الخميس 22 فبراير 2007


هل يعيد التاريخ نفسه من جديد في تركيا ؟


رسالة أنقرةـ أسامة عبدالعزيز، الأهرام


في الوقت الذي يستعد فيه حزب العدالة الحاكم في تركيا بخلفيته الإسلاميةrlm;,rlm; لبلوغ مقعد رئيس الجمهورية في مايو المقبل وفقا لآليات الدستور المعمول بها في البلادrlm;,rlm; لامتلاكه الغالبية العظمي من الأعضاء بالبرلمان المجلس الوطني التركي الجهة المنوط بها اختيار رئيس الجمهورية لفترة واحدة مدتهاrlm;7rlm; سنواتrlm;..rlm; فوجئت الحكومة بهجوم ضار شنته أحزاب المعارضة ضدهاrlm;,rlm; معتمدة علي اتجاهات رئيس الجمهورية أحمد نجدت سيزر ورئيس الأركان يشار بويك وجميع القيادات العسكرية علي خلفية عزم الحكومة إجراء حوار مباشر مع زعماء الأكراد بشمال العراق جلال الطالباني ومسعود البارزانيrlm;,rlm; من أجل التوصل لحلول بشأن موضوعي مستقبل مدينة كركوك العراقية وأعضاء حزب العمال الكردستانيrlm;.rlm;

وعلي الفور طرح التلاسن الذي تشهده الساحة التركية علي مدي الساعات الـrlm;48rlm; الماضيةrlm;,rlm; بين الجناح العسكري والحكومة سؤالا محدداrlm;,rlm; هل سيعيد التاريخ نفسه مرة أخري ويتدخل العسكر في تسيير الأمور السياسية أو توجيه السياسات الداخلية وفقا لوجهة نظره دون اعتبار لمؤسسات الدولة الأخري بما فيها المؤسسات المنتخبة التي تمثلها حكومة حزب العدالةrlm;,rlm; وذلك علي الرغم من تقليم أظافر العسكر علي مدي السنوات الخمس الماضية نتيجة اتجاه تركيا الي الأوربة وهي من الشروط التي حددها الاتحاد الأوروبي لانضمام تركيا إليهrlm;.rlm; وعلي ما يبدو أن هناك سببين رئيسيين أديا لظهور هذه الأزمة علي السطح مرة أخري من جديدrlm;,rlm; الأول يتعلق بالاخفاق غير المحدود في التعامل مع ملف الأوربة بعد تعليق المفاوضات بشأنrlm;8rlm; ملفات من بينrlm;35rlm; ملفا يجري التفاوض عليها لتحقيق الانضمام الي الاتحاد الأوروبي تتعلق بالأزمة القبرصية وهو ما يفيد بصورة واضحة تأجيل عملية الحسم الي فترة تتراوح بينrlm;10rlm; وrlm;15rlm; سنةrlm;,rlm; وهو ما يعطي الفرصة للعسكر للتدخل في تحديد السياسات مرة أخريrlm;.rlm;

بينما يتعلق السبب الثاني بقرب إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية في شهر مايو المقبلrlm;,rlm; الذي تؤكد كل الشواهد أن حزب العدالة الحاكم بتوجهاته الإسلامية سيفوز بها وهو ما يثير قلق جميع الفصائل العلمانية بتركيا وهو ما يستدعي ضرورة التدخل قبل فوات الأوان ويتحكم الاسلاميون في كل محاور الحركة السياسية بالبلادrlm;,rlm; وعلي الرغم من أن منصب رئيس الجمهورية في تركيا يعد شرفيا أو رمزياrlm;,rlm; إلا أنه يتمتع بسلطات وصلاحيات مهمة يكفلها له الدستور أبرزها حق مطالبة المجلس بإعادة النظر في القوانين ودعوة المحكمة الدستورية لإلغاء القوانين أو القرارات الحكوميةrlm;,rlm; التي لها قوة القانون علي أساس عدم دستوريتها من الناحية الشكلية أو الموضوعيةrlm;,rlm; الي جانب اتخاذ القرارات المتعلقة باستخدام القوات العسكرية وتعيين أعضاء المحكمة الدستورية واعلان الأحكام العرفية أو حالة االطواريء وغيرها من صلاحياتrlm;.rlm;

