الأثنين 5 فبراير 2007
عائشة المري
كان للريادة عنوان هو دبي، وأصبح للمستقبل عنوان هو دبي، خريطة طريق رسم معالمها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تحدد توجهات دبي المستقبلية وغاياتها الاستراتيجية في خطة استراتيجية للتنمية والتحديث حتى عام 2015. خطة حملت عنوان quot;دبي.. حيث يبدأ المستقبلquot;، جسدت رؤية واضحة المعالم، جسدت فلسفة دبي الاقتصادية والاجتماعية والتنموية الشاملة. ركزت الخطة على خمسة قطاعات حيوية متداخلة هي التنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، والبنية التحتية، والبيئة والأمن، وأخيراً التميز الحكومي، في خطة بنيت على ما تحقق ونُظر فيها إلى كافة القطاعات على أساس التنمية الشاملة والمستدامة، حيث تمازج التركيز على الاقتصاد بالتركيز على البنية الاجتماعية. ومع تعزيز البنية الأساسية كان التركيز على البيئة ولم يحرم الإمارة التركيز على الأمن والسلامة من مركزية العدل وحقوق الإنسان ،فيما كان التميز الحكومي قيمة ووسيلة للمستقبل، خطة ونموذجاً للتطوير يحتذى به تستهدف بالأساس خدمة الوطن والمواطنين.
الإنسان هو محور الخطة الاستراتيجية لدبي، باعتباره محرك التنمية الأول ومحورها، وهذا ما أكد عليه مراراً صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أثناء إعلانه للخطة، بتعليم أفضل لحياة أفضل، وكان التشاور مع الجهات المعنية مبدأ أساسياً لصياغة الخطة وتحديد الأولويات لتشكيل إطار مشترك تتحرك من خلاله مختلف الجهات الحكومية بما يلبي الغايات والأهداف المنشودة. وحملت الخطة رسالة واضحة تجسدت بتحقيق التنمية الشاملة وبناء الموارد البشرية، التنمية الاقتصادية وتحديث القطاع الحكومي، الحفاظ على استمرارية النمو والازدهار، الحفاظ على مصلحة المواطنين والصالح العام وسعادة الناس، توفير بيئة ملائمة تقود نحو النمو والازدهار في المجالات المختلفة. رسالة واضحة المعالم في جزئياتها المختلفة توزعت على قطاعات مختلفة ترتكز عليها الخطة بدءاً بالتنمية الاقتصادية التي حددت أطرها بتبني مبادئ الاقتصاد الحر، والريادة والإبداع موافقاً مع السرعة في الإنجاز من خلال علاقة فريدة بين القطاع الحكومي والخاص.
رغم التركيز على القطاعات الاقتصادية مع محوريته في إمارة دبي إلا أنه لم يمنع أو يحجب التركيز على التنمية الاجتماعية، ويستمد التركيز على القضايا الاجتماعية محورية في عالم اليوم حيث ركز الشيخ محمد خلال حديثه على أن عالمية إمارة دبي يجب ألا تثير المخاوف في إطار السعي نحو التطوير مع التركيز على الهوية المحلية قائلاً: quot;عرفت حضارتنا وتاريخنا الكثير من المدن العالمية حيث كانت قرطبة ودمشق وبغداد مدناً عالمية وأدى ذلك إلى رقيها وشهرتها عبر التاريخquot;. العالمية مع الحفاظ على الخصوصية لن تتأتى إلا من خلال تمازج التنمية الاقتصادية مع التنمية الاجتماعية والتركيز على تعزيز الهوية الوطنية، وجسدت الغايات الاجتماعية في الخطة هذه الرؤية الواضحة المعالم للشيخ محمد بالتركيز على سبعة مجالات رئيسية للتنمية الاجتماعية: الهوية الوطنية والتقارب الاجتماعي، تعزيز دور المواطنين في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، التعليم، الصحة الخدمات الاجتماعية، وتأمين