الجمعة: 2006.09.15


دافعت المستشارة الألمانية عن قرار الحكومة إرسال قوات البحرية الألمانية إلى السواحل اللبنانية، حيث اعتبرت أن إحلال السلام في الشرق الأوسط يستدعي تطبيق قرارات الأمم المتحدة. ميركل تتوقع أن يدوم عمل تلك القوات عدة سنوات.

أضحى انطلاق القوات الألمانية إلى لبنان على مرمى حجر بعدما أعطت الحكومة الألمانية اليوم الضوء الأخضر لإرسال وحدات من جنود البحرية الألمانية قبالة السواحل اللبنانية. وفي انتظار تصديق البرلمان الألماني على إرسال تلك الوحدات الأسبوع المقبل يتأهب نحو 2400 بحار ألماني لمغادرة قواعدهم في اتجاه السواحل اللبنانية. مهمة صعبة تنتظر القوات البحرية الألمانية، كونها محفوفة بالمخاطر وتثير حفيظة العديد من القوى السياسية والشعبية المعارضة للمشاركة العسكرية الألمانية ضمن قوات اليونيفيل. لكن حكومة الإتلاف الألمانية تبدو واثقة من ضرورة المساهمة في تطبيق القرار الدولي 1701 وتعزيز جهود إحلال السلام في أكثر مناطق العالم توترا.

ويدرك المسئولون الألمان جيدا صعوبة المهام الملقاة على عاتق البحرية الألمانية وخصوصيتها. فقد وصفت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، إرسال القوات الألمانية إلى الشرق الأوسط quot;بالمهمة تاريخيةquot; وأنها تختلف عن المهام التي تتولها القوات الألمانية بتفويض من الأمم المتحدة. كما ذكرت ميركل بهذا الخصوص أن قرار الحكومة إرسال البحرية الألمانية إلى الشرق الأوسط، جاء بعد حصولها على تفويض واضح من الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية وموافقة إسرائيل.

وأشارت ميركل إلى أن ذلك القرار ينبع من الإحساس بالمسؤولية، الذي يتطلب القيام بجهود فاعلة داخل منطقة معقدة. غير أن ميركل أكدت في معرض حديثها للصحفيين أن التوصل إلى قرار إرسال قوات ألمانية إلى الشواطئ اللبنانية للمساهمة في القوة المؤقتة الدولية (اليونيفيل) لم يكن قرارا سهلا. واعتبرت المستشارة الألمانية أن قرار الحكومة الذي يحمل quot;بعدا تاريخياquot; يهدف إلى ضمان حق إسرائيل في الوجود ويعكس اهتمام الحكومة الألمانية بضمان الاستقرار داخل منطقة الشرق الأوسط.

مهمة حافلة بالمخاطر لكنها ضرورية

قرار الحكومة الألمانية يجسد رغبة الساسة الألمان في إحلال السلام في الشرق الأوسط يدخل إرسال القوات البحرية الألمانية في إطار الجهود التي تبذلها ألمانيا في منطقة الشرق الأوسط من أجل المساهمة في التوصل إلى حل سلمي للصراعات التي تتخبط فيها تلك المنطقة منذ عقود. كما يعكس قرار إرسال بحارة ألمان لمراقبة السواحل اللبنانية قناعة المستشارة الألمانية بأن الطريق نحو إرساء الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط يرتبط بالأساس بضرورة تطبيق القرارات الأممية بشكل كامل هناك. مشيرة في نفس الوقت إلى أن نشر السلم في تلك المنطقة هو من مصلحة ألمانيا وأوروبا على حد سواء، ويجب أن يوازي عمل القوات الدولية داخل لبنان جهود سياسية كفيلة للتوصل إلى تسوية سلمية لتلك الصراعات. واعتبرت ميركل في ندوة صحفية عقب اتخاذ المجلس الوزاري قرار إرسال القوات البحرية الألمانية إلى لبنان، quot;أن بعض الإمكانيات السياسية أصبحت الآن متاحة وستحاول ألمانيا اغتنامهاquot;. فتشكيل حكومة وحدة وطنية في منطقة الحكم الذاتي الفلسطيني يعد نقطة تحول مهمة تبعث الأمل في استئناف قريب لمفاوضات السلام.

