ودفعت ربع مليون شاب إلى الهجرة
الخبير الاقتصادي اللبناني أكد أن التأزم الاقتصاديالموجود في البلد سيؤدي إلى الخراب



بيروت -صبحي الدبيسي


نبه الخبير الاقتصادي د. مروان إسكندر من أن التأزم الاقتصادي الموجود في البلد سيؤدي في نهاية الأمر إلى الخراب إذا ما استمرت الأمور على ما هي عليه, لأن السياسيين في لبنان لا يهمهم سوى تكريس مطالبهم السياسية قبل أية مقومات أخرى, وإن الحديث عن خصخصة القطاعات العامة يقابله اتهامات بسرقة أموال الدولة وإن حرب تموز وحدها حملت اللبنانيين خسائر بقيمة 7 بلايين دولار, لافتاً إلى أن ربع مليون متعلم غادروا لبنان بسبب تداعياتها على البلد بلغت كلفة تعليمهم 7 بلايين دولار أيضاً.
كلام د. إسكندر أتى في سياق حوار أجرته معه raquo;السياسةlaquo; رأى فيه أن 30 في المئة من المؤسسات الصغيرة في لبنان ستقفل إذا لم يتم الاعتماد على برنامج تسليفات سريع خلال الشهرين المقبلين, وأن هذه المؤسسات صرفت أعداداً كبيرة من عمالها.

د. إسكندر أشار إلى أن raquo;حزب اللهlaquo; دفع 281 مليون دولار على أنصاره ويطالب الدولة بدفع ما تبقى من تعويضات على المؤسسات من الاستدانة وإن هذه السياسة أدت إلى إفقار أكثرية اللبنانيين مقابل فريق أمكنه الاستفادة من السيولة النقدية... وأن الوضع في لبنان لن يستقيم إلا إذا استعاد ثقة المستثمرين العرب حيث بلغت نسبة الاستثمار فيه في الأشهر الستة الأولى 3 بلايين دولار وهي أعلى نسبة شهدها لبنان حتى الآن. وأن الفريق الذي قاتل من الخطأ أن يعتبر نفسه وكأنه له دين على كل العالم, علماً أن خسائر إسرائيل دولار واحد مقابل خسارة لبنان عشرة دولارات وقتيل واحد مقابل عشرة قتلى خسرهم لبنان.
الدكتور إسكندر رأى من خلال المذكرة التي قدمها رئيس الجمهورية بأنه لا يريد المحكمة الدولية وهذا الأمر ليس لصالحه, وأن لدى التحقيق 12 بليون مخابرة وأكبر شاهد في جريمة الحريري هم المجرمون أنفسهم, مؤكداً أن جزءاً من إطلاق حرب تموز هو لإلغاء البحث في هذه المخابرات وتجاوزها, مشيراً إلى وجود دلائل على من هم رؤوس في هذه الجريمة.
وقال: في حال رفض لحود المحكمة فإن مجلس الأمن باستطاعته تشكيل محكمة دولية من دون لبنانيين, مبدياً قلقه من الوصول في نهاية الأمر إلى كونفيدرالية وكل فريق يبني دولته على قياسه وإن الشرح كبير لأن هناك شعوراً لدى فئة بأنهم قادرون على فرض الأمور فرضاً على الآخرين... وفي موضوع العلاقة مع سورية سأل إسكندر لماذا يبدو دم اللبناني رخيصاً, فيما كرامة السوريين غالية?

وفيما يلي نص الحوار:

كل تشنج سياسي يرافقه تشنج اقتصادي, إلى أين ستؤول الأمور في البلد, وماذا بعد, وكيف تقرأ صورة الوضع القائم?

