الثلاثاء: 2006.10.31

فنجان قهوة
أبو خلدون


ldquo;اسمي راشيل كوريrdquo; عنوان لمسرحية تحمل آلام الشعب الفلسطيني للأمريكيين، وتعرض حاليا في مسرح مينيتا لين في نيويوركrdquo;. وراشيل كوري فتاة أمريكية في الثالثة والعشرين من العمر، هجرت الولايات المتحدة إلى غزة للإعراب عن تضامنها مع كفاح الفلسطينيين من أجل الحصول على حقوقهم المشروعة، وشهدت المآسي والكوابيس التي يعيشونها في ظل الاحتلال ldquo;الإسرائيليrdquo;، وذات يوم، ذات جريمة، اعترضت راشيل طريق جرار ldquo;إسرائيليrdquo; وحاولت منعه من هدم منزل أحد الفلسطينيين، فدفع الجندي الأرعن جراره بقوة باتجاهها، وسحق جسدها تحت العجلات، في مشهد همجي وصفه صحافي كان شاهد عيان على الحادث بأنه ldquo;جبل لحم راشيل ودمها بالترابrdquo;.

وبعد استشهاد راشيل الذي وصفه إدوارد سعيد بأنه ldquo;مثال للبطولة والشرفrdquo;، لجأت الصحافية البريطانية كاترين فاينر، من صحيفة الجارديان، والمخرج والممثل ألان ريكمان، إلى جمع مذكراتها والرسائل الالكترونية التي كانت ترسلها من الضفة وغزة إلى أهلها وأصدقائها في الولايات المتحدة، وأعدا منها مسرحية تروي قصة كفاحها من أجل الحرية والديمقراطية والعدل، وأدت دور راشيل فيها الممثلة البريطانية ميجان دودز. وكان المفروض أن تقدم المسرحية في الولايات المتحدة في العام الماضي، في 16 مارس/آذار ،2005 بمناسبة الذكرى الثانية لاستشهاد راشيل، ولكن ذلك لم يحدث بسبب اعتراض اللوبي ldquo;الإسرائيليrdquo; بأن المسرحية مسيسة أكثر من اللازم، فجرى تقديمها في مسرح لندن رويال كورت في العاصمة البريطانية، وانتقلت هذا العام إلى مسرح مينيا لين في نيويورك، وهو مسرح يقع خارج منطقة المسارح المعروفة باسم ldquo;برودوايrdquo;.

وفي المسرحية، نتابع راشيل عندما كانت في العاشرة من عمرها (عام 1990)، تلقي خطابا في مؤتمر للجوع في العالم تبدأه بالقول: ldquo;أنا هنا نيابة عن أطفال آخرين، ولأنني أهتم بمصيرهم، أطفال يعانون من الجوع الذي يؤدي إلى وفاة 40 ألفا منهم يومياrdquo; وفي نهاية الخطاب، تقول: ldquo;أحلم بانتهاء الجوع في العالم مع حلول عام ،2000 وأحلم بإنقاذ 40 ألف طفل يموتون من الجوع يومياrdquo;.

ومع تقدمها في العمر، نما حس الطفلة الإنساني لديها وقادها إلى مناهضة الحرب، وأثناء دراستها الجامعية تنضم إلى اللجنة العالمية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وذات يوم، تقول لوالدتها: ldquo;إن النساء والأطفال وكبار السن في الأراضي الفلسطينية المحتلة يجعلون من أنفسهم دروعا بشرية لحماية منازلهم وأرضهم، وأنا أمضي وقتي هنا أصنع ملابس للعبيrdquo; وتسافر إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي غزة، تضطر إلى تسخير جزء كبير من رسائلها إلى أهلها وأصدقائها للرد على الذين يقولون إن لجوء الفلسطينيين للعنف لا يساعد على تهدئة الوضع، وتشرح سياسة التجويع والاعتقالات والقتل التي تتبعها ldquo;إسرائيلrdquo; ضد الأهالي، وتدميرها البنية التحتية للزراعة التي يعيش عليها معظم السكان، وإغلاقها المعابر لمنعهم من العمل، ومن تصدير منتوجاتهم، وإطلاق النار عليهم وإرهابهم عندما يتوجهون حتى للحصول على ماء الشرب من بئر القرية.

وفي غزة، سكنت راشيل في منزل أسرة فلسطينية فقيرة جدا، وتقول: إن الأسرة رفضت تقاضي أي مبلغ منها، رغم فقرها المدقع، وقالوا لها: نحن لا ندير فندقا لنأخذ منك مالا، ونساعدك لأننا نعتقد أنك ستنقلين صورة الوضع هنا إلى شعبك، فقولي لشعبك: ldquo;إننا نحب السلامrdquo; ونقلت راشيل الصورة، بدمها الذي جبله جرار يقوده جندي ldquo;إسرائيليrdquo; بالتراب.