وزير الخارجية الإماراتي شدد على أهمية الانجازات التنموية الخليجية



أبو ظبي - ثابت أمين عوّاد

جدد وزير خارجية الامارات الشيخ عبد الله بن زايد قلق بلاده من مخاطر النشاط النووي الايراني منبها الى ان ايران مطالبة بالتزامات دولية نحو دول المنطقة و الوكالة الدولية للطاقة الذرية وضرورة التزامها بضمان المعايير الدولية للامن والسلامة وتوفير الحماية ضد الاخطار البيئية.

وكشف الوزير الاماراتي في حوار تنشره raquo;السياسةlaquo; بالتزامن مع لmacr;raquo;الاهرامlaquo; ان بلاده تدرس حاليا , من خلال التنسيق والتعاون مع دول مجلس التعاون, اقامة برنامج مشترك في مجال التقنية النووية للاغراض السلمية طبقا للمعايير والانظمة الدولية, مشيرا الى ان المجلس لديه منظور موحد وموقف جماعي تجاه الاحداث والقضايا الاقليمية والدولية, التي قد تنعكس باثارها وتداعياتها على دول المجلس وشعوبه, ويشمل ذلك الامن في الخليج والعلاقة مع ايران والوضع في العراق والقضية الفلسطينية .

ونوه الشيخ عبد الله بن زايد الى حقائق حدثت على الارض خلال ربع قرن من العمل الخليجي المشترك مشيرا الى انجازات الاندماج الخليجي والمواطنة الاقتصادية التي جعلت من دول المجلس منطقة جغرافية واحدة وصولا الى الوحدة الاقتصادية الشاملة, والمجلس بصدد تنفيذ مشروع شامل ومتطور باستخدام البطاقة الذكية لاغراض التنقل الحر بين مواطني الدول الست.
وكشف وزير خارجية الامارات عن استكمال مراحل قيام السوق الخليجية المشتركة, مؤكدا انها ستنطلق مع نهاية العام الجاري, مضيفا ان اللجان والخبراء يعكفون على استكمال الخطوات والاتفاق على الانظمة والوثائق اللازمة لاقامة الاتحاد النقدي واصدار العملة الخليجية الموحدة.

واشار الى ان التجربة الاماراتية في التنمية وضعتها بقوة في بؤرة خارطة الاقتصاد العالمي, وقدر حجم المساعدات الاماراتية الانسانية للدول النامية بحوالي 30 بليون دولار.. وفي ما يلي نص الحوار..
بعد ربع قرن من قيام مجلس التعاون فان حجم ما تحقق لا يتناسب ومستوى طموحات المواطن الخليجي, فما زال الحوار, ولم يتحقق الحد الادنى من التكامل (المرور بواسطة البطاقة الشخصية للمواطن) فكيف ترون حجم ما تحقق مقارنة بالتحديات المتوقعة?

سؤالكم يوحي وكان دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لم تحقق خلال مسيرة 25 عاما من العمل والتنسيق والتعاون والاجتماعات الدورية المنتظمة على كافة المستويات شيئا يذكر.
والواقع ان المجلس حقق انجازات متميزة على قدر كبير من الاهمية في شتى المجالات, وكذلك على صعيد توحيد رؤى ومواقف دول المجلس على الصعيد الخارجي ما اكسب منظومة المجلس ثقلا ووزنا كبيرين على الصعيدين الاقليمي والدولي.

قد يكون صحيحا ان ما تحقق في مسيرة مجلس التعاون الخليجي لا يصل الى طموحاتنا, وتوقعات شعوبنا, وهذا يعود الى نهجنا في العمل الذي يقوم على التروي والبحث والدراسة المتعمقة قبل اتخاذ قراراتنا حتى تأتي منسجمة مع الغايات والاهداف التي نسعى الى تحقيقها عندما انشأنا منظومة دول المجلس.ولعل من ابرز منجزات العمل الخليجي المشترك خلال الفترة الماضية تحقيق الاندماج الخليجي والمواطنة الاقتصادية التي جعلت من دول المجلس منطقة جغرافية واحدة, يمارس فيها المواطن الخليجي معظم الانشطة الاقتصادية وغيرها من الانشطة الاعلامية والثقافية وكأنه في وطنه, وذلك وصولا الى الوحدة الاقتصادية الشاملة.كما يعامل المواطن الخليجي في اي من دول المجلس وكأنه من مواطنيها في تلقي العلاج والالتحاق بالمدارس والجامعات والحصول على كافة امتيازات المواطنة في العديد من المجالات.

