الجمعة: 2006.09.22
سعد محيو
مساء الثلاثاء 19 سبتمبر/ أيلول 2006.
الرئيسان الأمريكي جورج بوش والفرنسي جاك شيراك يلتقيان في فندق ldquo;وولدورف إستورياrdquo;. الجلسة التي جرت قبيل بدء إجتماعات الجمعية العامة للامة المتحدة في نيويورك، دامت نحو 50 دقيقة، ولم يحضرها سوى حفنة من المساعدين.
في ما يلي بعض ما رشح منها:
بوش: أهلاً صديقي الرئيس. ما شعورك وولايتك الرئاسية تقترب من نهايتها؟ أنا أفكر في هذا الأمر كثيراً. ليس سهلاً البتة على المرء أن يمسك بسلطة هائلة وهو قابع على رأس الهرم، ثم يجد نفسه فجأة في القعر بلا حول ولا قوة. هذا أمر ldquo;لاإنسانيrdquo;، ألا تعتقد ذلك؟
شيراك: أنت على حق. وأعترف لك أن فكرة خروجي من قصر الأليزيه تسبّب لي بعض الاكتئاب، خاصة بعد أن سمعت من بعض الخبراء النفسيين أن خسارة السلطة تضعف لدى الإنسان كل مناحي القوة وصلابة المناعة. سلفي فرانسوا (ميتران) عانى من هذه الحالة وغرق في حال من الهلع من الموت فور مغادرته الإليزيه.
بوش: أخبار غير مطمئنة لكلينا. لكن، دعنا ننسى الآن.. ننسى هذا الغد المزعج لنتفكّر في الحاضر. أنت وأنا أنجزنا الكثير منذ أبرمنا اتفاقنا السري في باريس العام 2004 الذي أنجب القرار 1559 حول لبنان، ثم منذ اتفاقنا بعد حرب لبنان الذي فرض القرار 1701 وإرسال القوات الدولية إلى الجنوب. ماذا عن الآن؟
شيراك (سارحاً ببصره عبر نافذة الغرفة إلى المشهد النيويوركي المتلألئ): بالتأكيد أنجزنا الكثير. لكن علينا هذه الأيام أن نتصرف بحكمة لتثبيت هذه المكاسب وحمايتها، ثم الانتقال منها إلى غيرها. نقطة الانطلاق يجب أن تكون لبنان مجدداً. إذا ما نجحنا هناك، ستكر سبحة نجاحات أخرى في سوريا وغزة والضفة، ثم حتى في إيران.
بوش: ماذا تقترح يا جاك؟
شيراك: الخطوات الآتية: عدم نقل ملف العقوبات حالياً ضد إيران إلى مجلس الأمن. الإيرانيون يبدون منقسمين على أنفسهم في هذه المرحلة. إذا ما عاقبناهم سنوحّدهم. فلندعهم إلى استئناف المفاوضات حول كل برنامجهم النووي.
بوش: بشرط أن يوقفوا أولاً تخصيب اليورانيوم.
شيراك: بالتأكيد. وهم يوحون بأنهم مستعدون لذلك مؤقتاً. هم يريدون فسحة تنفس، ونحن كذلك. إذا ما استأنفنا المفاوضات، سنضع ملف لبنان على رأس جدول الأعمال معهم وسنطلب منهم تسهيل تنفيذ القرار 1701 وحل مسألة سلاح حزب الله. أعرف أنهم سيراوغون في هذه المسألة، لأن هذا السلاح خط دفاعهم الأول ضد ldquo;إسرائيلrdquo;، لكن كل وأي تنازل نحصل عليه منهم، سيثبّت فكرة الحل الدولي لأزمة لبنان. الوقت حينها سيعمل لصالحنا، وسيحمي القوات الدولية من أي هجمات انتحارية.
بوش: لكن يبدو أنك نسيت سوريا.
شيراك: لا، لم أنس. إذا ما حصلنا على تعاون طهران، سنضعف مواقع دمشق. السوريون قلقون جداً هذه الأيام مما سيحتويه تقرير سيرج بريميرتس أواخر هذا الشهر حول اغتيال صديقي رفيق (الحريري). وقلقون أكثر من مسألة تشكيل المحكمة الدولية. يمكننا استثمار هذا الخوف حتى الثمالة ومقايضته في لبنان.
بوش (منتصباً على قدميه بعد أن ملّ الجلوس كعادته): لك ما تريد يا جاك. لكن ضع في اعتبارك أني لست مستعداً لتقديم أية تنازلات لا لطهران ولا لدمشق. عليهم هم التنازل، وسريعاً. الوقت مهم جداً وجوهري جداً بالنسبة لي. احصل منهما على ما تريد، ولكن بسرعة.
شيراك: موافق. طلب أخير يا جورج. أقترح عليك، تسهيلاً لمهمتنا، أن تعيد إطلاق عجلة السلام بين الفلسطينيين وrdquo;الإسرائيليينrdquo;. هذا سيريح أصدقاءنا العرب، وسيخفف من غضبة الشعوب العربية علينا. أعرف أنك تكره ldquo;حماسrdquo;، وأنا أيضاً أكرهها. وأعرف أن التسوية مستحيلة في هذه الظروف، بيد أن الإيحاء بوجود تحرك نحو السلام سيفيد جدول أعمالنا في كل أنحاء الشرق الاوسط.
بوش (راسماً نصف ابتسامة على وجهه): حسناً. لك ما تريد جاك. سأطلب من كوندي (كوندوليزا رايس) أن تطلق مبادرة شرق أوسطية جديدة ابتداء من الغد. إيهود (أولمرت) لن ينزعج من هذا الأمر بعد أن اوضح له الصورة.
شيراك (متأهباً لتوديع بوش): كم أنا مرتاح يا جورج لنتائج هذه الجلسة. لقد جعلتني أنسى حتى آلام مغادرة معشوقتنا المشتركة: السلطة.
الرئيسان يتبادلان الضحك بصوت مرتفع.
***
الحوار بالطبع خيالي. لكنه مستند إلى مسلسل وقائع الأحداث التي كانت تقع في لبنان الشرق الأوسط، مباشرة بعد كل قمة يعقدها الرئيسان!
التعليقات