رصد دولي لتصرف ايران ومخاوف من مواجهة بين سورية وإسرائيل لاستضعاف كل منهما الأخرى


بيروت - وليد شقير


حين سئل مسؤول أوروبي زار بيروت اخيراً ما اذا كانت قوات laquo;يونيفيلraquo; ستصمد في جنوب لبنان وتبقى في حال تعرضت لأي حادث امني يستهدف دفعها الى الانسحاب قال: laquo;نعم ستصمد. فهي مصممة على مساعدة الحكومة اللبنانية على استعادة سلطتها وفي انتظار تسليح الجيش اللبناني الذي تنقصه المعدات ووسائل النقل والاتصال وكل ما يؤمن له سرعة الحركةraquo;. وأضاف ان اسرائيل ستنسحب ولن تبقى على الأرض اللبنانية (وبالتالي لن يكون هناك مبرر لحصول مواجهات اخرى). وطُرح السؤال على المسؤول الأوروبي نظراً الى وجود مخاوف لدى بعض الدوائر الغربية من استهداف القوات الأوروبية الموجودة في عداد laquo;يونيفيلraquo; من جانب بعض الجهات، وهو رد بأنها لن تنسحب في هذه الحال لأنها تملك أسلحة متطورة ومتقدمة تستطيع المجابهة بها.

والمخاوف الغربية من الوضع الهش متنوعة تعود الى قراءة بعض الدول أو الأوساط الديبلوماسية الدولية داخل الأمم المتحدة أو خارجها للوضع الهش الحالي. فعلى عكس ما نُقل عن الرئيس الفرنسي جاك شيراك من انه يرى الوضع قابلاً للضبط خلال الأشهر القليلة المقبلة وأنه قلق من ان يحصل ما يعيد الأمور الى الوراء بعد خمسة اشهر، فإن أوساطاً دولية وأوروبية وأخرى ترى ان الأفرقاء الذين يمكن ان يطمحوا الى الحؤول دون استقرار الوضع في لبنان لديهم 3 أشهر قبل ان يصبح الوضع متيناً كي يفتعلوا مشاكل، من اجل منع تثبيت هذا الاستقرار. وسألت هذه المصادر: laquo;هل ان الوضع سيكون خلال الأشهر الثلاثة الآتية أشبه برمال متحركة ايرانية، قبل ان يكتمل عقد القوة الدولية ويتم تسليح الجيش اللبناني، بحيث إذا أرادت ايران لأسباب تتعلق بالصراع الذي تخوضه سواء على صعيد تكريس قدراتها النووية أم على صعيد الدفاع عن نفوذها ودورها الإقليمي يمكن ان تلجأ الى دعم أعمال أمنية، في الجنوب خصوصاً إذا تعثرت مفاوضاتها مع مجموعة الـ 5 + 1 في الملف النووي؟raquo;.

ومع ان هذه المخاوف تبقى نظرية، ويقابلها اعتراف من بعض من يقدم هذه القراءة، بأن ايران وعدت بدعم تنفيذ القرار 1701 وأن جل ما طالبت به هو عدم انحراف دور laquo;يونيفيلraquo; عن المهمة المنوطة بها، وبأن laquo;حزب اللهraquo; تعهد التعاون مع الأخيرة وليس من مصلحته ان يجدد الحرب، فإن الأوساط التي تطرح هذه المخاوف تشير الى معلومات عن استمرار تمرير اسلحة من النوع الخفيف حتى قبل أسبوعين عبر الحدود السورية ndash; اللبنانية، بالاستناد الى معلومات عربية ولبنانية رسمية.

ويقول أحد الديبلوماسيين الدوليين ان هناك مراقبة دقيقة للوضع اللبناني وامتداداته الإقليمية مخافة التحضير لشيء ما ضد القوة الدولية التي يعبر مجيئها عن التزام سياسي وأمني واقتصادي لمصلحة الاستقرار في لبنان منعاً لتوسع الحروب التي أنذرت حرب تموز (يوليو) بحصولها لو استمرت. فرفع عدد laquo;يونيفيلraquo; للسيطرة على أي احتمالات امنية سيتم على مراحل ولن يكون سريعاً...

لكن مصادر دولية اخرى تطرح مخاوف من نوع آخر بالاستناد الى نتائج الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان كالآتي:

1- ان الجانب الإسرائيلي خرج من هذه الحرب بعدد من الأزمات تدل الى ان الخسائر التي سببتها الحرب أنهكت البنية السياسية، على رغم اعتقاد العسكريين والسياسيين الإسرائيليين بأنهم أخضعوا laquo;حزب اللهraquo;. إلا ان الأزمات داخل المؤسستين العسكرية والسياسية قد تقود المتشددين الى مغامرات جديدة. فبعض هؤلاء من العسكر والسياسيين يعتقد بأن امام إسرائيل احتمال خوض 3 حروب، ضد ايران ونفوذها، خاضت الأولى منها في لبنان والثانية ضد سورية والثالثة ضد ايران مباشرة.

وتفيد قراءة المصادر الديبلوماسية الدولية نفسها ان الإرباك الذي أصاب الإسرائيليين بسبب الحرب على لبنان و laquo;حزب اللهraquo; والانطباع بأن الأخير أسقط مقولة الجيش الذي لا يُقهر قد تدفع العسكريين الى السعي الى اعادة الاعتبار لأنفسهم بمواجهة مع سورية لاعتقادهم بأن القرار 1701 قد يشكل سياجاً حول لبنان يمنع تل أبيب من تكرار المحاولة، وأن سورية هي الحلقة الأضعف، وفق تقويم اسرائيل لأوضاع سورية الإقليمية والداخلية. وهذا الانطباع الإسرائيلي ربما شجع بعض العسكريين على مغامرة ما.

2- تقول المصادر الديبلوماسية الدولية انه في مقابل اعتبار البعض في اسرائيل ان سورية ضعيفة، فإن القيادة السورية ترى ايضاً ان القيادة الإسرائيلية خرجت ضعيفة من حربها في لبنان وأن الوضع الإسرائيلي الداخلي، سواء على صعيد القيادة العسكرية ام السياسية بات في حال من الضياع يجعل سورية تستسهل اتخاذ قرار أي مواجهة. وترى المصادر نفسها ان من يستمع الى تقويم دمشق لما يحصل خلال الحرب على لبنان يخرج باستنتاج بأنها تشعر بأنها منتصرة، خصوصاً ان صور الأمين العام لـ laquo;حزب اللهraquo; السيد حسن نصر الله والرئيس بشار الأسد تملأ العديد من شوارع العاصمة السورية تعبيراً عن هذا الانتصار. كما ان بعض المسؤولين السوريين يتحدثون باعتداد بالنفس وباستضعاف لإسرائيل وقدراتها العسكرية.

وتستنتج المصادر الديبلوماسية الدولية ان استضعاف كل من تل أبيب ودمشق للأخرى قد يقود الى إشعال حرب اذا حصل حادث ما، سواء كان مخططاً له أم بالصدفة نتيجة تربص الواحدة بالأخرى. وإذا حصل ذلك تكون نتائجه كارثية على المنطقة كلها.