الخميس: 2006.05.11
سردار عبدالله
تحول العراق الى بؤرة لتجمع قوى الارهاب العالمي والاقليمي، وبذلك اصبحت نتائج معركة العراق مصيرية بالنسبة لهذه القوى، وفي نفس الوقت حاسمة بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية ومشروعها لنشر الديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط الكبير. لكن يظل العراق الطرف الاساسي في هذه المعركة، سواءا على مستوى التأثير، او الاسباب، او حتى النتائج. لذا فإن مسألة مكافحة الارهاب تظل تشكل التحدي الاول بالنسبة للحكومة الجديدة.. وان اية انجازات تحققها الحكومة على هذا الصعيد، يعتبر انتصارا على مجمل جبهة الارهاب العالمي، والعكس صحيح ايضا، فإن اية انتكاسة، تعد بالتأكيد انتصارا لجبهة الارهاب العالمي. لذا فإن المعركة تظل بالنهاية معركة العراق، ويجب ان ينتصر فيها، وهذا بدوره يحتم على الحكومة تبني استراتيجية شاملة واضحة، وعملية تؤدي الى تحقيق النصر المؤكد.
تجسدت مشكلة السلطات العراقية في التعامل مع الارهاب الى حد هذه اللحظة، في اختلاط الكثير من الامور ببعضها البعض، ومنها اختلاط المسلحين العراقيين المعادين للعملية السياسية، بالارهابيين الاجانب من عناصر القاعدة وغيرها. وهذا الواقع في حد ذاته، خلق صعوبة في تبين الصورة، واجراء تصنيف واضح لهذه الجماعات. ولكن ومنذ اشهر، بدأت بعض العشائر في مناطق الغرب العراقي، بمحاربة الارهابيين الاجانب، بالتوازي مع هذه الجهود بدأت رئاسة الدولة ممثلة بشخص الرئيس طالباني اجراء اتصالات مع بعض الجماعات المسلحة، بهدف القاء السلاح والانخراط في العملية السياسية. وقد لقيت هذه الاتصالات ترحيبا واسعا من قبل العراقيين. في الاطار نفسه اعلن رئيس الوزراء المكلف السيد نوري المالكي، عن استعداده للتحاور مع الجماعات المسلحة.
المالكي الذي ظل البعض يراهن على انه سيتخذ مواقف متشددة، يظهر منذ بدايات طريقه، كثيرا من المرونة والعقلانية، فما اعلنه يتجاوز بكثير حدود مجرد الاستعداد للتحاور مع هذه الجماعات، ويتخذ شكل استراتيجية واضحة الاهداف والمعالم، تتجلى في نيته اطلاق مبادرة سلام، مما يعني ان المرونة التي يبديها رئيس الوزراء ليست من قبيل رد الفعل على بعض الاقاويل، بل هي تستند الى رؤية واضحة وحازمة تدرك مسيرها، لذا فهي تعرف كيفية الوصول الى النتائج المرجوة. رؤية المالكي تتجسد في مبادرة سلام تدخل ضمن استراتيجية معلنة هي مكافحة الارهاب، وليس الرضوخ له. ومن المتوقع ان تحقق هذه المبادرة نجاحات ملموسة، بالنظر الى انها تصدر عن حكومة تحظى بتأييد كل القوى الاساسية، ولاننسى بأن وجود الرئيس طالباني على رأس الدولة يزيد من نسبة هذه النجاحات.
[email protected]
التعليقات