المساواة وتطوير ظروف العمل، إضافة إلى تطوير الحركة الثقافية في دبي. سبعة هموم وطنية لا تحمل همَّ إمارة دبي فقط، فحماية الهوية الوطنية لن تتأتى في ظل اختلال واضح للتركيبة السكانية لن يتعزز إلا بالتركيز على الثقافة الوطنية وتعزيز الحس الوطني باتباع سياسات تؤكد على زيادة الوعي بالثقافة الوطنية من خلال المناهج التعليمية ووسائل الإعلام والتركيز على الثقافة المحلية كمكمل للثقافة العالمية التي تتميز بها دبي. أي بمعنى آخر الانفتاح مع المحافظة على الطابع الوطني. لكن كل ذلك لن يتحقق إلا بالتركيز على اللغة العربية كمحرك ثقافي لتاريخ وحضارة دولتنا. ترتكز النقطة الثانية في التنمية الاجتماعية على تعزيز دور المواطن في الوطن سواء في سوق العمل أم في الحياة الاجتماعية، سواء بتشجيع العمل التطوعي أم خدمة المجتمع. فيما ركزت النقطة التالية على قطاع التعليم من ناحية تطوير قطاع التعليم الحكومي والخاص وتطوير المناهج وأساليب التعليم ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس كافة. ويتواءم مع التركيز على التعليم تعزيز خدمات الرعاية الطبية، فيما أوضحت الخطة أساليب تطوير الخدمات الاجتماعية بتطوير الخدمة ومقدم الخدمة والانتقال من منهجية quot;الرعاية الاجتماعيةquot; التي اعتمدتها الدولة طوال السنوات الماضية إلى منهجية quot;التنمية الاجتماعيةquot; وتشجيع المشاركة المجتمعية. إضافة إلى تطوير ظروف عمل ملائمة للقوى العاملة بدبي، ورفع مستوى وعي أصحاب العمل والموظفين بحقوقهم وواجباتهم القانونية، فيما كان الارتقاء بالحياة الثقافية مجالاً حيوياً في التنمية الاجتماعية.
حقيقة فإن التركيز على القضايا الاجتماعية كان الحلقة المفقودة في تجربة إمارة دبي، على الرغم من تكاملها، وهذا ما أعلنه الشيخ محمد مشدداً على التنمية البشرية، التي اعتبرها quot;أصعب من التنمية المادية لأنها عملية لا تنتهيquot; خاصة وأن الخطة الاقتصادية السابقة قد تحققت بالكامل عام 2005، وذلك قبل الموعد المحدد بخمسة أعوام، بعد أن حققت إمارة دبي أعلى معدل نمو في دول الخليج بواقع 13 في المئة، لذلك كان الإنسان عنواناً واضحاً للخطة الاستراتيجية.
ركزت المحاور المتبقية على تطوير البنية التحتية وتعزيز نمو إمارة دبي، بالاستثمار في تطوير نظام حديث للطرق وأنظمة النقل والمشروعات الضخمة كمشروع مترو دبي بما يتوافق مع المحافظة على بيئة آمنة. وظهر هاجس الأمن والسلامة كمحور مستقل داعم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال غايات واضحة تركز على المحافظة على الأمن والنظام وضمان سهولة التقاضي والعدالة، كل ذلك مع التركيز على صون الحقوق وحماية الحريات.
كل تلك المنجزات التي تحققت والتي ستتحقق لن ترى النور إلا بتميز للإدارة في القطاع الحكومي بالتركيز على ثقافة الجودة والإدارة الحكومية المتميزة في ظل ثقافة المساءلة والشفافية وتطوير الخدمات المقدمة وتنمية الموارد البشرية.
ذلك كان استعراضاً موجزاً لملامح خطة دبي الاستراتيجية 2007 ndash; 2015 ركزنا فيه على التنمية الاجتماعية دون إغفال أهمية المحاور الثانية، فالتخطيط وصولاً للأهداف درس تفوقت فيه إمارة دبي وهي إضافة للتجربة الاتحادية هدفها الإنسان بالدرجة الأولى.
التعليقات