الثلاثاء: 2006.10.17


من قريب
سلامة أحمد سلامة



أثارت الجائزة الضخمة التي أطلقها المجلس العالمي للثقافة في دولة قطر ورصد لها ثلاثة ملايين دولار للرواية العالمية جدلا واسعا بين المثقفينrlm;,rlm; لا لضخامة الجائزة من حيث قيمتها المادية التي تتجاوز ثلاثة أضعاف قيمة جائزة نوبل للأدب فحسبrlm;,rlm; ولكن أيضا لأن البعض في مصر رأي فيها استلابا للدور المصري في الريادة الثقافيةrlm;.rlm;

ولابأس في أن تطمح دولة صغيرة مثل قطر لمنافسة السويد أو النرويج في رصد جوائز عالمية في مجالات الابداع المختلفةrlm;.rlm; كما أن شيئا من التواضع يحتم علينا ألا نبالغ في الحديث عن استلاب الدور المصري في الثقافة أو ننكر علي الآخرين أدوارهمrlm;.rlm;

غير أن أكثر ما لفت نظري هو أن هذه الجائزة للإبداع الروائي ليست الأولي من نوعها في العالم العربيrlm;.rlm; فهناك علي الأقل ست أوسبع جوائز تمنحها شخصيات أو هيئات أو حكومات عربية للرواية بأنواعها المختلفةrlm;.rlm; وهو مايدعو إلي التساؤلrlm;:rlm; لماذا التركيز علي الرواية بالذاتrlm;..rlm; هل لأنها كما قال الناقد الكبير جابر عصفور عنها أننا في زمن الرواية أو لأنها ديوان الحياة العربية المعاصرة بعد أن ولي زمن الشعر؟ أو ربما لأن المبدعين العرب الذين يعيشون أجواء القمع والاستبداد لايجدون متنفسا للتعبير عن رؤاهم في المجتمع والحياة المحيطة بهمrlm;,rlm; إلا من خلال الخيال الروائي؟

علي أننا في سياق البحث عن أسباب الإخفاق الذريع الذي منيت به محاولات النهضة العربية من أوائل القرن الماضيrlm;,rlm; لابد أن نعترف بأن إغراق العقل العربي في الخيال وانفصاله عن الواقع والركون إلي المشاعر والعواطف في إدراك عالمهrlm;,rlm; قد أفضي بالتالي إلي ابعاده عن التفكير العلميrlm;,rlm; وعدم اهتمامه بالعلوم والرياضياتrlm;,rlm; بحيث أصبحت من الصفات التي تنسب للعرب أنهم مازالوا في مرحلة الخيال والسحر الذي يعالج الأمور بغير أسبابها الطبيعيةrlm;,rlm; ويعيد احياء قيم لم تعد تغني في مواجهة مشكلاتناrlm;.rlm;

ومن ثم فليس غريبا أن يظل اهتمامنا منصبا علي مايدخل في دائرة الخيال والوجدانrlm;,rlm; وتذهب الجوائز السخية إلي فنون الرواية والشعر والأدبrlm;.rlm; أما العلم والبحث العلمي فنادرا مايجد له نصيرا في العالم العربيrlm;.rlm; ولهذا السبب يهج العلماء والباحثون العرب إلي الخارج بعد أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت في أوطانهمrlm;,rlm; يجدون تحقيق ذواتهم والتقدير المادي والمعنوي في البلاد التي استضافتهم وهيأت لهم الأسباب ولم تبخل عليهمrlm;.rlm; فإذا جاءت قضية مثل قضية امتلاك المعرفة النوويةrlm;,rlm; بحثت عنهم فلم تجدهم إلا هناك في بلاد أخريrlm;!rlm;

ولهذا السبب أيضا نبغ علماء مثل أحمد زويل وفاروق الباز ومجدي يعقوب وعشرات بل مئات من أنبغ العقول العربية في مراكز الأبحاث والجامعات الأجنبيةrlm;..rlm;

بعد أن كانت السيادة للشعر في الثقافة العربيةrlm;,rlm; انتقلت للرواية والقصةrlm;..rlm; فمتي تنتقل إلي العلم والتكنولوجياrlm;,rlm; ومتي نسمع عن جائزة مليونية أو ألفية يرصدها أمير أو ثري أو مؤسسة انجاز علمي عالمي مرموقrlm;,rlm; متي ينتصر العقل العلمي ويشرق فجر العلم في حياتنا؟


[email protected]