الثلاثاء 13 فبراير 2007

أجواء تفاؤل لبنانية وموسى يؤشر إلى تعقيدات والأسد يشدد على quot;توافق وطنيquot;

بيروت - دمشق، الخليج

تترقب الساحة السياسية اللبنانية مآل محادثات إقليمية مكثفة لإنضاج التسوية لحل الأزمة السياسية المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أشهر. وأجمعت المواقف الداخلية على أن تكون الذكرى الثانية لاغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري غداً مناسبة للجميع، وللتهدئة، ومدخلاً من أجل تسوية الأزمة الراهنة. ويتوقع أن تنم الخطابات السياسية في المناسبة عن سعي فريق الأكثرية إلى إضفاء مناخات التهدئة، في إطار التهيئة الداخلية لاقتراب موعد إعلان الصياغات شبه النهائية لتسوية الأزمة. وفي ما أعلن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أن لبنان يسير نحو الحل، أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في دمشق أن هناك تعقيدات في الأزمة اللبنانية يأمل حلها واحدة واحدة، وذلك بعد لقائه الرئيس السوري بشار الأسد الذي أكد على الوفاق الوطني سبيلا لتحقيق الاستقرار بعيدا عن التدخلات الأجنبية. وشدد الرئيس اللبناني إميل لحود على ضرورة أن تكون ذكرى اغتيال رفيق الحريري مناسبة لتوحيد اللبنانيين، ووصف الانقسام الحالي بأنه غير مسبوق. ومن جانبها أعلنت قوى المعارضة أمس أن حدث اغتيال الحريري استهدف السلم الأهلي.

وترافقت تحضيرات إحياء الذكرى الثانية لاغتيال رفيق الحريري مع أجواء سياسية ldquo;متفائلةrdquo; توحي باقتراب الوصول إلى ldquo;سلةrdquo; متكاملة للحل، ومع إجراءات أمنية متشددة اتخذتها القوى الأمنية، وخصوصا الجيش اللبناني الذي انتشر بكثافة في محيط وسط بيروت، المكان المخصص للاحتفال بالذكرى، وفي الطرق والممرات المؤدية إليه، منعاً لأي احتكاك بين جمهورَي المعارضة والأكثرية. وأقام الجيش جداراً حديدياً فاصلاً بعد ضريح الحريري، ووصله بشحنات كهربائية عالية، تمنع تجاوزه . وأعرب الرئيس اللبناني العماد إميل لحود عن أمله في أن تكون ذكرى رفيق الحريري ldquo;مناسبة لإعادة لم شمل جميع اللبنانيين، وللقائهم حول ضرورة وحدتهم، ونبذ التفرقة والانقسامات بينهم، وتطلعهم إلى مستقبل آمن ومزدهر لهم ولوطنهمrdquo;، وقال إن هذه الأهداف ldquo;هي التي سعى الرئيس الشهيد إلى تحقيقها طوال عمله السياسي والإنساني والاقتصادي في خدمة بلده وشعبهrdquo;.

وإذ شدد لحود على أن اللبنانيين يفتقدون اليوم شخصية الرئيس الحريري وعطاءاته من أجل وطنه، وعلاقاته الإقليمية والدولية التي أكسبته حضورا فاعلا على الساحة السياسية، رأى أن العبرة الأهم التي يجب استخلاصها من إنجازات الرئيس الشهيد وتطلعاته الوطنية، هي ضرورة التعالي عن الجروح والأحزان على الرغم من عمقها وتأثيراتها الكبيرة في وجدان محبيه، وفي الفراغ الذي تركه استشهاده، من أجل الحفاظ على الوطن الذي حلم به الرئيس الحريري، والذي يعاني اليوم ويا للأسف تناحر أبنائه وانقسامهم الحاد إلى درجة لم تشهدها البلاد في السابق.

وأكد أن هذا الحرص على وحدة لبنان وحلم الحريري يوازيه الحرص على معرفة حقيقة جريمة اغتياله المزلزلة مع رفاق له، وتأكيد أهمية إنشاء المحكمة الدولية لمحاكمة المخططين والمتواطئين والمرتكبين، بعيدا عن التسييس الذي يؤدي في النهاية إلى طمس الحقائق وتشويهها، وإخفاء هوية المجرمين الحقيقيين، وهذا ما يخدم بالضبط محاولات استغلال هذه المحكمة التي يهدف منها العدو إلى ضرب وحدة اللبنانيين وإشعال الفتنة في وسطهم.

