سميح صعب


تراكمت الضغوط على الرئيس الاميركي جورج بوش خارجيا وداخليا في الايام العشرة الاخيرة، كأنها في سباق مع موعد الانتخابات النصفية في 7 تشرين الثاني المقبل وأبرزها:
- تفجير بيونغ يانغ قنبلتها النووية الاولى لتصير كوريا الشمالية تاسع دولة تنضم الى النادي النووي في العالم، على رغم كل محاولات واشنطن للحؤول دون ذلك.
- دراسة نشرتها مجلة quot;لانسيتquot; الطبية البريطانية تحدثت عن مقتل 655 الف شخص في العراق منذ الغزو الاميركي في آذار 2003 بما يتعارض تماما مع الارقام الرسمية الاميركية التي تقدر عدد القتلى بين 30 الفا و50 الفا.

- تصريح لمنسق الامم المتحدة للشؤون الانسانية يان ايغلاند بأن العنف يتسبب بمقتل مئة شخص يوميا في العراق وبتهجير الف آخرين.
- تقرير لوزارة العمل الاميركية يتحدث عن مقتل 647 متعاقدا يعملون مع الجيش الاميركي في العراق منذ بداية الحرب.
- مقتل 44 جنديا اميركيا في العراق منذ بداية تشرين الاول ليقترب بذلك الرقم الاجمالي لقتلى الجيش الاميركي في العراق من 2800، في حين ان اعداد الجرحى تفوق الـ20 الفا.
- تقرير للاستخبارت الاميركية مفاده ان حرب العراق أدت الى نشوء جيل جديد من الارهابيين بينما كان المتوخى من الحرب العكس.

- اعلان قائد الجيش البريطاني الجنرال ريتشارد دانات انه يجب الخروج بسرعة من العراق لان الوجود الاجنبي يفاقم المشاكل الامنية في هذا البلد، ويضر بالمصالح البريطانية في الخارج.
- رفض ايراني مطلق لوقف عمليات تخصيب الاورانيوم على رغم التهويل بالعقوبات التي يمكن ان يفرضها مجلس الامن على طهران.
- تزايد العمليات العسكرية لـquot;طالبانquot; في افغانستان، وتمكن الحركة من استعادة موطىء قدم في بعض الاقاليم.
- في الداخل الاميركي لم تكن الاحداث أقل وطأة على بوش والحزب الجمهوري. فقد أحدثت فضيحة رسائل quot;الاغراءquot; الالكترونية من النائب الجمهوري مارك فولي الى فتى متدرب في الـ16، ضجة تلقي بظلالها على الحملات الانتخابية للمرشحين الجمهوريين، وتهدد مستقبل رئيس مجلس النواب دنيس هاستيرت.

في مواجهة هذه الوقائع، لا يزال بوش مصرا على التقليل من أهمية التجربة النووية الكورية الشمالية لاعتبارات سياسية في الدرجة الاولى وفق ما استنتجت موسكو. فهو لا يريد ان يقول ان مقاربته الازمة النووية الكورية قد انتهت الى الفشل بدليل قدرة بيونغ يانغ على تنفيذ التفجير النووي بصرف النظر عن مدى قوته.
ولا يمكن بوش أن يسلّم بالفشل في كوريا الشمالية حتى لا يشجع ايران على مواصلة طريقها في التخصيب. وتاليا توجيه ضربة أخرى الى السياسة الاميركية التي لم تستطع أن تثني بيونغ يانغ وطهران عن متابعة عمليات تطوير التكنولوجيا النووية.

وفي العراق طعن بوش في صدقية الارقام التي أوردتها مجلة quot;لانسيتquot; عن اعداد القتلى. وردا على المطالبين بتغيير السياسة في العراق، الجواب جاهز وهو أن أمن شوارع المدن الاميركية بات مرتبطا بالامن في شوارع بغداد والفلوجة، وأن نشر الحرية في الشرق الاوسط هو استثمار أمني اميركي على المدى البعيد. أما حل القضية الفلسطينية فهو مرتبط بتغلب فئة من الفلسطينيين على فئة أخرى، ونشوب حرب أهلية بين quot;المعتدلينquot; وquot;المتطرفينquot; منهم.

لن يكون في استطاعة بوش ان يقول ان quot;الخطيئة الاصليةquot; التي ارتكبها كانت في الذهاب الى الحرب في العراق والغوص في رماله. واذا كانت كوريا الشمالية تشجعت على تجربتها النووية فذلك لان اميركا منهمكة في العراق، واذا كانت ايران مصممة على الحصول على التكنولوجيا النووية بنفسها، فذلك لأن اميركا تغرق يوميا اكثر في المستنقع العراقي.
وبعد هذا كله يراهن بوش على الفوز في الانتخابات النصفية لانه يقول ان الناخبين يعلمون أن الجمهوريين هم الاقدر على توفير الامن والاقتصاد.