التأزم الاقتصادي الموجود في البلد سيؤدي في نهاية الأمر إلى الخراب إذا ما استمرت الأمور على ما هي عليه, لأن السياسيين في لبنان لا يهمهم سوى تكريس مطالبهم السياسية قبل أية مقومات أخرى, هذا بوضوح... وعندما نتكلم عن الخصخصة يقولون لا... هذه سرقة لمال الدولة... ما هي القطاعات التي خصصت مثلاً: شركة طيران الشرق الأوسط, اليوم قرأت تحليلاً للدكتور أيلي يشوعي يقول فيه إن raquo;الميدل إيستlaquo; قد تتخصص ببليونين, لا أعرف أين وجد هذا الرقم بعد خسارتها هذه السنة بما يزيد عن 600 مليون دولار مقابل ربح 50 مليون دولار في السنة الماضية... ولكن هذه الشركة كانت خاصة ثم أصبحت شركة عامة عندما فاقت خسائرها قدراتها وضع المصرف المركزي يده عليها للمساعدة على استمراريتها, عندما نتحدث عن خصخصتها يقولون هذه أملاك الدولة ولا يجوز التفريط بها... الدولة في الأساس ليست مالكة لmacr;raquo;الميدل إيستlaquo; إذا كان باستطاعتنا اليوم إرجاعها للقطاع الخاص وتدار بشكل فعال تعود وتقلع من جديد... فلماذا الكلام الرافض للتخصيص.

في موضوع الخلوي ماذا حصل?... في السابق كان هناك امتياز ينتهي في سنة 2008 حصل أخذ ورد كثير واتهم الرئيس الحريري بحصر الامتياز في أقاربه, ولكثرة ما ناله من سهام التشكيك ومن تصرفات الوزير جان لوي قرداحي أعاد الشركتين كي يتم تلزيمهم لشركة كويتية وأخرى ألمانية ماذا كانت النتيجة, هل خدمة الخلوي اليوم أفضل من قبل? بالعكس أصبحت أسوأ... هل طوروا الشبكة?... لم تتطور الشبكة! فلو كان هناك قطاع خاص يمتلكها ويعطي نتيجة أفضل فما هي المشكلة في ذلك? بالتأكيد أفضل... لكن السياسيين يرفضون ذلك?!.. هذه المواقف المترافقة بقصر نظر البعض, هي التي توصل إلى هذه النتائج..

حرب تموز: حملت اللبنانيين خسائر بmacr;7 بلايين دولار بين هدم منازل... والأضرار التي لحقت بالقطاعين الصناعي والزراعي وحتى التجاري... والمؤسسات والمنشآت من جسور وغيرها هؤلاء فقط خسائرهم بحدود 4 بلايين وبدلاً من أن يكون لدينا نمو إيجابي, أصبح النمو سلبياً وكان ممكناً زيادة الدخل ببليون ونصف, خسرنانهم وخسرنا فوقهم 4,2 بليون... مدخول الدولة نقص بليون دولار وهناك لا أتكلم عن خسائر القطاع السياحي والاستثمارات... وفوق كل ذلك خسارة اللبنانيين لأكثر من ربع مليون شاب متعلم غادروا لبنان إلى الخارج... ماذا يحصل?

هناك استعداد عربي للمساعدة, لكن كل هذا الاستعداد يذهب إلى استثمارات تعويضية أي لا تستخدم هذه الأموال لإضافة ما كان لدينا, لكننا نحاول أن نعود إلى حيث كنا كالمتسابق الذي قطع شوطاً كبيراً نحو الهدف ثم أعيد إلى حيث انطلق ليبدأ بالتسابق من جديد فبالطبع لن يعطي نفس النتيجة التي أعطاها في بداية السباق.

اليوم خسائرنا في هذه الحرب 7 بلايين إضافة إلى خسارتنا من طاقات الشباب كلفة تعليمهم توازي 7 بلايين دولار أيضاً, وانتهينا إلى أن المؤسسات الصغيرة في لبنان إذا لم تعتمد على برنامج تسليفات سريع خلال الشهرين المقبلين لإعادة النهوض فمن المؤكد أن 30 في المئة من هذه المؤسسات ستضطر إلى الإقفال, وهناك الكثير من هذه المؤسسات صرفت أعداداً كبيرة من عمالها, ولكن بعد نهاية شهر أكتوبر فإن 30 في المئة من هذه المؤسسات ستتوقف عن العمل وإذا لم تتوفر المساعدات المطلوبة حتى أواخر يناير فإن النسبة قد ترتفع إلى 50 في المئة ويتقلص الدخل القومي أكثر بكثير من تقديرات الخبراء. ومع ذلك ليس هناك انتباه للبلد من قبل السياسيين.

