الأربعاء: 2006.11.08


اليسار الهولندي ينتقد تصريحات رئيس الوزراءحول إعدام صدام

شعلان شريف ـ اذاعة هولندا العالمية

وجهت الأحزاب اليسارية في هولندا ـ حزب العمل، واليسار الأخضر، والحزب الاشتراكي، وديمقراطيو 66 ـ انتقادات شديدة لرئيس الوزراء quot;يان بيتر بالكنيندهquot; على خلفية تأييده لحكم الإعدام الذي أصدرته محكمة عراقية بحق الدكتاتور العراقي السابق quot;صدّام حسينquot;. وكان quot;بالكنيندهquot; قد صرّح يوم الأحد بأن هذه العقوبة تتناسب مع طبيعة السياسات العنيفة التي اتبعها quot;صدّام حسينquot; طوال فترة حكمه، لكنه أردف قائلا: إن هولندا تعارض عقوبة الإعدام.

ويبدو أن رئيس الوزراء قد ورط نفسه بتصريحه الذي لم يتحسب له جيدا؛ حيث التقطت أحزاب المعارضة هذه الكلمات لأسباب انتخابية ومبدئية لتشن حملة قاسية ضد رئيس الوزراء quot;باكينيندهquot; قبل أقل من أسبوعين من الانتخابات البرلمانية الهولندية.

فقد وصف quot;بيرت كوندرسquot; ـ النائب عن حزب العمل ـ كلام رئيس الوزراء بأنه quot;مؤسفquot;. بينما قال quot;هاري فان بوملquot; ـ من الحزب الاشتراكي ـ: إنه كان يتوقع من quot;بالكنيندهquot; أن يعبر بدون أيّ لبس عن الموقف الهولندي المعارض لعقوبة الإعدام، مضيفاً: أنّ quot;تأييد الحكم بالإعدام يتعارض مع مبادئ دولة القانون، ولا يعكس القيم التي يؤكد quot;بالكنيندهquot; دائماً على ضرورة احترامهاquot;.

quot;فيمكه هالسيماquot; ـ زعيمة اليسار الأخضر ـ عبـّرت أيضاً عن أسفها لتصريحات رئيس الوزراء، وقالت: إن هذه التصريحات تتعارض مع مبادئ الدستور الهولندي، كما تتناقض مع الموقف الذي تبنته الرئاسة الحالية للاتحاد الأوروبي، متمثلة في الحكومة الفنلندية. أما quot;ألكساندر بيختولدquot; ـ زعيم (ديمقراطيي 66) ـ فقد ذهب إلى وصف التصريحات بأنها quot;مخزية لهولنداquot;، مضيفاً: quot;مهما كانت جرائم أي شخص فظيعة، فإن عقوبة الإعدام تتناقض مع قيم الحضارة الغربيةquot;.

بينما دافع quot;ماكسيم فرهاخةquot; ـ زعيم الكتلة الديمقراطية المسيحية في البرلمان ـ عن رأي رئيس الوزراء، الذي ينتمي إلى الحزب نفسه، معبراً عن تفهمه لصدور حكم بالإعدام في بلد مثل العراق ما زالت العقوبة مطبقة فيه: quot;إن الحكم يبين حجم الظلم الذي ارتكبه ذلك النظامquot;، لكنه أكد أيضاً أن الحزب الديمقراطي المسيحي يعارض تنفيذ عقوبة الإعدام. ونفى أن يكون هناك تناقض بين موقف حزبه وموقف الاتحاد الأوروبي.

حزب الحرية والديمقراطية ndash;ليبرالي يميني- أوضح أنه لا اعتراض لديه على صدور حكم بالإعدام بحق الرئيس العراقي السابق. وقال النائب عن الحزب quot;هانس فان بالنquot;: إنه يعارض عقوبة الإعدام مبدئيّا، quot;ولكن هناك حالات استثنائية لا يمكن التخلص منهاquot;.

وردّ رئيس الوزراء quot;يان بيتر بالكنيندهquot; بأنه لا يفهم سبب الانتقادات الموجهة له؛ بسبب تعليقه على حكم الإعدام بحق quot;صدام حسينquot;، وقال: إنه quot;كان واضحاً تماماًquot; وأردف :quot;لا بدّ للحكم أن يأتي متناسباً مع حجم الانتهاكات التي ارتكبها النظام الدكتاتوري،quot; لكنه أشار إلى أنه أوضح في التصريح نفسه بأنه يعارض عقوبة الإعدام.

ردود الفعل العالمية
وقد وُجهت للمحكمة العراقية انتقادات كثيرة من قبل المنظمات العالمية لحقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية، ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش)؛ حيث ترى هذه المنظمات أن المحاكمة لم تكن عادلة ولا مستقلة، إضافة إلى معارضتها المبدئية لأحكام الإعدام. فقد أمرت الحكومة العراقية مرتين بتغيير رئيس المحكمة، وهو ما تعتبره المنظمات الدولية دليلاً على تدخل حكومي يضر باستقلالية القضاء. وتعتقد منظمة مراقبة حقوق الإنسان أن محاكمة دولية لـquot;صدامquot; وأركان نظامه خارج العراق هي الطريقة الوحيدة لضمان إجراء محاكمات عادلة.

ورغم الانتقادات الشديدة للمحكمة العراقية، فإن دولاً عديدة أبدت تأييدها للأحكام التي صدرت بحق quot;صدّامquot; وعدد من معاونيه. فقد وصف السفير الأمريكي في بغداد صدور الحكم بأنه quot;حدث مهمquot;. كما أبدى وزير الخارجية البريطاني تأييده للحكم :quot;شيء جيد أن تتم محاكمة الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم بحق الشعب العراقي من قبل العدالة العراقيةquot;.

وقد بدأت محاكمة quot;صدّامquot; في التاسع عشر من أكتوبر من العام الماضي، بعد حوالي عامين من إلقاء القبض عليه من قبل الجنود الأمريكان حين كان مختبئاً في حفرة تحت الأرض قرب مدينة تكريت. وقد دفع الدكتاتور السابق منذ الجلسة الأولى ببراءته من تهمة القتل الجماعي لـ 148 مواطناً من سكان بلدة الدجيل، وقد اغتيل ثلاثة من محاميه طوال فترة المحاكمة؛ مما جعل الدكتاتور السابق يبدأ إضراباً عن الطعام بعد حادثة الاغتيال الثالثة.

كما صرح quot;صدّام حسينquot; بأنه ـ في حال الحكم عليه بالإعدام ـ يفضل تنفيذ الحكم رمياً بالرصاص، وليس شنقاً، باعتباره عسكريًّا. وفي الحقيقة فإن quot;صدّامquot; لم يدخل الجيش أبداً، لكنه منح نفسه رتبة quot;مهيب ركنquot; عام 1979، وهي أعلى رتبة في الجيش العراقي.