اما فيما يتعلق بالشق الثاني من سؤالكم حول حرية التنقل بين مواطني دول المجلس بالبطاقة الشخصية, فان هذا الامر قد استكمل منذ وقت في اطار الاندماج والمواطنة الخليجية, وان دول المجلس بصدد تنفيذ مشروع اكثر تطورا وشمولا باستخدام البطاقة الذكية لاغراض التنقل بين مواطني دول المجلس دون اي قيود.

الحوار الخليجي مع دول الجوار يجري بشكل فردي وليس حوارا جماعيا, اين دور دول المجلس وكلمته في القضايا الحيوية مثل الامن في الخليج, العلاقة مع ايران, وافغانستان, والقضية الفلسطينية?
ان دول مجلس التعاون هي كيانات مستقلة ذات سيادة وطنية يحق لها ممارسة وادارة شؤونها الخارجية بما تراه يحقق مصالحها.كما ان دول المجلس ترتبط على الصعيد الثنائي بعلاقات اخوية متميزة تنظمها اعمال اللجان العليا المشتركة فيما بينها, وهو تعاون يصب في منفعة, ايضا فان دول المجلس في اطار التنسيق على صعيد سياستها الخارجية لديها منظور موحد وموقف جماعي تجاه مختلف الاحداث والقضايا الاقليمية والدولية, التي قد تنعكس باثارها وتداعياتها على دول المجلس وشعوبه, ويشمل ذلك الامن في الخليج والعلاقة مع ايران والوضع في العراق والقضية الفلسطينية وغيرها من القضايا ذات الاهتمام المشترك لدول المجلس. ولاشك ان مواقف دول المجلس تجاه هذه القضايا التي ذكرتها وغيرها واضحة ومعلومة, وتضمنتها البيانات الدورية المنتظمة للمجلس الوزاري والمجلس الاعلى لدول مجلس التعاون الخليجي. واخيرا لا بد من التاكيد على ان دول مجلس التعاون اعضاء في جامعة الدول العربية وهي بالتالي ملتزمة بما يصدر عن الجامعة من قرارات واتفاقات.

الحديث عن العملة الموحدة والتعريفة الجمركية وغيرها من القضايا الاقتصادية ما زال قيد البحث, حتى على الجانب الثقافي لم نر مشروعا عملاقا يتناسب وحجم الامكانات في دول المجلس باستثناء متحف للتراث الخليجي تحتضنه الامارات في امارة الفجيرة.. ماذا تحقق على الجانب الاقتصادي رغم الموارد غير المحدودة للمجلس?

لقد حققت مسيرة العمل الخليجي المشترك في المجال الاقتصادي انجازات نوعية متميزة على طريق تحقيق التكامل الاقتصادي والتجاري والمالي وتعزيز المواطنة الاقتصادية. وسيتم الاعلان عن قيام السوق الخليجية المشتركة بنهاية العام 2007, ويجري استكمال الخطوات والاتفاق على الانظمة والوثائق اللازمة لاقامة الاتحاد النقدي واصدار العملة الخليجية الموحدة.

كما يجري استكمال بناء الاتحاد الجمركي بعد ان تم تنفيذ خطوات مهمة متقدمة, اسهمت في تسهيل حركة السلع بين دول المجلس, وحققت زيادة كبيرة في التبادل التجاري فيما بينها.

اما في المجال الثقافي فان دول المجلس أولت اهتماما خاصا بالعمل الثقافي المشترك وحققت العديد من الانجازات من بينها خطة التنمية الثقافية العامة, والعمل على اصدار دليل موحد للادباء والكتاب في دول المجلس واصدار نشرة دورية اخبارية عن الاثار والمتاحف في دول المجلس واعداد دليل للمختصين في مجال الاثار, واقرار النظام الموحد لحماية حقوق المؤلف كنظام استرشادي واقرار الاتفاق الموحد بين الدول الاعضاء والهيئات العاملة في مجال التنقيب عن الاثار كصيغة استرشادية واعداد نظام نموذجي للاثار في دول المجلس.

