توم ديويسي - كريستيان ساينس مونيتور

من المعقول ان يسعى الشرفاء والمتعاطفون الى ايجاد سبل للحكومات للتنفيس عن خلافاتها. ومن المعقول ايضا توفير مساعدات إنسانية لاولئك الذين يتضورون جوعا او يقعون ضحايا للكوارث الطبيعية. وفي الحقيقة، كانت صورة الامم المتحدة هذه هي التي سوقت على العالم منذ إنشائها.

ومع ذلك، فإن هذا لا يطابق واقع الحال. ذلك أن الأمم المتحدة تسبغ القوة على المتشددين ورجال العصابات. وهي تساعد الطغاة على الاستئثار بالسلطة. كما انها توفر منبراً لإسماع صوت الارهابيين الدوليين.

أرجئ. فاوض. أصدر توصيات. ادرس. اعد النظر، ولا تفعل شيئا. هذه هي اللعبة التي لعبتها الامم المتحدة في كل ازمة دولية تقريبا. إنها السبب في بقاء كوريا الشمالية مصدر تهديد منذ خمسين عاما. وهي السبب في امكانية منح دولة مثل سورية مقعدا في مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة.

ان الامم المتحدة مدفونة اسفل كومة من الفضائح، فلديها فضائح برنامج النفط مقابل الغذاء، وفضائح التهريب، وفضائح السرقات. كما تتسبب مهمات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة -بسجلها المليء بالنهب والاغتصاب والسلب- بخلق مخاوف حقيقية لدى المواطنين المحليين المفترض فيها ان تحميهم.

ترى، من الذي يملك السلطة للاشراف على عملياتها وضبطها. إن الشعوب لا تدلي باصواتها حول عمليات الامم المتحدة، ولا تملك وسائل الاعلام الا النزر اليسير من المداخل لمعرفة ما يدار في الخفاء. ومن يا ترى يدقق سجلات المحاسبة؟

وفي الاثناء، يقر مؤيدو الامم المتحدة بوجود هذه المشاكل ويدعون إلى إجراء quot;إصلاحquot;، لكن الإصلاح لا يعني في نظرهم رتق ثقوب انفاق الامم المتحدة او الكشف عن الفضائح، وإنما يعني بدلاً من ذلك نوعاً من الحكم الكوني.

منذ تأسيسها، بلغ الدفاع عن الامم المتحدة حدا وصل الى الرغبة في محو سيادة الدول، بينما تقوم المنظمة بفرض ما تسميه quot;الذهنية الكونيةquot;. ففي عام 1949 قالت وثيقة لليونيسكو quot;ان القومية هي العائق الرئيس امام تطوير الذهن الكونيquot;. وهناك يكمن الهدف الحقيقي للامم المتحدة، والذي يمكن أن يخرجها عن صورتها العامة التي تتلخص في كونها مكاناً حيث يمكن للأمم أن تأتي وتنفس عن خلافاتها وتتصرف بطريقة مسؤولة.

لكن الامم المتحدة تعمل بدلاً من ذلك على كسب القوة لنفسها حتى تصبح مستقلة وسيدة على الدول الاعضاء فيها. ولتحقيق ذلك، فانها تحتاج القوة لاستيفاء الضرائب. وفي التاسع عشر من ايلول -سبتمبر اقرت عدة دول خططا لإقرار ضريبة كونية، من خلال فرض ضريبة على تذاكر السفر بالطائرات بشكل رئيسي، للمساعدة في تمويل عمليات علاج الايدز. وثمة الكثير من المخططات الضريبية الأخرى في قائمة أمنيات الامم المتحدة. لكن الامم المتحدة اذا ما اعطيت الصلاحية لفرض ضريبة، فإنها ستتحول الى وحش طليق من القيود. وترغب الأمم المتحدة، بالطبع، في أن تكون لها قواتها العسكرية الخاصة، وهي تمتلك فعلياً محكمتها الخاصة. ولك أن تتخيل عالما تديره العدالة الصينية واقتصاديات كوبا وجبروت الولايات المتحدة العسكري. هكذا سيكون عالم المستقبل تحت الحكم الكوني للامم المتحدة.

لعل نظرة خاطفة الى التاريخ الحديث تظهر ان الامم المتحدة غير مناسبة كهيئة لتحقيق السلم العالمي. فباستخدامها صورا للحالات البيئية الطارئة الخطرة، والأمراض التي تتهدد حياة أطفال يتضورون جوعاً، تروج الأمم المتحدة لأجندة تسعى إلى إعادة تقسيم ثروات العالم. ولم يسبق لي أن عثرت على أي ذكر في اي وثيقة مفردة للامم المتحدة، والتي تدافع عن حق الملكية الخاصة. وفي الحقيقة فان عدم القدرة على حيازة ملكية خاصة يخلق الفقر. وثمة حقيقة أخرى هي ان المصادرة على حق الملكية الخاصة لم تساعد مطلقا في القضاء على الفقر.

انها سياسة اقتصادية سيئة. لكنها الحل الوحيد الذي تطرحه الامم المتحدة لوضع حد للمعاناة الهائلة في شتى انحاء العالم. حيث عليك أن تأخذ الثروة من احد المصادر لتعطيها لآخر. وأنا اعتقد بأن ذلك هو السبب الحقيقي للمعاناة وليس حلها.

ان الامم المتحدة ليست quot;غير فعالةquot; وحسب، كما زعم بعض quot;الإصلاحيينquot;. إنها مؤسسة إجرامية، لا ينبغي لأي دولة أخلاقية أن تشارك فيها، ناهيك عن العمل على إدامتها.