علي حماده

لا quot;حزب اللهquot; ولا حليفه الجنرال ميشال عون يمكنهما تغيير الحكومة بالقوة او بالوسائل المعتمدة راهنا التي تشي بسعي جدي لا الى قلب الطاولة السياسية في البلاد فحسب، وانما الى اعادتها بالمعنى السياسي وبطريقة من الطرق الى مرحلة ما قبل 26 نيسان. فالوسائل المعتمدة التي تقصد هي تلك القائمة على التهويل بالشارع، ونعت الاستقلاليين بكل النعوت التخوينية وصولا الى قول عون، وهو النائب، ان البرلمان الذي ينتمي اليه غير شرعي! هذه الوسائل، بدل ان تحقق لـquot;حزب اللهquot; ما يصبو اليه من سيطرة على الداخل بعدما انتفت وظيفته الاقليمية في الجنوب، ستدفع بالاصطفافات المقابلة الى مزيد من التصلب والاستنفار في السياسة وغير السياسة، وخصوصا ان المنحى الانقلابي لـquot;حزب اللهquot; يرافقه تلاعب جهات غير مجهولة بالامن. فإذا كانت محاولة اسقاط الحكومة بالتهويل السياسي او بالتفجيرات الامنية هي البديل من التهدئة والعقلنة اللتين تمران بفهم تركيبة لبنان على حقيقتها والابتعاد عن المخاطرة بما تبقى لـquot;حزب اللهquot; من رصيد في البيئة اللبنانية الاوسع، فإن وحدة لبنان هي التي ستكون مطروحة على بساط البحث ، وليس سلاح quot;حزب اللهquot; او مصير الحكومة كما هومطروح الآن.
ورغم كون الفريق الموالي للنظام السوري، وتحديدا في الوسط السني، يحاول ان يمد محاولة الانقلاب بـquot;غطاءquot; مذهبي، فضلا عن التغطية التي يحاول عون تأمينها على المستوى المسيحي، فإن الانقلاب متى بدأ قد يطيح هذه التغطية المصطنعة والمنافية لمزاج بيئاتها السياسي الرافض لعودة الوصاية السورية او لاستتباب وصاية ايرانية مدججة بالسلاح ومقنعة في البلاد، وسرعان ما سيجد quot;حزب اللهquot; نفسه في مواجهة مباشرة مع بقية مكونات لبنان. ولن يمر وقت طويل حتى ينعكس الامر على ما كسبه الحزب عربيا واسلاميا من خلال الضخ عبر الفضائيات، فتتحول صورته من حزب مقاوم لاسرائيل الى حزب يقاتل لبنانيين للامساك بالسلطة.
نحن لا نريد لـquot;حزب اللهquot; ان ينحدر الى هذا الدرك، لكننا نظن ان اللبنانيين الاستقلاليين في البيئات الاخرى لا يخشون قول كلمة الحق، ولا تنقصهم الشجاعة في الدفاع عن حريتهم وعن معنى لبنان الاستقلال الذي يريدونه لهم ولاولادهم. وهؤلاء لن يرتضوا ان يعيشوا الى ما لا نهاية في ظل سلاح فئوي باتوا يشعرون بتهديده لمستقبلهم ومصيرهم اكثر مما يتهدد اسرائيل نفسها .
ان المسار الانقلابي الذي يسير به quot;حزب اللهquot; لا يمكن ان يحول انظار اللبنانيين عن مسألتين جوهريتين: الاولى ان سلاحه ليس مقبولا ، وانه مهما فعل فإنه لن ينتزع بعد اليوم اجماعا على شرعية سلاحه. والثانية ان النظام السوري سيبقى في اذهان اللبنانيين منبوذا، لانه مصدر الخطر الاول على لبنان الحر السيد المستقل.
خلاصة الامر اننا ندعو المعتدين بقوتهم، والمستقوين بسلاحهم، اقله معنويا، الى فهم واقع لبنان جيدا، قبل التورط في مغامرة قد تكون اكثر كلفة من ورطة 12 تموز الكارثية.