جيمس زغبي


فاز الديموقراطيون، وخرج رامسفيلد من السلطة، أولئك الذين يهتمون لأمر الشرق الأوسط ينتظرون نشر التقرير الذي أعدته مجموعة دراسة العراق التي يرأسها بيكر وهاميلتون.
ويمكن أن نتذكر أن هذه المجموعة تشكلت بموجب قرار للكونجرس في مارس من عام 2005، ولديها تفويض quot;بتقديم تقييم مستقبلي للوضع الحالي والمقبل في العراق، بما في ذلك، اقتراحات واستشارات تتعلق بالسياسةquot;. ولهذا الهدف وضع الكونجرس على رأس فريق مكون من الحزبين الديموقراطي والجمهوري رجلين يتمتعان بالاحترام لما يتحليان به من عمق في التفكير وقيادة سابقة للسياسة الأمريكية الخارجية.

وزير الخارجية السابق جيمس بيكر خدم في إدارة جورج بوش الأب، وأشرف على الشؤون الخارجية في نهاية الحرب الباردة. وهو يتمتع باحترام كبير، لأنه تمكن من بناء تحالف دولي قوي خلال حرب الخليج 1990-1991، وبعد ذلك، في أعقاب تلك الحرب، تمكن من فرض ضغوطات متوازنة على كل من العرب والإسرائيليين من أجل عقد مؤتمر السلام الدولي في مدريد.
أما بالنسبة لعضو الكونجرس لي هاميلتون، فقد وضع بصماته كرئيس للجنة الكونجرس للعلاقات الخارجية. في الوقت الذي كان فيه أعضاء اللجنة منحازين في رؤيتهم للشرق الأوسط، قدم هاميلتون يداً ثابتة وعادلة. وهو معروف بعمق التفكير والتزامه بالتسوية، وكان أيضاً يشارك في رئاسة لجنة 11 سبتمبر التي كانت نتائجها وتوصياتها ذات رؤية بعيدة ومقبولة بشكل واسع، لكنها لم تطبق بشكل كامل بعد من قبل إدارة بوش الحالية.

وحيث إن مجموعة بيكر - هاميلتون تعمل بسرية، فقد برزت مجموعة من المراقبين الذي دأبوا على البحث عن مؤشرات للتوجهات التي تتخذها المجموعة. منذ عدة أسابيع، لدى عودته من العراق، وضع بيكر نفسه بعض المؤشرات الخاصة به خلال المقابلات، استبعد بشكل كامل تقريباً خيارين: التقسيم والانسحاب الأمريكي المبكر.
بعض المراقبين، الذين يدّعون أن لديهم معلومات داخلية، قالوا إن بيكر قد يفضل أن يسلك أسلوباً أكثر شمولية، وذلك بربط مشكلة العراق مع الشرق الأوسط بشكل أوسع. ويتوقع هؤلاء المراقبون أن مجموعة بيكر - هاميلتون قد تقترح شيئاً شبيهاً بإعادة عقد مؤتمر على غرار مؤتمر مدريد للسلام. ويتوقع آخرون، يدّعون أنهم يملكون معلومات أيضاً، أن تكون هناك خطة أقل طموحاً يتم إعدادها.
مهما كان بيكر - هاميلتون يخفون في ثناياهم، من الرائع أن نلاحظ كيف تبنى كل من الديموقراطيين والجمهوريين بضاعة لم تزل غير معروفة. عندما سُئل قادة الحزبين في اليوم التالي للانتخابات عن ماهية التغيير في الاتجاه التي قد تتخذها الولايات المتحدة في ضوء نتائج الانتخابات، كانت الإجابة هي نفسها: quot;نحن ننتظر بشغف نتائج تقرير بيكر - هاميلتونquot;.

من ناحية، يمكن رؤية هذه الإجابة كمؤشر للاحترام العميق المستحق لرئيسي لجنة دراسة العراق. كما أنها تدل أيضاً، وبشكل واضح، على عدم قدرة أي من الحزبين على تقديم بديل متفق عليه لحل الأزمات المتعددة التي تلف الشرق الأوسط اليوم. في هذا الشأن، أصبح بيكر - هاميلتون مثل الدواء الشافي لجميع الأمراض الذي يأمله الجميع.
ولأنني أحترم كلاً من جيمس بيكر ولي هاميلتون كثيراً، فإنني واثق بأنهما قد يقدمان لنا تغييراً ضرورياً في الاتجاه. أقول هذا، على أي حال، مع 3 توضيحات.

اقتراحاتهما يجب أن تكون شاملة. إن الأزمات التي نواجهها في الشرق الأوسط عميقة وواسعة إلى درجة كبيرة، وفي هذه النقطة، فهي مترابطة بوضوح، من العراق إلى لبنان وفلسطين، المنطقة في فوضى، والسياسة الأمريكية مؤخراً لم تزد الظروف الصعبة أصلاً إلا تعقيداً.

وكما قال إدجرجيان، وهو مساعد سابق لوزير الخارجية، ويعمل في مؤسسة بيكر إنستتيوشن، فإن صراعات المنطقة المتعددة قد تعززت، وغذت بعضها بعضاً، مما يجعل الحل الشامل لا مفر منه.
إذاً، إذا كانت توصيات لجنة دراسة العراق شاملة وجيدة، وتمثل تغيراً هاماً في السياسة، قد يكون هناك أمل. لكن هذا الأمل لن يتحقق إلا إذا تبنت الإدارة بعد ذلك هذه التوصيات وغيرت توجهاتها.
إن ما سيكون مطلوباً أيضاً، هو أن القادة السياسيين في كلا الحزبين، خاصة الذين يطمحون إلى الرئاسة، لا يستخدمون التوصيات ككرة قدم سياسية.

أما ما يقلقني، فهو أنه عندما تم تقديم توصيات في تقرير للجنة مفوضة من الكونجرس حول مشكلة الشرق الأوسط إلى الإدارة الأمريكية آخر مرة، كانت النتائج أقل من مرضية. تقرير ميتشل الذي قدم في مايو 2001 تضمن أسلوباً للتقدم إلى الأمام، لحل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. وبدلاً من استخدام الطريقة المتوازنة التي طالب بها ميتشل، تركت الإدارة الأمريكية الإسرائيليين يعيدون تحديد شروط المفاوضات، مما أسفر عن جمود وانهيار الجهود السلمية.

أنا أيضاً، لست واثقاً كثيراً من كيفية سلوك الحزبين في الكونجرس. فقد لعبت السياسة الحزبية كثيراً في الماضي دوراً معيقاً في محاولات صنع السلام. يمكننا أن نتذكر مثلاً كيف، بعد اتفاقيات أوسلو، تحركت مجموعات ضغط داخلية لإجبار الكونجرس على اتخاذ سياسة مثقلة بالتشريعات، حتى إن الكونجرس أعاق بدلاً من أن يدعم عمل إدارة كلينتون.
سوف تتضح الأمور خلال الأشهر القليلة القادمة. سوف نرى خلال أسابيع التوجه الذي سوف تأخذه توصيات لجنة دراسة العراق.
وسنعلم حينئذ ما إذا كان انتظار الإدارة والكونجرس لتقرير بيكر - هاميلتون مجرد إضاعة للوقت، أم صرخة جماعية صادقة لطلب المساعدة.