ايضا تم اقامة العديد من الفعاليات ضمن العمل الثقافي المشترك في عدد من مجالات الفكر والادب والشعر والمسرح واقامة مهرجانات ومعارض خارجية وتشكيل فرق مشتركة للتنقيب والمسح في مجال الاثار واقامة معرض دوري مشترك للاثار وتنظيم معارض الكتب والتنسيق بين مواعيد اقامتها في الدول الاعضاء واعداد صياغة لتكريم الادباء والكتاب والفنانين في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وقد احدثت الحركة الثقافية المشتركة انجازات نوعية في الحفاظ على التراث والثقافة والهوية الخليجية واحيائها, وتمتين الوشائج وتوثيق الصلات الفكرية والروحية بين ابناء الخليج من خلال البرامج المشتركة التي يجري تنفيذها في مختلف الميادين الثقافية.. كما تحرص دول المجلس على حضورها الثقافي وتفاعلها مع مختلف الثقافات في العالم من خلال التعاون الثنائي والمهرجانات الثقافية التي تقيمها دول المجلس في مختلف عواصم العالم.

الملف النووي الايراني شارك فيه القاصي والداني, ما هو الموقف الخليجي من هذا الملف, وما مدى خطورته على امن الخليج?

اننا في دولة الامارات العربية المتحدة ندعم حق الدول في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية, كما نتطلع بتفاؤل الى ان تحقق المفاوضات مع ايران بشان ملفها النووي تسوية سلمية ودائمة تضمن عدم تعريض سلامة وامن دول وشعوب المنطقة للتهديد والخطر او لاية مواجهات تصعيدية جديدة نحن جميعا في غنى عنها.
ان الملف النووي الايراني ملف مقلق للجميع, خصوصا دول المنطقة, وايران مطالبة بالتزامات دولية حيال الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتزامات تجاه دول المنطقة بضمان المعايير الدولية للامن والسلامة ومراعاة الاخطار والجوانب البيئية في هذا المجال, واؤكد ان اتصالاتنا وحواراتنا مع جمهورية ايران الاسلامية حول هذا الملف مستمرة سواء على الصعيد الثنائي او على صعيد دول مجلس التعاون.

تردد ان دولة الامارات بصدد تطوير طاقتها النووية التي بدات برنامجها منذ ربع قرن, وكذلك لتلبية احتياجات النمو المتسارع على ارضها, وهناك اتفاق بين الامارات وفرنسا لبناء مفاعل نووي .. ما مدى حقيقة تطوير الطاقة النووية للامارات وضرورتها?

كما قلت لك سابقا ان دولة الامارات تدعم حق الدول في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية تحت اشراف ورقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وترتبط دولة الامارات بتعاون بناء مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكما تعلم فان المجلس الاعلى لقادة دول مجلس التعاون وجه في دورته الاخيرة في شهر ديسمبر الماضي في الرياض باجراء دراسة مشتركة لدول مجلس التعاون لايجاد برنامج مشترك في مجال التقنية النووية للاغراض السلمية طبقا للمعايير والانظمة الدولية.

بعد ثلاثة عقود من قيام دولة الامارات العربية المتحدة شهدت خلالها الدولة ادارة واثقة وهادئة للازمات.. ما اهم التحديات التي تواجه الدولة وما السبيل لمعالجتها?
لقد حققت دولة الامارات العربية المتحدة خلال العقود الثلاثة الماضية بفضل القيادة الحكيمة لمؤسسها وباني نهضتها المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان طيب الله ثراه, تحولات كبيرة ونهضة شاملة, ماثلة للعيان, في مختلف نواحي الحياة.

