الثلاثاء: 2006.08.2913

جمعية تحتج للحكومة على التمويل


المنامةـ فيصل الشيخ

استنكرت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية كبرى الجمعيات السياسية في البحرين التبريرات الرسمية التي صدرت من قبل وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة أثناء اجتماعه مع عدد من النواب حول حملة التجنيس الأخيرة لمنح آلاف من الوافدين الجنسية البحرينية والتي ستستغل بشكل واسع للتأثير في العملية الانتخابية المقبلة، رغم تأكيد السلطات أنها ستضع شروطاً أكثر صرامة للحصول عليها.

وقال سعيد الماجد عضو الأمانة العامة ورئيس اللجنة العليا التي شكلتها الوفاق مؤخرا للتعامل مع حملة التجنيس الأخيرة: ان ما ساقه الوزير من تبريرات لن يقنع المواطنين الذين يزاحمهم المجنسون الجدد في كل الخدمات التي يطلبونها وعلى رأسها الإسكان والتعليم والصحة وغيرها، وأضاف ان المواطنين لن يرضوا بذلك خوفا على مستقبل الوطن ومستقبل أبنائه، خصوصا مع قناعة الجميع بمن في ذلك القيادة السياسية بمحدودية مساحة البحرين ومواردها.

وقال الماجد إن من دواعي الاعتزاز بالجنسية البحرينية التي يتحدث عنها الوزير، حماية أصحابها الحاليين ومنحها فقط لمن يستحقها بشكل مقنن جداً ووفقاً لشفافية عالية كأن يتم إعلان أسماء طالبي الجنسية في الجريدة الرسمية، كما حدث ذلك في إعلان منشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 19 يناير/كانون الثاني عام 1970.

ووصف الماجد معقباً على ما ذكره الوزير من أن الحالات التي تم منحها الجنسية هي حالات مستوفية للشروط والمتطلبات التي حددها قانون الجنسية البحرينية بأنه حديث غير واقعي، ذلك لأن هناك حالات لآسيويين تم منحهم الجنسية بعد عملهم في مؤسسات خاصة لمدة تقل عن السنتين، وحالات أخرى يتم الآن توثيقها وجمعها لعرضها على الرأي العام خلال الأيام المقبلة.

وقال الماجد إن هذا البرنامج سيطرح ضمن نقاشات اجتماع يعقد مساء اليوم الثلاثاء مع عدد من الجمعيات السياسية في مبنى جمعية ldquo;وعدrdquo;، وذلك رغبة من الوفاق في ان يكون التحرك مشتركاً على صعيد وطني شامل.

وكان وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة قد أكد أن البحرين وطن الجميع، وان البحرينيين يشكلون نسيجاً وطنياً واحداً ولم ولن يكون منح الجنسية البحرينية في أي وقت بقصد ما يُدعى بأنه تغيير للتركيبة السكانية أو انه تجنيس سياسي أو عشوائي وان الأمر في حقيقته هو تجنيس واقعي وقانوني.

وقال الوزير خلال لقائه النواب عبدالهادي مرمن جهة أخرى، أعلنت 13 جمعية سياسية بحرينية أنها رفعت خطاباً إلى رئيس مجلس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة أكدت فيه أن وزارة العدل لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه معها حول تمويل العام ،2006 وطالبت بتمويل الجمعيات بالتساوي لهذا العام.


