الأربعاء: 2006.09.20

توم مالينوفسكي



يحث الرئيس الأميركي جورج بوش الكونغرس هذه الأيام على السماح لوكالة الاستخبارات المركزية quot;سي آي إيquot; بالاستمرار في استعمال أساليب الاستنطاق quot;البديلةquot; من قبيل إجبار السجناء على الوقوف لمدة أربعين ساعة، وحرمانهم من النوم، واستعمال quot;الزنزانة الباردةquot;، التي يتم إدخال السجين إليها مجردا من ثيابه في زنزانة تبلغ درجة حرارتها قرابة 10 درجات مئوية، ويتم رشه بالماء البارد.

ويلح بوش على أن هذه الأساليب ليست تعذيباً، فهي في النهاية لا تتضمن أعمال سحب الأظافر أو استعمال الصدمات الكهربائية. بل إنه يذهب إلى حد القول إنه quot;يأملquot; أن يتم تبني المعايير التي يقترحها من قبل بلدان أخرى. غير أنه قبل أن يدعو أعداء أميركا مرة أخرى إلى استعمال هذه الطرق quot;البديلةquot; ضد الأميركيين الذين يتم اعتقالهم، ربما يستفيد من معرفة القليل حول جذورها التاريخية ومن سماع حكايات الأشخاص الذين جربوها. وفي ما يلي أقترح على الرئيس بعض العناوين التي قد يود إضافتها إلى قائمة قراءاته المقبلة.

يمكنه أن يبدأ بكتاب quot;روبرت كونكويستquot; حول ستالين والمعنون بـ quot;الإرهاب الكبيرquot;. يقول quot;كونكويستquot;: quot;كانت طريقة البوليس السري السوفييتي الأساسية لانتزاع الاعترافات وquot;كسرquot; المتهم تتمثل في quot;التناوبquot; ndash;حيث يتناوب أفراد الشرطة على استنطاق السجين لساعات طوال، بل وأيام. إنها طريقة جد مزعجة. فبعد يوم واحد، تصبح صعبة جداً. وبعد يومين أو ثلاثة، يصبح الضحية مرهقاً جسمانياً. لقد كانت مؤلمة شأنها في ذلك شأن أي أسلوب تعذيبquot;.

التالي على القائمة هو كتاب quot;ألكسندر سولزينيتسينquot;، الذي يحمل عنوان quot;أرخبيل مخيمات العمل الإجباريquot;، ويصف فيه تجربة السجينة quot;آنا شريبنيكوفاquot; عام 1952: quot;قال لها سيفاكوف، رئيس قسم التحقيقات: quot;يقول طبيب السجن إن ضغطك الدموي هو240/120quot;. إنه جد منخفض أيتها السافلة! سنجعله يصل إلى 340 حتى تودعين الحياة أيتها الأفعى، ومن دون آثار زرقاء أو سوداء على جسمك، ولا ضرب، ولا كسر للعظام. سنكتفي بمنعك من النومquot;. وإذا حدث أن أغمضت عينيها لدى عودتها إلى الزنزانة نهارا بعد ليلة كاملة من الاستنطاق، يدخل الجلاد ويصيح في وجهها quot;افتحي عينيك وإلا فسأسحبك من ساقيك وأقيدك إلى الحائط واقفةquot;. وفي مكان آخر من الكتاب، كتب سولزينيتسين يقول quot;الحرمان من النوم يُفقد الإنسان عقله، ويضعف تصميمه، ويكف فيه الإنسان عن أن يكون هو نفسهquot;.

وأخيراً، قد يرغب الرئيس في قراءة مذكرات رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مناحيم بيغين، الذي يصف فيه معاناته جراء حرمانه من النوم في أحد السجون السوفييتية خلال الأربعينيات. يقول بيغين quot;يبدأ ضباب في التشكل في رأس السجين المستنطق. ساقاه ترتعدان. ولديه أمنية واحدة لا ثانية لها: أن ينام، أن ينام قليلاً فقط، أن يستلقي على الفراش، أن يستريح، أن ينسى... الواقع أن أي واحد مر من هذه التجربة المريرة يعرف أن لا الجوع ولا العطش يمكن مقارنتهما بها. لقد عرفت أشخاصاً وقعوا على ما قيل لهم أن يوقعوا عليه، لا لشيء سوى لنيل ما وعدهم به المستنطق. إنه لم يعدهم بالحرية، وإنما وعدهم ndash;إن هم وقعوا- أن يناموا في سلام!quot;.

لقد فهم السوفييت أن هذه الأساليب وحشية وقاسية. وقد كانوا صادقين مع أنفسهم بخصوص الهدف من هذه الوحشية، ألا وهو تعذيب أعدائهم وانتزاع اعترافات باطلة منهم، بدلا من معلومات استخباراتية صادقة. والحق أن الرئيس بوش، عبر إنكاره هذا الأمر، لا يضللنا نحن، وإنما يبدو أنه يخدع نفسه.