raquo;حزب اللهlaquo; لا شك قام بعمل كبير بالنسبة لرد العدوان الإسرائيلي على لبنان, لكنه حمل البلد خسائر كبيرة جداً تفوق قدرته على احتمالها... هم من جهتهم دفعوا تعويضات بقيمة 281 مليون دولار نقداً ويطالبون الدولة بدفع ما تبقى من تعويضات... لكن هذا جزء مما هو مطلوب, هم تولوا التعويض بالسيولة النقدية على أتباعهم ويطالبون الدولة بالتعويض على المؤسسات التي تضررت من الاستدانة يعني تحميل لبنان ديون أكبر للتعويض عن الخسائر الكبيرة في حين قاموا بالتعويض لمن يريدون ومن مصادرهم الخارجية. وبالتالي ماذا كانت النتيجة?... أفقرنا فئة من اللبنانيين.

صحيح أن المناصرين لmacr;raquo;حزب اللهlaquo; تعرضوا لخسائر بشرية ومادية كبيرة ولكن, في مجرى الحياة اليوم بقية لبنان أفقر, في حين بقي لدى raquo;حزب اللهlaquo; سيولة... وبالتالي كأنهم في مثل هذا الوضع مع المال والسلاح الذي بحوزتهم يرتهنون قرار الحكومة... وهذا أمر جداً مضر بمصلحة لبنان في المستقبل. لبنان لن يقوم إلا إذا استعاد ثقة المستثمرين العرب بصورة خاصة, وكان الإقبال على الاستثمار في لبنان في الأشهر الأولى من العام 2006 ثلاثة بلايين دولار من الاستثمارات وأكثر من السابق بحيث وصلت فيها الاستثمارات إلى بليون وثلاثمئة مليون دولار على مدار السنة. وبالتالي نطالب الحكومة بدفع كذا وكذا بعد أن دمرنا لها كل المرافق التي كانت تعتمد عليها لزيادة الدخل من ضريبة القيمة المضافة التي بلغت في الأشهر الستة الأولى من السنة 200 مليون دولار أكثر من المتوقع.
الآن لا يوجد شيء... وما كانت تنوي الدولة تحقيقه من بعض الزيادة على الواردات استعيض عنه بهذه الزيادة وكان العجز أقل مما نتصور.

الآن الفريق الذي جرى إضعافه وضع أمام الأمر الواقع ونطلب منه التعويض عن الخسائر... من هنا أقول بأن هناك شيئاً من اللاعدالة نتيجة تحميل الحكومة هذه الأعباء. علماً أنه مطلوب من الحكومة أن تنعش الاقتصاد, مطلوب منها أن تحرك الاقتصاد, لكن هذا الاقتصاد لن يتحرك عندما نجد أن مطالب بعض الفرقاء تتجاوز المعقول... أعطيت مثلين: raquo;الميدل إيستlaquo; والخليوي.. الخليوي ممكن أن يعطينا نتيجة جيدة لو أحسنا إدارة تخصصه, اليوم لبنان لا يريد فقط استثمار مشاريع, مطلوب استثمار في المنشآت الأساسية, مطلوب أموال للاستثمارات سواء في قطاع السياحة أو في قطاع المصارف وحصلت استثمارات كبيرة في هذين القطاعين.. أو في القطاع الصحي كمركز كليمنصو.. مطلوب استثمارات كبيرة مثل مشروع قطر بناء مصفاة لتكرير النفط.. حاجاتنا المحلية بحدود خمسة بلايين نوفر بثمنهم 20 في المئة. وإذا صدرنا الباقي إلى الخارج يتحسن ميزان المدفوعات بما يقارب 600 مليون دولار... المطلوب قبل كل شيء استعادة الثقة للمستثمر للعودة إلى لبنان, أما إذا استمر المناخ السياسي في هذا التناحر وكل زعيم يطرح علينا فلسفته الاقتصادية لا أمل في عودة الاستثمارات إلى لبنان.. ونكون أمام كارثة مستقبلية لا أحد يعرف نتائجها..

لماذا بتقديرك يحصل هذا الكباش السياسي, ولماذا لم يحصل نقاش حول نتائج حرب تموز على لبنان, ولماذا الإصرار على إسقاط الحكومة?

