواقع معتمدة ومراقبة.

لكن في البحرين ربما الخيار اليوم ليس إلكترونيا لأسباب سياسية، مع ان وسائل الضمان سهلة من خلال إشراك كل الاطراف المنخرطة في العملية الانتخابية في الاشراف على النظام الانتخابي منذ اعداده وحتى وقت فرز الاصوات.

وإذا كانت المعارضة ترفض الانتخاب الإلكتروني خشية التدخلات الحكومية فإن الحكومة ربما تريد التصويت الإلكتروني لردع عمليات الغش التقليدية في تسجيل الناخبين.

انما، ورغم الضمانات التي ستقدمها الحكومة، ورغم ان العملية الإلكترونية معتمدة في المجتمعات الانتخابية الاخرى، فان تدخل الملك البحريني كان اجراء سياسيا سيمنح الانتخابات ما هو اهم من الدقة، أي الثقة والرضا العام. وبدون ان تكون كل المجاميع السياسية البحرينية راضية عن آلية العمل فلا قيمة له في آخر النهار حتى لو كانت النتائج مطابقة للحقيقة. فالبحرين مجتمع حديث على العمل الديموقراطي وهو اكثر البلدان العربية جرأة على الانفتاح والممارسة للتعبير من الترشح والتصويت والتظاهر والنقد المفتوح. حدث هذا في وقت قصير للغاية بعد زمن طويل من الانغلاق. التجربة البحرينية مميزة في شجاعة الملك على ممارستها وانخراط كل الاطراف البحرينية فيها، ومن الطبيعي ان يستمر الجدل من اجل تطويرها او التدخل من اجل حمايتها.