الجمعة 15 ديسمبر2006

سعد محيو


نبادر إلى الدعاء: اللهم احفظ لبنان.

ثم بعد الدعاء الرجاء بأن تبقى الأزمة الراهنة حبيسة السياسة، ولا تغادرها إلى الأتون الأمني.

لكن هل هذا ممكن؟

السؤال مخيف بما فيه الكفاية. لكنه مطروح بقوة في بلاد الأرز، التي تتمخض هذه الأيام بعنف، من دون أن يعرف أحد ما سيلد هذا المخاض.. فأراً أم فيلاً.

صحيح أن مئات ألوف المعارضين والموالين ينزلون إلى الشوارع من دون تسجيل ldquo;ضربة كفrdquo; واحدة، لكن الصحيح أيضاً أن لبنان يكاد يختنق ليس فقط بالعصبيات المذهبية والطائفية، بل أيضاً بالشبكات الإرهابية والاستخباربة من كل الانواع والأصناف، القادرة في أية لحظة على قلب الحرب الباردة الراهنة إلى حرب ساخنة.

لماذا لا ينتهز الإرهابيون والاستخباريون الفوضى الأهلية والسياسية الراهنة، ليفجّروا الوضع؟ ما الذي يمنعهم، مثلاً، من نسف مسجد سنّي هنا، ثم حسينية شيعية هناك، ثم خلوة درزية أو كنيسة مارونية هنا وهناك؟

الإجابة المحددة غير جاهزة. فالضباب هو سيد الموقف، وكل من يحاول الخوض في التكهنات، عليه أن يفعل ذلك وهو يتلمس طريقه وسط الظلام. كل ما يمكن قوله إنه يبدو أن الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالأزمة اللبنانية لم تصل (حتى الآن على الأقل) إلى قرار التفجير الأمني.

كل الأطراف لها أجهزة استخباراتها التي تعمل بأقصى طاقتها. وكلها (بما في ذلك ldquo;إسرائيلrdquo;) لها صلاتها الوثيقة بالعديد من الخلايا الإرهابية، التي تعتبر الآن أمضى أسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط.

لكن يبدو أن قرار العمليات لما يصدر بعد لهذه الأجهزة والخلايا.

لماذا؟

لأحد أمرين:

إما لأن المحورين الأمريكي والإيراني لا يريدان خوض مجابهة عنيفة أخرى على أرض لبنان، قبل أن يستخلصا نتائج وأبعاد حرب الأسيرين التي لم يهدأ غبارها بعد.

أو لأن المجال لا يزال مفتوحاً امام صفقات سياسية بين المحورين، لا تقتل ناطور 14 آذار ولا تفني عنب 8 آذار.

نائب الرئيس السوري فاروق الشرع عبّر بوضوح عن هذا الخيار الثاني، حين قال مؤخراً إن دمشق يمكنها حل الأزمة اللبنانية الراهنة ldquo;خلال خمس دقائق، إذا..rdquo;، في حين كانت واشنطن تلمح إلى أنها مفتوحة على فكرة الحلول ldquo;طالما أنها لن تدحرج رأس حكومة فؤاد السنيورةrdquo;. وكذا فعلت كل من طهران وتل أبيب.

على أي حال، لبنان لا يزال يقف على حافة الهاوية من دون أن ينزلق إليها، برغم ldquo;حروب الشوارعrdquo; التي تجري على قدم وساق، وبرغم شلل كل مؤسسات الدولة اللبنانية، من رئاستي الجمهورية والحكومة إلى مجلس النواب وباقي الإدارات العامة.

وهذه معجزة في حد ذاتها يجب أن يصلّي الجميع لأن تستمر، إلى ان يقضي الله اتفاقاً كان مقضياً بين الأطراف الإقليمية والدولية.

حفظ الله لبنان.