إن المشروع المحلي لحزب الله المرتبط بالمشروع الخارجي والامتداد الاستراتيجي، يتناغم ويلتقي بطبيعته مع المشروع الإيراني في صراعه مع الولايات المتحدة الأمريكية، والكيان الصهيوني، الذي يشكل أداة لتنفيذ المشروعات الأمريكية، إن كان في فلسطين أو العراق أو أفغانستان أو لبنان، ولهذا، فإن القضاء على هكذا حزب عملية أقرب إلى المستحيل. والحديث عن صراع على الحدود اللبنانية مع جيش الكيان الصهيوني هو حديث عن صراع تنفيذ سياسات تتعلق بالمنطقة بأسرها، وهذه السياسات لا تنفصل عما يحدث في العراق أو أفغانستان أو ليبيا أو مصر أو فلسطين، وحين جاءت وزيرة الخارجية الأمريكية فإنها طرحت مباشرة الصراع في الشرق الأوسط، وشرق أوسط جديد، وهذا الشرق الأوسط بالنسبة لها، هو منطقة خالية من أي مقاومة مهما كان شكلها، حتى لو كانت مقاومة فكرية وثقافية بالكلمات، وإجهاض ازدهار الفكر الديني والقضاء على التنظيمات الإسلامية، والسيطرة على اقتصاد المنطقة وجعلها سوقاً للمنتجات الأمريكية إضافة إلى ترسيخ الدولة الصهيونية وضمان تفوقها. وليس غريبا أن تأتي الدكتورة رايس لتتحدث وتتفاوض باسم الكيان الصهيوني، وتقبل أو ترفض وقف إطلاق النار، وكأن الحرب معها مباشرة، بل هي كذلك.

إنه من المؤكد، أن قوات حزب الله لا تستطيع الوقوف أمام تقدم الآلة العسكرية الصهيونية، ولكن من الجانب الآخر، لا تستطيع هذه الآلة الصمود على الأرض التي تصلها، وقد أثبتت التجربة أن وجود جيش العدو الصهيوني مكلف جدا، بشرياً ومادياً واقتصادياً. ومن جانب آخر، إن أي محاولة لاجتثاث حزب الله من الجنوب، أو من الساحة اللبنانية، هو اجتثاث لفئة كبيرة من الشعب اللبناني، وهذا ما أشار إليه النائب سعد الحريري.

هل كل ما تقدم يوحي بأن حزب الله ليس في مأزق؟ بالتأكيد لا، إن حزب الله يواجه الآن تحديا مباشرا، وقد تمثل في الهجمة الصهيونية العسكرية على معاقله، وتدمير ما شيده خلال ست سنوات من العمل المضني، ومحاولة تصفية العديد من عناصره العسكريين والمدنيين، وتشتيت الالتفاف الشعبي حوله، إلا أن كل هذا فشل فشلا ذريعا رغم الدمار المادي وعدد الضحايا والجرحى والمعاقين. أما التحدي الذي يواجهه حزب الله بصمت، أي بعد وقف إطلاق النار الهش، ومحاولة الدولة بسط سيطرتها على أراضي الجنوب اللبناني، وربما تشمل مزارع شبعا بعد أن تنسحب منها القوات الصهيونية، وتطبيق قرار مجلس الأمن ،1559 والذي يقضي بنزع سلاح حزب الله وسلاح التنظيمات الفلسطينية في المخيمات، إضافة إلى انتشار الآلاف من جنود قوات حفظ السلام (اليونيفيل) التي لم تعرف طبيعتها بعد، فكيف سيتعامل حزب الله مع التحديات القادمة؟

