تركي السديري


هل الولايات المتحدة الأمريكية تتصرف دون دراية بأوضاع الآخرين؟.. أم أنها تتصرف بدافع متطلبات مصالحها البعيدة المدى وغير مكترثة بأوضاع أولئك الآخرين؟.. يمكن أن يقال بل هما معاً..
فمن يقرأ بداية الأحداث في أسباب عنفها وخروجها - بالذات في العراق - عن خطوط الاعتدال يلمس أن العراق لم يكن مستهدفاً بمفرده ولكن مجموع ثروة عالمية معينة في العراق وحوله هي هدف التدخل العسكري.. ولم يعد هناك من يتحدث عن أسلحة دمار شامل.. بل ها هي أسلحة الدمار الشامل تطل في أكثر من مكان وأمريكا عاجزة عن اتخاذ موقف حاسم..

بنفس قياس حجم المخاطر تتدافع أرقام بالبلايين يقال إنها خسائر أمريكا في العراق.. عدم التوقف، عدم تبديل السياسات، عدم تبديل بعض الوجوه.. يعني أن أرقام بلايين لصالح أمريكا قادمة في المستقبل المستهدف متى أحكمت قبضتها على أكثر من عراق..

عراقياً وعربياً يجد الإنسان نفسه مضطراً لأن يقول عن صدام بأنه رغم وحشية حكمه كان الأفضل فيما يفعل مما يحدث الآن.. صدام الدبابة والطائرة الذي يوفر الحفر ثم يحاول ردمها هو غير صدام.. أسوأ منه.. لأن صدام العراقي فرض وحدة بلاده، احتجز المد الإيراني عند حدوده، حسم الصراع الطائفي، وهذه أمنيات صعبة التحقيق الآن..

من جانب آخر.. يبدو أن أمريكيا وإسرائيل، المتحالفتان حتى موت آخر وليد فلسطيني وانهيار مناعة أي عاصمة عربية، ما كانتا ستتصوران أن الصراع العربي الإسرائيلي سيخرج عن خطب المقاومة الفلسطينية التي قتل منها النساء والأطفال بوسائل ديموقراطية أمريكية حديثة.. وعن التجاذب السياسي عربياً ودولياً والذي أصبح منهك الفاعلية للغاية.. لكن حدث ما هو مفاجئ للغاية: الأسلوب الذي تسلح به حزب الله ثم مباشرته للحرب.. كلاهما ممارسة لا شرعية لها ولا يمكن أن تحدث في غير لبنان.. لكن لابد من الأخذ بعين الاعتبار أن ما حدث قد أشار إلى مفاجآت أهمها:

1- سهولة تصنيع الصواريخ وحملها دون حاجة لسلاح دولة كالطيران والمدفعية..

2- خطورة انتهاك مناعة إسرائيل لو توسعت الممارسة من قبل الفلسطينيين ومن الحدود السورية والأردنية ولو بطرق غير رسمية.. كم (يونيفيل) يلزم وجوده لحماية كامل حدود إسرائيل؟..

هل عندما أصبح الوليد الأمريكي الهش في حالة خطر استراتيجي وجدت أمريكا نفسها ملزمة لأن تتحرك ليس من أجل أي آخر أو بهدف إنساني أو ديموقراطي ولكن للمحافظة على بقاء إسرائيل وإيقاف تعميم الممارسة اللبنانية اللامشروعة ولكنها موجعة وخطرة..

أليس من الغريب في زمن وجيز أن يصبح صدام أمنية وحزب الله وسيلة سلام؟..