الإثنين: 2006.09.25

كارين دي يانغ


خلص محللو أجهزة الاستخبارات الأميركية إلى أن الحرب في العراق أضحت أداة التجنيد الرئيسية بالنسبة للمتطرفين الإسلاميين، ووسيلة تحفيز جيل جديد من الإرهابيين المحتملين عبر العالم، والذين يرتفع عددهم بوتيرة أسرع من وتيرة قضاء الولايات المتحدة وحلفائها على هذا التهديد.
ويشير تقرير الاستخبارات القومية، الذي يقع في ثلاثين صفحة، إلى quot;مركزيةquot; الغزو الأميركي للعراق وحركة التمرد التي تلت ذلك، باعتبارهما مصدر الإلهام الرئيسي بالنسبة لبعض شبكات وخلايا المتطرفين الإسلاميين الجدد الذين يشتركون في أجندة مناوئة للغرب. ويضيف التقرير، حسب مسؤولين اطلعوا على الوثيقة التي تتميز بطابع السرية، أنه بدلاً من أن تساهم الأوضاع في العراق في نصر نهائي في الصراع العالمي ضد الإرهاب، تسببت في تدهور الموقف الأميركي. وفي هذا الإطار، يقول مسؤول استخبارات عن هذه الوثيقة، التي تعد أول بحث رسمي للتوجهات الإرهابية في العالم والتي يُعدها مجلس الاستخبارات القومي quot;إنه تقييم صريح جداًquot;، مضيفاً quot;وهو يشير إلى أمور معروفةquot;.
ويُضاف تقرير الاستخبارات القومية، الذي كانت صحيفة نيويورك تايمز أول من نشرت قائمة محتوياته، إلى تصريحات أدلى بها مسؤولون كبار في أجهزة الاستخبارات وصفوا نوعاً من الصراع مختلفاً عن ذاك الذي تحدث عنه الرئيس بوش الشهر المنصرم في سلسلة من الخطابات التي ألقاها بمناسبة حلول ذكرى مرور خمس سنوات على هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
فقد قال بوش في أحد خطاباته في وقت سابق من هذا الشهر أمام جمعية الضباط العسكريين في الولايات المتحدة quot;لقد عملنا جميعاً إلى جانب شركائنا في الائتلاف على إزالة معاقل الإرهابيين، وعرقلة طرق تمويلهم، وقتلنا واعتقلنا عملاءهم الرئيسيين، وفككنا خلاياهم الإرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، ومنعنا حدوث هجمات جديدة قبل تنفيذها. إننا في موقع الهجوم اليوم في مواجهة الإرهابيين على جميع الجبهات، ولن نقبل بأقل من النصر التامquot;.
والحال أنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، المحاربة في الجبهات التي يصفها محللو أجهزة الاستخبارات بالوسائل الحربية التقليدية. فبالرغم من أن مسؤولي الاستخبارات متفقون على أن الولايات المتحدة ألحقت أضراراً كبيرة بقادة quot;القاعدةquot;، وحدت من قدرتهم على التخطيط لعمليات كبيرة وتوجيهها، إلا أن الإسلام المتشدد انتشر وتفرق عن المركز.
إلى ذلك، يخلص تقرير الاستخبارات القومية إلى أن العديد من الخلايا الجديدة ليست لها علاقة بأي بنية مركزية، وأنها نمت بشكل مستقل. كما أنها لا تتواصل إلا فيما بينها وتستمد مصدر إلهامها وإيديولوجيتها من أكثر من 5000 موقع إسلامي متشدد موجود على شبكة الإنترنت. وتجد تحفيزها في ما تصفه هذه المواقع بالمحاولة الغربية الرامية إلى احتلال العراق والاحتفاظ بحضور دائم لها في منطقة الشرق الأوسط.
كما تعلن المواقع الإلكترونية عن أعمال النصر التي يحققها المتمردون العراقيون في مواجهة القوات العسكرية الأميركية، التي تعتبر وجودها احتلالاً تقول إنه يستهدف الإسلام ومعتنقيه بشكل منتظم. كما تنشر أيضاً، وبشكل متزايد رسائل دورية ومنمقة من زعيم quot;القاعدةquot; أسامة بن لادن ونائبه، أيمن الظواهري، تحث المسلمين المستائين والممتعضين على حمل السلاح ضد quot;الصليبيينquot; باسم العراق.
باختصار، يقدم تقرير الاستخبارات القومي الحرب في العراق على أنها تعمل على نشر الإسلام المتشدد عبر شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام الأخرى التي تتعقب هجمات المتمردين عن كثب.
والواقع أن العديد مما ورد في الوثائق السرية من خلاصات تمت الإشارة إليه شهر أبريل الماضي من قبل الجنرال quot;مايكل هايدنquot;، الذي كان يشغل حينها منصب نائب رئيس الاستخبارات القومية quot;جون نيغروبونتيquot;. ففي خطاب معتدل وشامل أمام مجموعة من القوات المسلحة في تكساس ndash; والذي استند كثيراً إلى ما ورد في تقرير الاستخبارات القومية من خلاصات- حذر quot;هايدنquot; من أنه في حال تواصل التوجه الحالي، quot;فإنه من المرتقب أن تصبح التهديدات المحدقة بالولايات المتحدة في الداخل والخارج أكثر تنوعاً، ومن أن يؤدي ذلك إلى زيادة الهجمات في العالمquot;.

كارين دي يانغ
محرر الشؤون الخارجية في quot;الواشنطن بوستquot;.