رندة تقي الدين


يؤكد التصعيد الذي اعتمدته المعارضة اللبنانية، التي تساهم منذ الحرب الاسرائيلية على لبنان في تموز (يوليو) الماضي في تدهور الأحوال الاقتصادية في البلاد، ان سورية خرجت بقواتها من لبنان لكنها بقيت مهيمنة عليه عبر حلفائها.

واليوم، يريد العالم بأسره، باستثناء ايران وسورية، مساعدة لبنان على الخروج من محنته الاقتصادية، فيما تكثف المعارضة مساعيها لشل الاقتصاد اللبناني.

وكانت تصريحات وزير سابق، حليف لدمشق، دعا فيها الى اغلاق المطار والمرافئ وقطع الطرقات قبل موسم الأعياد، قد أدى الى الغاء حوالي 60 ألف مواطن خليجي زيارتهم الى لبنان وتوجههم الى مصر بدلاً عنه.

ففرغت فنادق لبنان كلها، وتحول موظفوها الى عاطلين عن العمل، ناهيك عن تراجع الحركة الاقتصادية على جميع الأصعدة.

والمشروع السوري للبنان هو العمل على الغاء المحكمة الدولية لأن سورية تتخوف من الحقيقة. ولكن حتى في حال عملت سورية عبر حلفائها في لبنان على تعطيل إنشاء المحكمة أو تأخيرها، فالأهم من المحكمة هو فحوى التحقيق الدولي الذي يقوم به فريق القاضي سيرج براميرتز.

والكل يتطلع وينادي بالمحكمة الدولية متناسياً أن نتائج التحقيق الدولي التي ستقود عاجلاً أم آجلاً الى الضالعين في الجرائم التي شهدها لبنان هي الأهم.

ومن الأفضل اذن ان تقتنع سورية، لأن الحل يكمن في تغيير سلوكها والتعامل مع لبنان كبلد مستقل وسيد، مما يتيح لها العودة الى الأسرة الدولية، مثلما حصل مع ليبيا التي اقتنعت بضرورة الموافقة على نتائج المحاكمتين في قضيتي تفجير طائرتي laquo;يوتاraquo; ولوكربي.

أما المعارضة اللبنانية الحليفة لسورية فلا يجوز أن تعيق مساعدة لبنان على الخروج من مأزقه الاقتصادي، لأن البلد ليس لتيار laquo;المستقبلraquo; أو اللقاء الديموقراطي أو لـ laquo;حزب اللهraquo; أو laquo;أملraquo;، بل ان لبنان المنتعش والمتقدم اقتصادياً هو للجميع.

وسورية حالت دون الاصلاحات الاقتصادية التي كانت مطلوبة من رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري عقب laquo;باريس 2raquo; من خلال تعطيل الرئيس اللبناني اميل لحود لهذه الاصلاحات.

والسيناريو نفسه أمامنا الآن، فقد قتل الحريري والنائب باسل فليحان والصحافيان سمير قصير وجبران تويني وبعدهما المسؤول الشيوعي السابق جورج حاوي ثم النائب بيار الجميل، وقد تستمر سلسلة الكوارث هذه والرئيس لحود صامد في التعطيل، خدمة لمن اختاره ومدد له.

والآن وفيما بات لبنان على وشك الافلاس، ماذا تريد هذه المعارضة؟

هل تريد تسليم البلد الى سورية وايران أم انها تريد التخريب والتدمير والتعطيل خدمة لهذين البلدين؟

فمؤتمر laquo;باريس 3raquo; والتحضير الجاري له في باريس بحضور وزراء المال والاقتصاد اللبنانيين وحاكم المصرف المركزي اللبناني بالغ الأهمية لإنقاذ لبنان والسماح له بدفع أجور موظفيه وتمويل استيراده من الفيول.

وإذا كانت المقاومة فعلاً وطنية، عليها أن تحض جميع الأطراف المعارضة على القبول بالحوار ومناقشة مصير لبنان بعيداً عن مصالح سورية وايران وأي دولة أخرى، وإلا فإن التعطيل والتخريب سيؤثران على الجميع.