وتواصلت هذه النهضة بعد الانتقال الهادئ والسلس للقيادة الى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان رئيس الدولة على طريق تحقيق المزيد من المنجزات التنموية الشاملة.
واننا ماضون على نهج زايد وبالارادة القوية والعزيمة الصلبة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان رئيس الدولة واخوانه اصحاب السمو اعضاء المجلس الاعلى للاتحاد حكام الامارات في تنفيذ برنامج عمل وطني طموح يضع دولتنا في قلب خارطة الاقتصاد العالمي ويوفر لمواطنينا الازدهار الاقتصادي والاجتماعي والرخاء.

هل تراجعت اهمية احتلال الجزر الاماراتية الثلاث امام القضايا الاخرى الراهنة سواء في العراق او ايران او لبنان.. واين وصل ملف هذه الجزر?

قضية احتلال ايران لجزر الامارات الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى عشية اعلان قيام دولة الامارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر 1971, ليست حدثا او تطورا سياسيا كما الاوضاع في الدول التي ذكرتها.. انها قضية احتلال دولة لاراضي دولة جارة, وقضية سيادة وطنية.وهي قضية لا مراجعة ولا تراجع فيها, وهي مدرجة بشكل دوري على جدول الجمعية العمومية للامم المتحدة منذ العام 1972. وللاسف لم يتم احراز اي تقدم في الاتصالات المباشرة والاقليمية والدولية التي تجري مع الجمهورية الاسلامية الايرانية بما يسهم في حل هذه القضية وبما يعزز الامن والاستقرار في المنطقة.

اننا مستمرون في نهجنا السلمي في دعوة جمهورية ايران الاسلامية الايرانية الى الاستجابة لمساعينا المتكررة لحل القضية من خلال المفاوضات المباشرة او احالة القضية الى محكمة العدل الدولية.

مساعدات بالبلايين

رسختم لسمات سياسية للامارات في ادارة الازمات, وجهودها الواثقة في خدمة السلم والامن المجلس والاقليمي الدولي, اضافة الى الجهود الانمائية الانسانية وهو ما يدعم الثقة في اداء الامارات ورجالها.. لماذا لا تتجه الدولة لاستثمار هذه الثقة في المشاركة في حل النزاعات وبؤر التوتر التي لا تخلو منها منطقة في العالم, واذا كان ذلك يحدث فلماذا لا يعلم عنه بشكل مناسب لا يتعارض مع تلك السمة والاداء الواثق البعيد عن الضجيج?

ان سياستنا الخارجية في دوائر اهتماماتها الاربع الخليجية والعربية والاسلامية والعالمية ترتكز على قواعد ثابتة ومبادئ واسس واضحة اساسها الاحترام المتبادل وحُسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للاخرين واقامة العلاقات على اساس المصالح المتبادلة وتنمية روح التعاون وحل المشكلات والنزاعات بالطرق السلمية والالتزام المواثيق العربية والاسلامية والدولية والوقوف الى جانب الحق والعدل والمشاركة في تحقيق الامن والسلم الدوليين.وحرصت دولة الامارات منذ قيامها على البعد عن المحاور والتكتلات حتى تتمكن من القيام بدورها في معالجة الازمات.ان الجهود التي بذلتها وتبذلها دولة الامارات في الاسهام في حل الازمات الاقليمية الدولية وخدمة قضايا السلم والامن, اصبحت سمة من سماتها في معالجة العديد من المشكلات والنزاعات سواء على صعيد المنطقة او على الصعيدين العربي والاقليمي.

صحيح اننا لا نعلن في كثير من الاحيان عن هذا الدور لان ما يهمنا هو الوصول الى الاهداف التي نسعى اليها وليس الاعلان عن دورنا والتركيز عليه. وعلى صعيد العون الخارجي وجهود الاغاثة الانسانية, فان دولة الامارات قدمت مساعدات تنموية سخية الى الدول النامية لدعم جهودها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية يصل حجمها الى نحو 110 بلايين درهم (حوالي 30 بليون دولار).كما ساندت دولة الامارات الاشقاء والاصدقاء ووقفت الى جانبهم في المحن والكوارث حيث تجاوز حجم المساعدات التي قدمتها هيئة الهلال الاحمر وحدها منذ انشائها في العام 1983, وخلال السنوات الست الاخيرة (1999-2005) اكثر من 1.5 بليون درهم شملت نحو 95 دولة في مختلف قارات العالم.