وليد شقير
ثمة سعي مقصود الى تشويه موقف رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة في القمة العربية، من أجل تبرير الهجوم عليه. فكل ما طالب به الرجل هو ان يخرج قرار القمة بتأكيد laquo;حق الشعب اللبناني في المقاومة وفي تحرير أرضه والدفاع عن كرامته في مواجهة الاعتداءات والأطماع الإسرائيليةraquo;، بدلاً من العبارة التي وردت في القرار والتي تؤكد ان laquo;المقاومة اللبنانية تعبير صادق وطبيعي عن حق الشعب اللبناني في تحرير أرضه والدفاع عن كرامته...raquo;.
أراد السنيورة إعطاء حق المقاومة للشعب اللبناني لأن لترجمة هذا الحق عملياً آليات سياسية ودستورية تأخذ في الاعتبار مكونات المؤسسات. وهنا الخلاف: كيف تتم ممارسة هذا الحق؟ عبر الدولة أو من خارجها؟ وهذا ما هو مطروح على طاولة الحوار الوطني. وحين يكون هناك سعي مقصود لتشويه موقف السنيورة من أجل شن هجوم على هذا الموقف، انطلاقاً من تشويهه، يصبح الهدف غير ذلك المعلن.
ومن الواضح ان اللبنانيين توافقوا على استمرار المقاومة حتى تحرير مزارع شبعا، التي اتفقوا أيضاً على اعتماد الديبلوماسية لتحريرها عبر تثبيت السيادة اللبنانية عليها من خلال الاستحصال على وثيقة سورية تكون بمثابة اتفاق بين الحكومتين تعترف به الأمم المتحدة لمطالبة إسرائيل بالانسحاب منها. لكن من الواضح ايضاً ان الخلاف لا يزال قائماً حول مصير المقاومة بعد تحرير مزارع شبعا واستعادة الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية. هل تبقى، أم تصبح في عداد الجيش اللبناني؟ لم يكن منتظراً ان يحسم الافرقاء اللبنانيون الخلاف على مصير المقاومة بعد تحرير مزارع شبعا خلال مؤتمر الحوار. بل كان التفاهم الضمني بينهم ان هذا استحقاق مؤجل وان مؤتمر الحوار الوطني سيختتم أعماله في ما يخص سلاح المقاومة على صيغة عامة تربط الأمر بعملية معقدة لها علاقة بما سمّي laquo;الاستراتيجية الدفاعية للدولة اللبنانية، في مواجهة الاعتداءات والأطماع الإسرائيليةraquo;، والتي يتطلب التوصل اليها المزيد من الوقت، قد يقاس بالأشهر وقد يقاس بالسنوات. فالجميع مدرك ان مسألة سلاح المقاومة لها علاقة بالوضع الإقليمي ويصعب على اللبنانيين ان يتفقوا حولها بمعزل عنه على الأقل في المدى المنظور. ولهذا الغرض طرحت في كواليس مؤتمر الحوار فكرة تشكيل لجنة تضع خطة دفاعية استراتيجية يجري تطبيقها تدريجاً بحيث تأتي معالجة سلاح المقاومة في نهايتها.
لماذا الهجوم على السنيورة اذاً؟ هل هو هجوم مضاد من جانب حلفاء دمشق على مطلب تنحية رئيس الجمهورية اميل لحود؟ وهل ان مسألة استمرار المقاومة صارت مرتبطة ببقاء لحود بالنسبة الى laquo;حزب اللهraquo;. وهل هو تكرار للحجة السورية القائلة إن التمديد للحود جاء نتيجة عدم وجود بدائل عنه يقفون الى جانب سورية في مواجهة الضغوط عليها فتصبح الحجة الآن ان لا بديل من لحود للوقوف الى جانب المقاومة؟
إن النتيجة الأولى لهذا السجال والمشادات حول الموقف من صيغة قرار الجامعة العربية في شأن المقاومة، بدءاً من الخرطوم، وصولاً الى بيروت، هي ان السجال لم يعد قائماً حول تنحية لحود وتغييره بل انتقل بطريقة مفتعلة الى الموضوع الشائك المتعلق بالمقاومة، وما يسمح بهذا الانتقال هو تشويه موقف السنيورة عن طريق اتهامه بأنه يريد شطب حق laquo;المقاومةraquo; من نصوص الجامعة العربية، فيما هو يريد ربطه بخيار الشعب اللبناني.
لقد شعر حلفاء دمشق بأن مطلب الأكثرية إقالة لحود تعثر وقد يتأخر، فقرروا القيام بالهجوم المضاد، عبر جعل السنيورة هدفاً لهم، كممثل لهذه الاكثرية وللمطالبين بإزاحة رئيس الجمهورية. وشعر حلفاء دمشق ودمشق نفسها بأن ما أنجزه مؤتمر الحوار حول عناوين العلاقات الثنائية (علاقات ديبلوماسية) والسلاح الفلسطيني ومزارع شبعا بات يفرض تطبيقاً لبنوده على الجانب السوري بإلحاح من الدول العربية الفاعلة التي اشترطت نتائج من مؤتمر الحوار لدعم لبنان من أجل تطبيقه، فهل المطلوب أزمة أخرى تحيد الأنظار عن استحقاقات تنفيذ ما اتفق عليه في الحوار حتى الآن، عبر تضخيم الأزمة مع السنيورة؟
التعليقات