إن أمام حزب الله أكثر من احتمال، الأول أن يبقي جبهة الجنوب مشتعلة، وإن صمتت الآن رضوخا للتوجه الحكومي ومسايرة للسياسة العامة للدولة، وإعادة تجميع قواه من جديد، خاصة أن الكيان الصهيوني يطمح في خلق حزام أمني داخل الأراضي اللبنانية تقيه من صواريخ حزب الله، ويأمل أن يتم ذلك مع انتشار الجيش اللبناني والقوات الدولية. أما الاحتمال الثاني فهو أن يعطى الجيش اللبناني الضوء الأخضر للانتشار الحقيقي في الجنوب، وهذا ما يحدث الآن، وقد صرح السيد نصر الله سابقا أنه لا مانع لديه من انتشار الجيش، شرط أن يكون قادرا على حماية الأراضي والأجواء اللبنانية من أي انتهاك أو اعتداء. والثالث أن يتراجع خطوتين ليعيد تنظيم نفسه من جديد، أما الاحتمال الرابع والمستبعد هو تحويل نفسه إلى حزب سياسي فقط، لأنه في هذه الحال، سيفقد عمقه الاستراتيجي، وربما الدعم اللامحدود من إيران، وهذا أيضا مستبعد، لأنه وكما أسلفنا، تشكل إيران المرجعية العقائدية لحزب الله، ورأس الحربة للمشروع القائم على مناهضة السياسة الأمريكية والصهيونية في المنطقة. أما التحدي الأكبر الذي ليس له رقم لأنه من التحديات الكبيرة، هو مواجهة الأصوات الداخلية التي لم تصبر كثيرا بعد وقف إطلاق النار، وشرعت تحاسب حزب الله على جره لبنان إلى حرب كبيرة ومدمرة، من دون استشارة أحد، ومن دون تنسيق مع الحكومة، وقد بدأ هذه الهجمة النائب وليد جنبلاط، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي خصص مؤتمره الصحافي عقب وقف إطلاق النار لمساءلة السيد حسن نصر الله، ومحاورته عبر أجهزة الإعلام، الأمر الذي استهجنه كثير من المتتبعين للسياسة في البنان، حيث أخذوا على وليد جنبلاط تسرعه في فتح حرب كلامية مع حزب الله، الذي يرى أنه خرج منتصرا من المعركة، وهو كذلك، لأنه لا يزال يحتفظ بقوة لا يستهان بها، وإن لم تبد للعيان نتيجة العمل السري. إلا أن حزب الله لم ينجر حتى الآن إلى المعركة الكلامية، أو على الأقل، لم ينجر أمينه العام، بل كانت الردود من شخصيات في الصف الثاني من قيادة الحزب، وهنا تبدو حنكة السيد حسن نصر الله في التعاطي السياسي المحلي، وحرصه على أن يبقى محافظا على هيبته التي تعاظمت خلال الحرب.

إن حزب الله أمام تحديات جادة وكبيرة، إلا أنه ليس في مأزق خطير ومدمر، لأنه ليس حزباً غريباً في أرض غريبة. إنه حزب يعيش وسط قاعدة شعبية عريضة تؤيده حتى الرمق الأخير. إنه حزب عقائدي، وبالتالي، فإنه سيبقى طالما بقيت هذه العقيدة، وطالما بقيت مرجعيته في إيران، ناهيك عن التفاهم الاستراتيجي بين سوريا وإيران على الأقل في المرحلة الحالية، إلا إذا حدث تطور دراماتيكي في السياسة السورية، ودخلت في مفاوضات مفاجئة مع العدو الصهيوني، وهذا التحالف السوري الإيراني ينعكس إيجابا على علاقات سوريا بحزب الله.

لقد دخل حزب الله، بعد خطفه لجنديين صهيونيين، وقيام الحكومة الصهيونية بعدوانها الواسع، ومع استمرار القصف والمعارك، إلى المعادلة السياسية في الشرق الأوسط برمته، وهو أمر لم يحدث منذ سنوات طويلة، فهو الجهة الوحيدة التي حققت الردع مع الكيان الصهيوني، فمنذ إنشاء الدولة العبرية، لم تتعرض مدن شمال فلسطين لقصف أو دمار كما تعرضت له وتتعرض له، ولم يتعطل شمال فلسطين المحتلة كما تعطل منذ 12 يوليو. ولهذا، فإن الحزب تحول إلى ورقة من أوراق اللعبة، وهنالك أوراق ضاغطة بين أوراقه، كما تحول إلى رقم صعب، بدلا من أبو عمار (الذي كان يطلق على نفسه الرقم الصعب)، مع فارق المقارنة في السياسات والتعاطي مع الأزمات، والجهوزية الأمنية والتماسك الداخلي. وإن أي حديث عن المنطقة يجب أن يمر من قناة حزب الله أو حلفائه. لكن هذا الدخول قد لا يجنبه التورط في قضايا عديدة، أهمها التجاذب السياسي حول عملية السلام في الشرق الأوسط.

إن الأيام القادمة ستحدد شكل التعاطي مع حزب الله، وتعاطي الحزب ذاته مع الواقع المستجد، خاصة عندما يحدث أي احتكاك بين الجيش اللبناني أو قوات ldquo;اليونيفيلrdquo; مع رجال الحزب، رغم أن هذا الأمر مستبعد كليا، لأن الحزب ليس له وجود عسكري علني في مناطقه، فهو يمارس عمله في سرية مطلقة، وهذا سبب قوته واستمراره.