روزماري بيهان - تايمز أونلاين


يتساءل المرء مستغربا: لماذا تحتاج الحكومة العراقية إلى إجراء quot;تحقيقاتquot; في قصية السخرية من صدام حسين في اللحظات التي سبقت إعدامه فجر يوم السبت الماضي؟ فبعد أن انتقت بعناية ضحايا مختارين لنظام صدام ليكونوا الجلادين، يصل المرء إلى معرفة الأسباب الكامنة وراء تعذيب الدكتاتور السابق عند منصة الإعدام بوضوح تام. ذلك ان نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي غربل مئات الطلبات الإلكترونية للقيام بمهمة الجلاد، وكان كل واحد من المتقدمين يحمل ضغينة شخصية.

وهكذا، فإنه لم يكن من المستغرب، ومع شد حبل الإعدام حول رقبته، أن يتلقى صدام معاملة سيئة، وأن يجبر على الاستماع الى هتافات مؤيدة لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر. لكن ذلك لا يلغي شيئاً من طبيعة الإعدام التي لا بد وان يكون كل من يمتلك ذرة انسانية قد وجدها مثيرة للاشمئزاز. بل لقد وجدها البعض مقززة للنفس حتى من دون اساءة المعاملة الكلامية المضافة.

لقد كان حقا شيئا مرعبا مشاهدة طعنة أخرى وهي تتوجه الى quot;العدالةquot;، لان الشعب العراقي ببساطة قد ظفر بمزيد من الوقود لينصب في أتون دورة الانتقام. وقد بدا صدام، محاطا برعاع صارخ متعطش للانتقام، على أنه الشخص الاكثر اعتزازا واعتدادا في الغرفة، وهو ما مثل انقلابا معاكسا لما كان يرتجى أن تحققه عملية الإعدام. وقد دان موفق الربيعي، مستشار الأمن القومي العراقي، تسريب صور الفيديو عبر هاتف الخلوي، ووصفه بانه أمر quot;مدمر كلية على كافة الجبهاتquot;.

حسنا، انه أمر مدمر. ولكن لماذا لا يبدي السيد الربيعي اهتماما بما حدث بمجمله ولا يهتم سوى بمشاهدتنا شريد فيديو لما حدث؟ ولم يكن من قبيل المصادفة ان تعلن الحكومة العراقية في نفس الوقت عن اجراء تحقيقات في السخرية من صدام في الوقت الذي شنت فيه quot;حملةquot; على التغطية الإعلامية في العراق لعملية الإعدام.

لقد أصبح ذلك بالطبع أمراً متأخراً جداً الآن. لكن، وعلى ضوء حقيقة ان السيد الربيعي كان متواجدا عند الشنق يوم السبت، فإن المرء يتساءل: ألم يكن يستطيع فعل أي شيء لوقف السخرية، ربما بقليل من التخطيط المسبق للعملية بدلا من التعبير عن رغبته في إطلاق النار على من بث المشهد؟ لقد كان على جون بريسكوت الذي علق على المسألة في برنامجه quot;اليومquot; ان يكون اوضح بدوره، حيث قال quot;بصراحة.. ان الحصول على رسائل مسجلة (مثل التي شاهدناها) هو أمر غير مقبول جملة وتفصيلا.. واعتقد بأن اي شخص متورط او مسؤول عن ذلك يجب ان يشعر بالخجل من نفسهquot;. وإذن: فهل كان يشجب أم مجرد تسريب ما حدث؟ إن كلماته توحي، وعلى نحو يثير الامتعاض، باهتمامه بالشق الثاني.

أما الأمر الأكثر اثارة للقلق من تصرفات حراس صدام، فهو الفكرة القائلة بأنه لولا تسريب شريط الفيديو الشبيه بعمل الهواة، لكنا ما نزال نسبح في ظلام دامس حول ما حدث هناك بالفعل، وحول الطبيعة الحقيقية، والتي تبدو الآن رسمية، لتوجهات القوى الطائفية التي تقود العراق.

لكل ذلك، فإن علينا ان نكون ممتنين لمعرفة تلك الحقيقة مهما كانت قذرة.