الأربعاء: 2006.04.05

سردار عبدالله

لم يكن في بالي ان اعود للكتابة عن بعد آخر من ابعاد ودلالات حدث القاء القبض على الديكتاتور السابق تشارلز تايلور وتقديمه للعدالة بهذه السرعة, لكن المقال الذي كتبه عبدالباري عطوان صحيفة القدس العربي والذي حمل عنوان quot;شكرا للسيدة كونداليزاquot; اجبرني على هذا الخيار. المقال يتحدث عن اعتراف وزيرة الخارجية الامريكية عن آلاف الاخطاء التاكتيكية التي ارتكبتها امريكا في العراق, لكنها دافعت عن واكدت على صواب الخيار الاستراتيجي للحرب واسقاط نظام صدام.. طبعا, وكعادته يلجأ الزميل عبدالباري الى ادواته المعهودة في التفسير والتأويل, وهذا حق شخصي, اذ لكل الحق في استخدام الادوات التي تلاءم رؤيته, لكن المسألة برمتها تظهر ان المعارضين لاسقاط صدام ونظامه لازالوا يتراكضون خلف ابسط التصريحات لـ(يستنتجوا) بأن امريكا قد ارتكبت خطأ استراتيجيا كارثيا ب(بتوريط) نفسها في (المستنقع) العراقي.
بعد اسقاط صدام, تصدرت ليبريا ورئيسها آنذاك والديكتاتور السابق حاليا, تشارلز تايلور عناوين الاخبار, كان الوضع الذي خلقه تايلور مأساويا للغاية, وكان العالم يتفرج عاجزا على عذابات الليبيريين, لكنه وللحقيقة ايضا يجب ان نقول بأنه كان عالما غارقا في النفاق الى ابعد الحدود. كان العالم في تلك اللحظة متمرسا ضد الولايات المتحدة الامريكية وحلفاءها لتدخلهم ومساعدتهم للعراقيين على تحرير انفسهم من احتلال صدام لبلادهم, وكان قد وضع نفسه في موقف مخجل يعادي تدخل امريكا في مثل هذه الامور, وفي المقابل كان احوج مايكون الى هذا التدخل لايقاف نزيف الدم الليبيري, فكان في وضع لايحسد عليه, اذ كان من الصعب ان يطالب وبصورة علنية ومباشرة بتدخل امريكي لايقاف الكارثة.
انني استذكر كل هذه الامور لانني كنت اتابعها بدقة, وقد اضطررت للكتابة حينها داعيا الولايات المتحدة الامريكية الى التصدي لمسؤولياتها الانسانية والاخلاقية بصفتها القوة العظمى في العالم, وغض الطرف عن موقف العالم الغارق في النفاق والجبن, والاسراع في اغاثة الشعب الليبيري المغلوب على امره وتحريره من طغيان تايلور. واتذكر انني قلت ان اية ضحايا اضافية تتحمل امريكا مسؤوليتها, وانها مضطرة في جميع الاحوال الى التدخل, وانها بفعل خيرا كلما اسرعت في التدخل.
الآن ليبيريا آمنة واجرت انتخابات ديمقراطية انتخب فيها الشعب الليبيري سيدة من ابنائه, فلماذا يغض العالم الطرف عن ذلك الانجاز الذي لم يكن من الممكن ان يحدث لولا تدخل امريكا.. انه النفاق بعينه.

[email protected]