الجد الاكبر للجمل اكبر مرتين وبسنم واحد... و laquo;عشتارraquo; عُرفت في الألف السابع ...


تل اسود (قرب دمشق) - ابراهيم حميدي


توصلت بعثات أثرية سورية واجنبية في ختام موسم التنقيب الخريفي، الى اكتشافات تاريخية مهمة قد تعيد حسابات المؤرخين في شأن مسلمات تتناول عناوين عدة: بدءا من تاريخ التحنيط ومرورا بعبادة عشتار ومصانع الدبس وانتهاء بحجم الجمل وظهوره.

وقال المدير العام للمديرية العامة للآثار والمتاحف في سورية الدكتور بسام جاموس لـ laquo;الحياةraquo; ان 130 بعثة تنقيب تعمل في موسمي الربيع والخريف في البلاد، بينها حوالي 45 بعثة اجنبية. وحصل احد اهم الاكتشافات هذه السنة في موقع تل اسود في غوطة دمشق على بعد 25 كيلومترا من العاصمة. اذ عثرت بعثة سورية - فرنسية، بعد ستة اعوام من العمل، على قرية نموذجية تضم منازل دائرية ومربعة رصفت ارضياتها بالطين المدكوك تعود الى الألف السابع قبل الميلاد.

ويقول جاموس الذي يرأس البعثة، مع الفرنسية دانيال ستوردور، ان الاهم في هذا الموقع هو laquo;اكتشاف جماجم مجصصة وملونة ما شكل اقنعة كأن الوجوه تنطق وتبتسم، ما يدل الى بدايات التحنيط. كما ان عمليات الدفن الشعائري تدل الى تطور الفكر العقائديraquo;.

ونقل خبراء الجماجم الـ12 المكتشفة الى متحف دمشق، قبل ان يُنقل بعضها الى فرنسا لاجراء اختبارات عليها وعلى التراب الموجود في داخلها. وقال احد الخبراء: laquo;المدهش في هذه الوجوه، ان العيون نزلت بالقار الاحمر ولا يزال احمرارها يلمع الى الآنraquo;.

واوضح مدير التنقيب والدراسات الاثرية البروفيسور ميشال المقدسي لـ laquo;الحياةraquo; ان الاكتشاف دل الى laquo;طقوس معينة في الدفن، بحيث كانت تُقطع الرؤوس وتُطلى بالكلس مع وضع الزفت الاحمر في العيون ما ادى الى الحفاظ عليها بشكل كبير مدة تسعة الاف عامraquo;. لكنه ميّز بين هذه الطقوس في دفن الرؤوس، وبين التحنيط الذي اعتمده الفراعنة في مصر.

وعلى بعد حوالي 250 كيلومترا من هذا الموقع، عثرت بعثة سورية - سويسرية في موقع laquo;الهمّل - الندويةraquo; في صحراء تدمر وسط البلاد، على اجزاء عظمية من الجمل الذي كان يستخدم في الحياة اليومية. وقال الدكتور جان ماري لوتون سورير بعد تحليله العظام في مختبرات سويسرية ان laquo;حجم الجمل يبلغ ضعف حجم الجمل الحاليraquo;. واوضح جاموس ان التقديرات تفيد بأن الجمل ظهر قبل 15 الف عام وبحجمه الذي نعرفه، لكن الاكتشاف الجديد بين ان laquo;سفينة الصحراء ظهرت قبل مئة الف عام وبضعف الحجمraquo;. ولفت المقدسي الى ان laquo;الجد الاكبر للجمل كان بسنم واحد وليس بسنمين في ظهرهraquo;.

في الضفة اليمنى لنهر الفرات قرب الحدود مع تركيا شمال البلاد، عثرت بعثة فرنسية - سورية في موقع laquo;جادة المغارةraquo; على منزل على شكل رأس ثور طليت جدرانه بالاحمر والاسود والابيض. واوضح جاموس :raquo;هذا يدل الى ان عبادة الثور انتشرت في الألف التاسع قبل الميلاد في الفرات الاوسطraquo;. واذ دلت التركيبة اللونية الى تطور الفكر الفني وقتذاك، يعتقد مسؤلوون في laquo;مديرية الاثارraquo; بأن الاهم في هذا الموقع، هو laquo;اكتشاف تمثال نصفي لعشتار مصنوع من الجص الابيض الزجاجي. ونُقشت العينان في الوجه، بينما تحمل اليدان الثديينraquo;.

وفي حال ثبوت هذه الفرضية، يعني ان عبادة laquo;عشتارraquo; باسمها، ظهرت في الألف التاسع قبل الميلاد، وليس الثالث كما يُعتقد حتى الآن، اي بفرق ستة الاف سنة. ويقول المقدسي :raquo;ليس معروفا الى الان، هل هي عشتار ام لا. هي الرب الأم، لان عشتار لم تكن موجودة في الألف السابع قبل الميلادraquo;.

وعثرت بعثة اخرى، غرب laquo;جادة المغارةraquo;، على اقدم منشأة صناعية في موقع laquo;قطْناraquo; على بعد 20 كيلومترا شمال شرقي حمص (وسط سورية). وقال المقدسي انها مخصصة لـraquo; تصنيع منتجات الدبس والعنب والنبيذ، ما سيعطينا فكرة على طبيعة تصنيع هذه المواد في فترة الدويلات الآراميةraquo; اي في القرن التاسع قبل الميلاد.