لأن الفريق الذي قاتل يعتبر نفسه وكأن له ديناً على كل بقية العالم بالرغم من أنه هو الذي ورط البلد في الحرب, ويعتبر نفسه من جهة ثانية أنه حقق نصراً في هذه الحرب.. علماً أن خسائرنا مقابل كل عشرة دولارات خسرناها خسر الإسرائيلي دولاراً واحداً, مقابل كل عشرة قتلى افتقدناهم خسر الإسرائيلي قتيلاً واحداً.. لست أدري أين النصر?.. هناك ناحية وحيدة حصلت هي أن إسرائيل قد تحسب حسابات كثيرة قبل مهاجمة أي بلد عربي وعندما نرى أن هذا الفريق يقوم بفرض شروطه على الحياة السياسية يعتبر أنه يتجاوز كل الاعتبارات المنطقية في بلد تحاول الناس أن تعيش مع بعضها بنظام شبه ديمقراطي, وبالتالي هناك تجاوز لما يجوز لأي طرف القيام به تجاه الأطراف الأخرى, هذا الأمر لا يمكن أن يستمر.

رئيس الجمهورية رفض المحكمة الدولية, ومواقف النواب ضده تجاوزت كل الخطوط, فما هو السبيل لعودة الاستقرار السياسي إلى البلد?

رئيس الجمهورية من خلال المذكرة التي قدمها بالأمس يؤكد بأنه لا يريد محكمة دولية, وكل الشروط التي سيضعها على المحكمة وعدد اللبنانيين التي ستضمهم المحكمة وعند الوصول إلى الأكلاف التي تتطلبها المحكمة سيرفض هذا الأمر بحجة الوضع المالي السيئ الذي يمر به لبنان. لذلك بدأ يلوح برفض المحكمة. بالطبع هذا الأمر ليس لصالحه, لأن هناك شكاً كبيراً حول دور الضباط الموقوفين وهم أقرب المقربين إليه, وإذا ما تجاوزنا شهادة الصديق.. وادعاءاته, يجب أن نفكر بكلام raquo;هسام هسامlaquo; وكيف تمت فبركة شهادته.. ولكن عندما يقول براميرتس في تقريره الذي قدمه في يونيو الماضي, بأن لدى التحقيق 12 بليون مخابرة هاتفية حصل على كل حيثياتها من 17 دولة وكل العالم يعرف أن الأنكليز في قبرص لديهم مركز تنصت على كل منطقة الشرق الأوسط, ولديهم أيضاً مركز تنصت على كل أوروبا وهناك شكوى أوروبية إن هذه المعلومات تذهب جميعها للولايات المتحدة الأميركية.

هنا... كل واحد تكلم في الهاتف وأعلن عن نية ما يوجد تسجيل لها وستظهر في نهاية التحقيق من بين المخابرت وليس من شهادة الصديق ولا من غيره وأكبر شاهد هم المجرمون على أنفسهم بالكلام الذي قالوه على الهاتف. ومنذ الإعلان عن 12 بليون مخابرة بدأت تتأزم الأمور. وأنا برأيي أن جزءاً من إطلاق الحرب هو لإلغاء البحث في هذه المخابرات وتجاوزها بالدخول في الحرب فمن يعود يهتم بالمحكمة والعدالة وفي الشرق الأوسط موضوع العدالة ليس في رأس اهتمامات القيمين على الشأن العام... أنا متأكد بوجود أدلة على من هم رؤوس هذه الجريمة وهذا واضح في تقرير براميرتس الثاني ومن قبله تقرير ميليس الذين يحاولون التشكيك به وهو الذي كشف جريمة عمرها 12 سنة في ألمانيا من خلال موضوع تسجيل المخابرات ومنح أعلى وسام في بلده على هذا العمل الذي قام به.

والقاضي براميرتس يعلن بأنه يبني على تقرير ميليس. والأدلة التي لديه هي من التنصت على المخابرات.. وكان ميليس قد ذكر في تقريره أن الضباط الأربعة كانوا يزودون المسؤولين السوريين بهذه المخابرات كل يوم, ولم يعد هناك شك بأن يكون هؤلاء الضباط مسؤولين ولا يكون الذين من فوقهم هم مسؤولون أيضاً. وكلنا نذكر أن ميليس أشار إلى بعض الأسماء من الذين كانت تصل إليهم التقارير اليومية.. وزير الاتصالات في لبنان جان لوي قرداحي كان يسلم المخابرات والاتصالات الهاتفية إلى رستم غزالي... في الحقيقة هذه المسألة من الصعب مناقشتها.

