الخميس: 2006.08.24
هيلين كوبر وكايكل جوردون
كان من الصعب دائماً على وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس المحافظة على تماسك التحالف الهش المكون من القوى العالمية التي تحاول كبح جماح الطموحات النووية الإيرانية، وذلك قبل أن تأتي الحرب التي اندلعت بين إسرائيل ومقاتلي quot;حزب اللهquot; في لبنان، كي تجعل هذه المهمة أصعب من ذي قبل.
وعلى الرغم من أن رد إيران الرسمي على quot;حزمة الجزرquot; أو بالأحرى quot;الحوافزquot; التي قدمتها الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والصين، كإغراءات لها قد جاء في عدد كبير من الصفحات (21 صفحة)، فإن النقطة الرئيسية فيه، كانت هي أن قادة إيران لم يوافقوا على تعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم التي كانت تمثل المطلب الرئيسي لدول التحالف. والسؤال الآن هو ما إذا كان يمكن للوزيرة رايس، التي عادت من إجازتها هذا الأسبوع، والتي قامت بدراسة الرد الإيراني، أن تحافظ على تماسك التحالف بحيث يمكنه استخدام quot;حزمة العصيquot; ضد إيران.
هذا الأمر لن يكون سهلاً، وهو ما يرجع جزئياً إلى أن مجلس الأمن الدولي، سيقوم بالتصويت على حزمة العقوبات كما هو مفترض. وعلى الرغم من أن الأعضاء الدائمين في المجلس، هم فقط الذين يحق لهم التصويت، فإن هناك تخوفاً متزايداً في أوساط الدبلوماسيين الأوروبيين من أن يؤدي الغضب الشديد الذي تشعر به الدول الأصغر في المجلس بسبب الطريقة التي عالجت بها الولايات المتحدة -والآن فرنسا- الأزمة اللبنانية إلى توفير غطاء سياسي لكل من الصين وروسيا للتراجع عن فرض عقوبات قاسية ضد إيران.
وعلى الرغم من أن فرنسا كانت مصممة مثلها في ذلك تماماً مثل الولايات المتحدة على فرض عقوبات قاسية على برنامج إيران النووي، فإن موقفها في الآونة الأخيرة قد جعل العديد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، تحاول أن تنأى بنفسها عن المساهمة ضمن قوة حفظ السلام في لبنان، وذلك عندما قامت -فرنسا- بعرض المساهمة بـ200 جندي فقط في هذه القوة.
وحول هذه النقطة أدلى دبلوماسي أوروبي -اشترط عدم ذكر اسمه بحسب القواعد الدبلوماسية المألوفة- بتصريح قال فيه: quot;إن الوضع في لبنان كان سبباً في إثارة الكثير من الشكوك وسوء النوايا التي أرى أنها ستؤثر على مهمة حفظ السلام في هذا البلدquot;.
كان إقناع تلك المجموعة بمعاقبة إيران عملاً صعباً دائماً. يرجع ذلك إلى حقيقة أن كلاً من روسيا والصين تمتلكان مصالح اقتصادية ضخمة في إيران، مما كان يدفعهما بالتالي إلى النفور من اتباع أداة العقوبات الخشنة. علاوة على ذلك، فإن الغرب كان يجد نفسه مضطراً إلى توخي الحرص في الخطوات التي يتخذها في سياق معالجته لهذا الموضوع، لأن فرض العقوبات في المكان الذي يمكن فعلاً أن يؤذي إيران وهو قطاع الطاقة لديها، كان سيؤدي حتماً إلى رفع أسعار النفط العالمية المرتفعة الآن بالفعل، مما يلحق الضرر بالغرب نفسه في نهاية المطاف.
كان هذا هو الطريق الصعب الذي وجدت quot;رايسquot; نفسها مضطرة للسير فيه حتى قبل أن تبدأ الأزمة اللبنانية.
وعلى الرغم من أنه لم يعد هناك حديث بين القوى الكبرى في العالم حول ضرب إيران عسكرياً، فإن الدبلوماسيين الأوروبيين بشكل خاص أعربوا عن مخاوفهم من تدهور الأوضاع بشكل سريع، إذا لم تنجح تلك العقوبات، خصوصاً عند الأخذ في الحسبان أن الولايات المتحدة قد جرَّت تلك القوى إلى ثلاث حروب في هذه المنطقة في العراق وأفغانستان ولبنان، وأنها لا تريد أن تنجرَّ إلى الحرب الرابعة ضد إيران.
وكان مسؤولون في إدارة بوش قد صرحوا بأن quot;رايسquot; تلقت تطمينات في شهر يونيو الماضي بأن روسيا ستقوم على أقل تقدير بالتوقيع على المرحلة الأولى من عقوبات خفيفة يفرضها مجلس الأمن إذا ما رفضت إيران تعليق نشاطها في تخصيب اليورانيوم. والاحتمال الأكثر ترجيحاً هو أن تتضمن تلك العقوبات حظراً على سفر المسؤولين الإيرانيين إلى الخارج وقيوداً على ورادتها من التقنيات المرتبطة بالمواد النووية.
ويذكر أن المسؤولين الأميركيين قد حاولوا جاهدين إظهار التحالف بأنه موحد وعارضوا التلميحات التي تقول إنه يمكن أن يتقوض. وقال مسؤول من إدارة بوش، رفض الإفصاح عن اسمه لأن طبيعة وظيفته تستدعي ذلك: quot;لا أعتقد أن هناك أية شكوك بخصوص صدور قرار بشأن فرض عقوبات على إيرانquot;.
بيد أن بعض الدبلوماسيين يقولون إن الأمر الذي لاشك فيه هو أن العقوبات المبدئية ستكون مخففة بدرجة تجعلها غير فعالة وإنْ كانوا قد تنبؤوا في نفس الوقت بحدوث اضطرابات إذا ما قامت الولايات المتحدة بتحريض روسيا والصين على استهداف قطاع الطاقة الإيراني. فعلى الرغم من أن إيران تجلس على واحد من أكبر مستودعات النفط المعروفة في العالم، فإنها تستورد 40 في المئة من احتياجاتها من البنزين بسبب عدم امتلاكها العدد الكافي من مصافي تكرير النفط.
علاوة على ذلك تمتلك روسيا والصين استثمارات في قطاع النفط الإيراني، تدفعهما شأن بعض دول الاتحاد الأوروبي إلى التفكير أكثر من مرة قبل السماح بفرض عقوبات، تحول دون شرائها النفط الإيراني أو تحد من استثماراتها في ذلك القطاع. وهناك نقطة أخرى، وهي أن القرارات الصادرة من الأمم المتحدة كانت عادة ما تواجه صعوبات في تنفيذها قبل أن تجيء الحرب الأخيرة بين إسرائيل وquot;حزب اللهquot; لتلقي بالمزيد من الشكوك على قدرة الأمم المتحدة على تنفيذ قراراتها. فإيران خرجت من الأزمة الأخيرة في لبنان أكثر قوة حيث أظهرت للعالم أنها تستطيع أن تلحق الدمار بأعدائها من خلال دعمها لمليشيات quot;حزب اللهquot;.
لذلك فإن قيام الدول الكبرى بملاحقة إيران في الوقت الذي لم يتم فيه بعد حسم الصراعات في أفغانستان والعراق والآن لبنان، سيمثل تحدياً كبيراً لقدرة قادة العالم على تنفيذ القرارات التي يتم اتخاذها لمعاقبة إيران.
التعليقات