وفي تأكيد أجواء التفاؤل، قال رئيس الوزراء فؤاد السنيورة ldquo;إننا سائرون في اتجاه الحل، ونحن مصممون على السير إلى الأمام، وأنا على ثقة أننا على الطريق الصحيحrdquo;. وجاء تصريح السنيورة بعد اجتماعه أمس مع سفير السعودية عبد العزيز خوجة، وقال ldquo;إننا ونحن على بعد يومين من الذكرى السنوية الأليمة التي تعرض لها لبنان والمجتمع اللبناني والأمة العربية إلى هذا الفقدان الكبير لشهيدنا الكبير رفيق الحريري، هذا لا يزيدنا إلا إصرارا على وحدة اللبنانيين التي طالما تمسك بها الرئيس رفيق الحريري، وعلى إيجاد الحلول المستقبلية الحقيقية من أجل معالجة شتى وجهات النظر المختلفة في هذا الصدد، وهي قليلة إذا ما قارناها بما يجتمع عليه اللبنانيون.. علينا أن نبني على ما نجتمع عليه، وأن ننظر إلى الفروق لإيجاد حل يطمئن له الجميع، ولذلك أنا من المؤمنين أننا سائرون في اتجاه الحل، ولكن علينا دائما أن نعطي الجهد اللازم وأن نبتعد عما يفرق وعما يشنج، وليس من الحكمة استعمال التصريحات النارية لأن ذلك لا يؤدي إلى نتيجة ولا يقدمنا خطوة إلى الأمام، ونحن مصممون على السير إلى الأمام، وأنا على ثقة أننا على الطريق الصحيحrdquo;.

وعن مهمة عمرو موسى في سوريا، قال السنيورة ldquo;نأمل دائما الخير، ودائما قلنا وما زلنا نقول إننا نريد أن نبني علاقات صحية وصحيحة مع الشقيقة سوريا، وليس هناك من مصلحة لا للبنان ولا سوريا أن لا نكون على علاقات جيدة، وسأكون على اتصال مع موسى لمعرفة كل جديد في هذا الشأنrdquo;.

وقد استقبل الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق أمس الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وذكرت وكالة الأنباء السورية أنه أكد لموسى أن ldquo;الوفاق الوطني هو السبيل لتحقيق الاستقرار والوحدة الوطنية بعيدا عن التدخلات الأجنبية. وجدد الأسد في اللقاء الذي حضره وزير الخارجية وليد المعلمrdquo; دعم بلاده للجهود المخلصة التي تساعد على بلوغ هذا الهدف، وشدد على أهمية تفعيل التضامن العربي وإيجاد موقف عربي فاعل إزاء التحديات التي تواجه الأمة بأكملها.

وصرح عمرو موسى بعد لقائه الرئيس السوري أنه سيواصل جهوده في الوساطة من أجل إيجاد حل للأزمة اللبنانية، وشدد على أن الطريق ليس مسدودا أمام الوساطة التي يقوم بها، مؤكداً في الوقت نفسه على أن الأمر يحتاج إلى مزيد من التشاور بين الجامعة والدول العربية والقادة اللبنانيين.

وفي مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، قال موسى ldquo;هناك موضوعات فيها تعقيدات وآمل فكها واحدة واحدةrdquo;، ورفض تحديد موعد زيارته المقبلة إلى بيروت، وقال إنها ستتم قريبا. وبشأن المحكمة الدولية في قضية اغتيال الحريري أفاد أنها جزء من الطرح الموجود في لبنان مع حكومة الوحدة الوطنية والانتخابات المقبلة وrdquo;يجب التعامل معهrdquo;. وأضاف ldquo;لا توجد معارضة لقيام المحكمة، ويجب أن تكون المحكمة لمحاكمة الذين قاموا بهذا العمل الإجرامي، ونوع المحكمة وكيف تعمل مسألة فيها تفاصيل قد يجري الاختلاف عليهاrdquo;.

وقال موسى بشأن الاتصالات السعودية الإيرانية حول لبنان إن ldquo;إيران جزء رئيسي في المنطقة، ومن المهم أن تكون هناك اتصالات مستمرة معها، والمهم أيضا التنسيق بين مجموعة المصالح الإيرانية والمصالح العربية، حتى لا تقع المنطقة رهينة لتدخل أجنبي قد يصل إلى مرحلة الخطورة في أي لحظةrdquo;.

ووصف المعلم اللقاء بين الرئيس الأسد والأمين العام لجامعة الدول العربية بأنه كان مثمراً وبناء، وجدد في مؤتمر صحفي مشترك مع موسى حرص سوريا على استقرار وأمن لبنان باعتباره مهما جدا لاستقرار وأمن سوريا، وأضاف أن من الطبيعي أن ترغب سوريا بأن يتوصل الأخوة اللبنانيون فيما بينهم إلى حل لأنها تؤمن بأن الحل يجب أن ينبع من لبنان. وقال إن سوريا ستدعم كل ما يتوافق حوله اللبنانيون وأن الجميع يريد أن يرى لبنان في حال من الأمن والاستقرار اليوم قبل الغد، لأن عامل الزمن مهم للتوصل إلى حل للأزمة في لبنان.