كلنا نعرف أن الأمم المتحدة لم تعترف بالتمديد وأن القرار raquo;1559laquo; واضح في هذا الخصوص وكل المسؤولين والرؤوساء الذين زاروا لبنان لم يتواصلوا مع الرئيس لحود, فإلى أي مدى سيكون قرار رئيس الجمهورية برفض المحكمة الدولية نافذاً?

لا يستطيع الرئيس أن يفعل شيئاً حتى إذا رفض المحكمة الدولية, لأن مجلس الأمن باستطاعته تشكيل محكمة دولية من دون إشتراك أي لبناني فيها وتجري محاكمة وتطلق أحكاماً ربما لا تستطيع تنفيذها أو توقيف المتهمين الكبار ولكن بمجرد ما يصدر أي حكم من المحكمة الدولية بحق أي مسؤول, فلا يعود له مستقبل كائناً من يكن... وهذا الموضوع لن يتم خلال ثمانية أو تسعة أشهر فيكون الرئيس لحود خارج الحكم.

وبالنتيجة إلى أين نحن ذاهبون?

إذا لم نحكم عقلنا وضميرنا فإننا جميعاً ذاهبون إلى وضع سيئ جداً وأسوأ ما فيه أن الشباب المتعلم والشرفاء في هذا البلد بدأوا يشعرون بخيبة أمل كبيرة جداً..

مع قرع طبول التصريحات التصعيدية بين مطالب برحيل الحكومة ومتمسك بها, هل تخشى عودة التقاتل فيما بين اللبنانيين?

لا أخشى حرباً داخلية لأنني لا أظن أن raquo;حزب اللهlaquo; سيوجه سلاحه ضد فرقاء آخرين, ولا الفرقاء الآخرين لديهم سلاح ولا يريدون الوصول إلى هذه النتيجة, ولكن, أخشى أن نصل إلى وقت يقولون فيه نحن لا نستطيع العيش مع بعض وكل فريق يكون له دولته كانتونه ونصبح مثل سويسرا وتحصل فيدرالية, وهذه الفيدرالية ليست بعيدة عن ذهن الناس لسوء الحظ تقول لي أن لبنان بلد صغير وهو أكبر من أن يقسم وأكبر من أن يبتلع.

... ولكن هناك أكثرية وأقلية ومناطق متداخلة ببعضها?

في سويسرا ألا توجد مناطق متداخلة مع بعضها... وفي الأماكن ذات الغالبية المعنية تتولى حكم الأقليات على شاكلة إدارات محلية وهناك تناوب على الرئاسة والوضع مستقر ربما في لبنان لن نصل إلى هذه المرحلة إذا استمرينا على هذا التفتت الظاهر.

هل تعتقد أن الشرخ كبير إلى هذا الحد, ألا يمكن رأب الصدع?

الشرخ كبير, لأن هناك شعوراً لدى فئة بأنهم قادرون على فرض الأمور فرضاً على الآخرين, وهذا خطأ في التقدير. لأنهم ليسوا قادرين على فرض شيء, والقول بأن الأغلبية تفرض.. قول مبني على خطأ ولأجل من تحاول الأغلبية أن تفرض رأيها على الآخرين... إذا كان مطلب المحكمة الدولية يعتبره حلفاء سورية بأنه فرض, هذا ليس فرضاً بل واجباً على كل لبناني أن يؤكد كشف هكذا جريمة.
ربما هذه المحكمة جديدة على اللبنانيين, لأن كل الجرائم التي حصلت منذ اغتيال كمال جنبلاط إلى الآن, لم يكشف عن أي جريمة ولا أحد تجرأ وسأل عن أحد.. فلماذا الإصرار على كشف قتلة الرئيس الحريري?