ومن جانبه، دافع وزير الخارجية الألماني، فرنك فلتر شتاينمير، عن قرار الحكومة الألمانية إرسال القوات البحرية إلى لبنان معتبرا إياه ضروريا في الظروف الراهنة التي تشهدها تلك المنطقة. وحذر المسؤول الألماني في نفس الوقت من سوء استغلال الأسباب التاريخية التي كانت تقف ضد مشاركة الوحدات العسكرية الألمانية ضمن القوة الدولية اليونيفيل، وعدم جعلها مبررا لرفض تحمل مسؤولية تطبيق القرار الدولي 1701. وشدد الوزير الألماني على الجهود المبذولة حتى الآن من أجل إشراك سوريا في جهود البحث عن سلم دائم في منطقة الشرق الأوسط.

القوات الألمانية على أتم الاستعداد

في غضون ذلك، صرح وزير الدفاع الألماني، فرانز جوزيف يونغ، أن مهمة القوات الألمانية ستستمر إلى غاية 31 أغسطس/آب 2007 قابلة للتمديد، وسيكلف نشر تلك القوات المؤلفة من 2400 بحارا نحو 200 مليون يورو سنويا. حيث ستقوم فرقاطتان ألمانيتين على متنهما طائرات عمودية، ترافقهما ثلاث سفن إمداد وأربع زوارق سريعة بمراقبة الشاطىء اللبناني الممتد على طول 50 ميل. وكان رئيس الكتلة النيابية الإشتراكية في البرلمان الألماني، بيتر شتروك، قد أفاد في وقت سابق أن مهمة القوات الألمانية قابلة للتمديد دون تحديد سقف زمني محدد. وعن التفويض الواضح الذي حصلت عليه القوات الألمانية قال رئيس الكتلة النيابية للحزب المسيحي الديموقراطي في البرلمان الألماني، فولكه كودا، أن القوات الألمانية ستجري الدوريات قبالة السواحل اللبنانية بالتعاون مع البحرية اللبنانية، غير أنه أكد أن القوات البحرية الألمانية ستتخذ قرارات ذاتية.

تحفظات المعارضة مازلت واردة

المستشارة الألمانية خلال زيارتها لإحدى الغواصات الألمانية.أما الحزب الليبرالي وأحزاب اليسار فقد عبرت عن رفضها لقرار مشاركة القوات الألمانية ضمن القوة الدولية. فزعيم الحزب الليبرالي الديموقراطي،غيدو فيستافيله، لم يخفي تحفظاته عقب اجتماعه مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وعلل فيستافيله معارضة حزبه للمشاركة العسكرية الألمانية في قوات اليونيفيل بأنه مازال ثمة غموض كبير يحيط بمخططات نشر القوات البحرية الألمانية قبالة السواحل اللبنانية، خاصة منها ما يتعلق بوجود ضباط لبنانيين بصفة مراقبين على متن البواخر الألمانية ودورهم على متن تلك السفن. فيما ذلك، أعرب زعيم الحزب اليساري، لوتر بيسكي، عن معارضة حزبه للمشاركة العسكرية الألمانية بدعوى أن كل التدخلات العسكرية السابقة في منطقة الشرق الأوسط لم تُفضي إلى نتائج إيجابية إلى يومنا الحاضر. أما حزب الخضر الألماني المعارض فقد أعرب على لسان رئيس كتلته النيابية داخل البرلمان الألماني، فريتز كون، عن ارتياح حذر بعد أن تم توضيح أهم التفاصيل المتعلقة بعمل القوات الألمانية بعد حصول تلك القوات على تفويض واضح يمكنها من مراقبة الحدود البحرية اللبنانية بشكل فاعل ومنع تهريب أسلحة لحزب الله.