وفي سياق التفاؤل الداخلي أيضاً، قال النائب غسان تويني، بعد زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس إنه مطمئن لأن كل شيء على النار في هذه المرحلة، خصوصا ما يتعلق بمشروع المحكمة ذات الطابع الدولي في قضية اغتيال رفيق الحريري والحكومة، وأمل التوصل إلى شيء في الأيام المقبلة.

وفي حديثه الأسبوعي لصحيفة الأنباء، قال رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط إن آفاق التسوية السياسية لا تزال ممكنة، على الرغم من كل الاختلافات وخطاب التهويل والتهديد، وأشار إلى أن التسوية هي السبيل الوحيد لولوج مرحلة جديدة.

وترجم حزب الله أجواء التهدئة والتفاؤل، برده على رسالة ldquo;المحبةrdquo; التي كانت أرسلتها أرملة الراحل رفيق الحريري نازك الحريري إلى أمينه العام السيد حسن نصر الله، وذكرت فيها ldquo;وعدrdquo; الراحل بحماية المقاومة وقيادتها، ب ldquo;تحية مماثلةrdquo;، حيث شدّد نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم على ضرورة أن تكون الذكرى الثانية للاغتيال مناسبة لجمع جميع اللبنانيين، موالين ومعارضين، على الرغم من أن قاسم اعتبر، في حديث تلفزيوني، أن اعتصام المعارضة المفتوح منذ 75 يوماً في وسط بيروت أصبح جزءاً من أي حل يطرح لتسوية الأزمة الحالية، وأكد أن الاعتصام مستمر حتى تحقيق مطالب المعارضة.

وحافظ النائب سعد الحريري على أجواء ldquo;التهدئةrdquo; مع حزب الله تحديداً، ولم يطاوله، في انتقاداته التي كالها للنظام السوري الذي اتهمه بالتعاون مع من أسماهم ldquo;المؤتمرين بأوامر في الداخلrdquo; بالسعي إلى تأجيج الحديث عن قيام الحرب الأهلية في لبنان والتلويح بها، وأكد في الوقت نفسه أن لبنان لا يتجه نحو حرب أهلية على الرغم من كل ما حصل. وأقر الحريري، في حديث صحافي أمس، بأن الأكثرية التي يتزعمها ارتكبت ldquo;أخطاءrdquo; في ممارستها السياسية منذ توليها الحكم في لبنان، لكنها ليست السبب الأساسي في نشوب الأزمة الحالية التي ردها إلى موقف بعضهم من المحكمة الدولية في قضية اغتيال والده، والعمل على تعطيلها.

وعقدت قوى ldquo;14 آذارrdquo; اجتماعاً موسعاً مساء أمس، في قريطم عرضت خلاله التحضيرات الجارية لإحياء الذكرى الثانية لاغتيال رفيق الحريري، وقرأ رئيس كتلة المستقبل سعد الحريري بياناً شن فيه هجوماً شديد اللهجة على سوريا متهماً إياها مجدداً باغتيال والده رفيق الحريري، وتنفيذ سلسلة اغتيالات جرت بعد ذلك. واتهم دمشق ب ldquo;محاولة اغتيال المحكمة الدوليةrdquo;، ودعا الى المشاركة المكثفة في فعاليات إحياء ذكرى اغتيال الحريري غداً الأربعاء.

وقالت قوى المعارضة في لقاء الأحزاب والقوى الوطنية إنها منفتحة على الحلول السياسية التي تعيد تصويب مسار الأمور في لبنان على القواعد التي تحمي الوحدة الوطنية وتضع حدا للوصاية الأجنبية وخرق للدستور، غير أن الفريق الحاكم هو الذي يلجأ في كل مرة يحصل فيها تقدم على صعيد الجهود السياسية إلى تعطيلها بناء على تعليمات أمريكية فرنسية. وأوضحت ldquo;أن ذكرى اغتيال الرئيس الحريري يجب أن تكون مناسبة لجميع اللبنانيين للاتعاظ مما حصل، وإدراك أن من أقدم على ارتكاب هذه الجريمة النكراء وغيرها من الجرائم هو الذي يريد إيقاع اللبنانيين في شرك الفتنة وضرب مسيرة السلم الأهلي، الأمر الذي يوجب على جميع اللبنانيين عدم الانجرار إلى فخ الفتنة والابتعاد عن الشحن الطائفيrdquo;. وقررت لجنة المتابعة للقاء إرسال إكليل زهور لوضعه على ضريح الحريري.