يجب أن نسأل... لماذا نقبل بذبح رجالاتنا... raquo;في أحد المرات كنت في حفل عشاء بحضور السفير الأميركي دايفيد ساترفيلد أحد الوزراء قال للسفير الأميركي: إن السوريين قد يغضبون إذا اضطروا للانسحاب بشكل غير لائق ما يجعلهم يقفلون الحدود بين لبنان وسورية. نظر إلي ساترفيلد وسألني رأيي في هذا الكلام, فأجبت بالقول: لماذا دم اللبناني رخيص إلى هذا الحد وكرامة السوريين غالية لهذا الحدlaquo;.
تطالب بخصخصة القطاعات لتلافي خسائر وهناك عدد من السياسيين يعتقدون أن الخصخصة تقضي على اليد العاملة من موظفين وعمال?

من قال إننا بالخصخصة نستغني عن العمال. الكويت أليست أغنى من لبنان, خصخصت قطاع الكهرباء وقطاع الهاتف, سورية خصخصت الهاتف ومحطات الكهرباء... نحن في لبنان مصرون أن نبقى في خضم التقوقع والتراجع, بينما الآخرون تجاوزوها بكثير في هذا المجال... لماذا يمنع التطور في لبنان, أي منطق يقول ذلك... إذا كانت الخصخصة تقوم على منطق واضح وقواعد شفافة تكون مسألة جيدة جداً.. من قال بالاستغناء عن الموظفين, الشركة الناجحة توظف أكثر من الشركة المفلسة وهذا ما حصل في إنكلترا كل القطاعات فيها مخصصة وفيها أقل نسبة بطالة في العالم.. وفي المقابل هناك تناسٍ لكل العمال الذين صرفوا من القطاع الخاص بينما وزير العمل يقترح بأن يعتادوا على البطالة والاستعاضة بعمال من دولة ثانية... نحن نطالب بقواعد اقتصاد حرة, وإطلاق سرح الاقتصاد اللبناني وليس لرجال الأعمال المباشرة بالعمل مع زيادة الفرص ونريد مستوى من الديمقراطية والنقاش يتناسب مع تطلعات الناس.

لماذا نجد اللبناني لا يقبل على الأعمال التي يقوم بها في الخارج مثل قطاع الإعمار والتنظيفات وغيرها, بينما في غالبية الدول العربية لا أحد يتردد في عمل أي شيء?

اللبناني يعيش إلى حد بعيد على تحويلات المغتربين من أقاربه, وهناك 35 في المئة من اليد العاملة اللبنانية تعمل في الخارج وتكسب أكثر مما ستكسبه في لبنان وتحول حوالي 5 بلايين دولار على مجموع العائلات اللبنانية التي هي بحدود سبعمئة ألف عائلة أي بما يوازي خمسة آلاف دولار سنوياً للعائلة. طبعاً هذا لا يعني أنها توزع بالتساوي... ولكن هناك دخلاً موجوداً... عندما خرج السوريون من لبنان وخرجت العمالة السورية خسر لبنان أكثر من 200 ألف عامل.. فتعطلت مرافق كثيرة وفي المقابل لم يقبل اللبنانيون على سد هذا الفراغ الحاصل.

لماذا هناك نوع من الحسد المشترك من قبل إسرائيل وسورية من لبنان وكل على طريقته?

النمو الاقتصادي في لبنان يقوم على التفاعل مع العالم وإسرائيل تطمح في يوم ما التوصل إلى كل العالم العربي والدول التي لم تتصالح بعد مع إسرائيل من العرب أصبحت معدودة, لبنان وسورية والكويت والمملكة العربية السعودية وبالتالي يشعر الإسرائيليون بأن نشاطات اللبنانيين على مستوى العالم تنافس نشاطاتهم وكلما شعروا بأن لبنان مرتاح اقتصادياً يخلقون لنا المشاكل... السوريون لبنان بالنسبة إليهم مصدر رزق معين طبعاً منه ما هو شرعي ومنه ما هو غير شرعي والشيء غير الشرعي الذي خسروه يتحسرون عليه كثيراً والعمالة السورية في لبنان أساس في ميزان المدفوعات السورية وبالتالي يريدون الاستفادة أكثر وخاصة إذا ما أعيدت السيطرة السياسية فيستفيدون من العمال وأرباب العمل على السواء بالإضافة إلى الجمارك والسياسيين وكل ما إلى ذلك.