الأربعاء: 2006.10.11

ديفيد سنجر ـ نيويورك تايمز

قد تكون كوريا الشمالية بلداً سلطوياً وغير صديق، وسكانه البالغ تعدادهم 23 مليون نسمة يعانون المجاعة، غير أن تفجيره الناجح على ما يبدو لقنبلة نووية صغيرة في الجبال فوق بلدة quot;كيلجوquot; يوم الاثنين الماضي، يمثل محاولة للبقاء والاحترام. غير أنه يؤشر بالنسبة لواشنطن وحلفائها إلى فشل نحو عقدين من quot;الدبلوماسية الذريةquot;.

فكوريا الشمالية هي أكثر من مجرد دولة أخرى تنضم إلى النادي النووي، ذلك أنه لم يسبق لها أن طورت نظام تسلح لم تَبِعه في السوق العالمي في نهاية المطاف؛ كما أنها هددت بشكل دوري ببيع تكنولوجيتها النووية. وبالتالي، فيمكن القول إن نهاية الغموض بشأن قدراتها النووية تُنبئ بعهد جديد، قد لا يكون مبعث القلق فيه المكانُ المصوبة نحوه الرؤوس الحربية، وإنما بين أي أيد ستنتهي أسلحتها ومهاراتها.

وكما أشار إلى ذلك quot;الديمقراطيونquot; يوم الاثنين الماضي، أي أربعة أسابيع قبل الانتخابات الوطنية المهمة، فاللافت أن الرئيس بوش وأعوانَه لم يولوا هذا القدر من الاهتمام والأولوية للرد على هذا العهد الجديد من الانتشار مثلما فعلوا لإسقاط صدام حسين. إذ يرى بوش وأعوانه أن العراق كان يمثل التهديد الأكثر إلحاحاً في منطقة متقلبة. والحال أن تجربة quot;الشمالquot; تثير اليوم سؤالاً حول ما إن كان فات الأوان بالنسبة للرئيس بوش من أجل الوفاء بما قطعه على نفسه من أنه لن يدع أبدا quot;أسوأ الطغاةquot; في العالم يحصلون على أخطر سلاح في العالم.

ويقول quot;السيناتورquot; الديمقراطي السابق quot;سام نانquot; من ولاية جورجيا، والذي كرس ما بعد مشواره المهني في الكونغرس للسعي إلى وقف عهد جديد من الانتشار النووي quot;ما يُستشف من القصة أننا بدأنا بالجزء الخطأ من quot;محور الشرquot;، مضيفاً quot;فقد بدأنا بأقل البلدان خطراً، وهو العراق، وكنا نعلم ذلك حينها. ولذلك، فعلينا اليوم أن نتعامل مع هذا التطورquot;.

وقد رفض كبير مساعدي بوش الأمنيين الاثنين الماضي إجراء حوار معه بخصوص ما إن كان من شأن تبني استراتيجية مختلفة خلال السنوات الخمس الماضية أن يفضي إلى نتائج مختلفة اليوم. وقال quot;ستيفن هادليquot;، مستشار الأمن القومي، quot;تذكر أننا تعرضنا للانتقادات يومياً لأننا كنا نتبنى السياسة أحادية الجانبquot; في التعامل مع صدام حسين، مضيفاً quot;وها نحن ذا اليوم، نعمل مع حلفائنا وأصدقائنا، مشددين على الدبلوماسيةquot;.

غير أنه قال في نفس الوقت إن الإدارة اتخذت قراراً حكيماً بعدم رسم quot;خطوط حمراءquot; في التعامل مع حكومة quot;كيم جونغquot; لأن quot;الكوريين الشماليين كانوا سيمشون في اتجاهها، وبعد ذلك يتخطونهاquot;، فقط لإظهار أنهم قادرون على تخطيها. هذا في حين يقول مساعدون آخرون إنه سواء كانت ثمة خطوط حمراء أم لم تكن، فإن quot;الشمالquot; قرر بكل بساطة صنع قنبلة وقد تمكن من صنعها في النهاية.

ومما يجدر ذكره أن كوريا الشمالية أعلنت عن تمردها في أوائل 2003، حيث قامت بطرد المفتشين النوويين الدوليين، وبدأت علنا محاولاتها لتحويل مخزونها من قضبان الوقود المستنفذ إلى ترسانة صغيرة من الأسلحة. ولأن بوش وإدارتَه كانا مركزين على الحرب المقبلة مع العراق، فقد اختارا ألا يضعا حداً. غير أن السياسة الخارجية، كما يقول quot;نانquot;، quot;تقوم على الأولوياتquot;؛ وإلى يوم الاثنين، فإن الفترة التي اقترب فيها بوش من رسم خط أحمر لـquot;الشمالquot; كانت في مايو 2003، عندما أعلن أن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بأنهما quot;لن تسمحا بامتلاك كوريا الشمالية لأسلحة نوويةquot;.

أما تقديرات وكالة الاستخبارات المركزية quot;سي آي إيquot; منذ ذلك الوقت، فتفيد بأن الولايات المتحدة كانت تسمح بذلك بالضبط ndash; أي ترسانة صغيرة من الوقود النووي الكافي لإنتاج ستة أسلحة أو أكثر.

اللافت أن بوش لم يكرر هذا التهديد صباح الاثنين الماضي. وبدلاً من ذلك، رسم خطاً أحمر جديداً، خطا يبدو أنه يعترف ضمنياً بامتلاك الشمال لأسلحة؛ حيث اكتفى بالقول إن الولايات المتحدة ستنظر إلى أي نقلٍ من قبل كوريا الشمالية لمواد نووية إلى دول أخرى أو منظمات إرهابية على أنه quot;تهديد خطيرquot;، وستُحمل حكومة كيم quot;المسؤولية الكاملة لعواقب مثل هذه الأعمالquot;.

أما بالنسبة لمنتقدي سياسة بوش حول محاربة الانتشار النووي، فيبدو الأمر اعترافاً بأن quot;الشمالquot; تحدى بنجاح التحذيرات اليابانية والصينية والأميركية بخصوص صنع أسلحة وتجريبها، وهو اليوم يحاول فقط إدارة ما بعد التجربة. ويبدو أن كوريا الشمالية تحاول الاقتداء بباكستان التي فجرت أول قنبلة نووية لها عام 1998، وتحملت ثلاث سنوات من العقوبات، لتخرج في النهاية بصفة quot;حليف كبير للولايات المتحدة من خارج الناتوquot;.

ويقول مساعدو بوش إنه إذا كان quot;كيمquot; يعتقد هو الآخر أن العالم سيكتفي بفرض بعض العقوبات، وأن اهتمامه بالأمر سيقل لاحقاً، فهو مخطئ. وفي هذا الإطار، قال quot;كريستوفر هيلquot;، مساعد وزيرة الخارجية المكلف بشؤون شرق آسيا والمحيط الهادي يوم الاثنين الماضي quot;إنه سيندم على اليوم الذي اتخذ فيه هذا القرارquot;.