كل هذه الصلاحيات بطبيعة الحال تثير قلق العلمانيين في حالة فوز حزب العدالة الحاكم بمنصب رئيس الجمهورية بتركياrlm;,rlm; الأمر الذي من شأنه تقويض مباديء العلمانية التي استقرت بالبلاد علي مديrlm;70rlm; عاما منذ تأسيس مصطفي كمال أتاتورك تركيا الحديثةrlm;,rlm; التي اعتمدت في دستورها مبدأ احترام العلمانية وعدم الخروج عن أهدافهاrlm;.rlm;

وبطبيعة الحالrlm;,rlm; بدأ المتابع للشأن التركي يتساءل عن السبب وراء إثارة هذه الأزمة من جديد بين العسكر وأحزاب المعارضة بكل توجهاتها من جهةrlm;,rlm; والحكومة من جهة أخريrlm;..rlm; بعد أن شهدت الأعوام الأربعة الماضية فترة توافق غير مسبوقة بين العسكر والحكومة لأسباب معروفةrlm;,rlm; أهمها إمكان تحقيق الحلم التركي بالانضمام للاتحاد الأوروبي ونجاح حزب العدالة الحاكم في التعامل مع كل عناصر صناع القرار في البلاد وعلي رأسها المؤسسة العسكرية بحرفية سياسية عالية أكسبتها ثقة الشارع التركيrlm;,rlm; بالإضافة الي قدرة الحزب الحاكم علي الوصول بالسياسات الاقتصادية الي نقطة انطلاق لايمكن الاختلاف عليها بعد الأزمة التي عصفت بالبلاد منذ خمس سنواتrlm;.rlm;

وجاءت إثارة الأزمة بعد أن أشار رئيس الأركان يشار بويك ـ في تصريحات بواشنطن ـ الي أنه لايمكن أن أجلس واتحاور مع الزعماء الأكراد الذين يقدمون الدعم الكامل لمنظمة إرهابيةrlm;(rlm; حزب العمال الكردستانيrlm;),rlm; ومعها تزامنت تصريحات وزير الخارجية عبدالله جول الذي أكد أهمية الدبلوماسية قبل السلاحrlm;.rlm;

وعلي الفور استغلت أحزاب المعارضة الفرصة وشنت هجوما حادا علي الحكومةrlm;,rlm; مستندة الي اتجاهات رئيس الجمهورية ورئيس هيئة الأركان لدرجة أن الصحف التركية أشارت الي أن هذه الأزمة بدأت تشير الي انشقاقات في قمة الدولة بين رئيس الجمهورية ومعه العسكر ضد الحكومةrlm;,rlm; وهو ما أكدته صحيفة جمهوريت الصادرة صباح الاثنينrlm;19rlm; فبراير الحاليrlm;,rlm; حيث أشارت الي موقف رئيس الجمهورية الواضح والرافض لإجراء أي حوار مباشر مع الزعماء الأكراد للدرجة التي ذهبت فيه الي التأكيد أن سيزر يرفض توجيه الدعوة الي الرئيس العراقي جلال طالباني لزيارة تركياrlm;.rlm;

وأكد أونور أوبمن نائب رئيس حزب الشعب الجمهوريrlm;,rlm; أن الحكومة تتبع سياسة يومية بخصوص موضوع العراق وترسم سياستها علي ضوء تعليمات الدول الأجنبيةrlm;,rlm; وحسب اتجاه سير الرياحrlm;,rlm; كما أشار نائب رئيس حزب الطريق القويم نزهت قاندمير الي أن تصريحات رئيس الوزراء خاطئة لأنه يجب أن يؤكد ضرورة حماية وحدة الأراضي العراقية وأن تكون الحكومة المركزية العراقية جهة التخاطب الوحيدةrlm;.rlm; وأوضح رئيس حزب الوطن الأم أركان مومجي أن من الحق الطبيعي أن تطالب تركيا بتأسيس السلام والاستقرار بالمنطقةrlm;,rlm; إلا أنه يجب توجيه سؤال لأردوغان هل تخلت تركيا عن مبدأ ضرورة الحفاظ علي وحدة أراضي العراقrlm;.rlm; ومهما يكن الأمرrlm;,rlm; يبقي السؤالrlm;..rlm; هل يعيد التاريخ نفسه من جديد في تركيا؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون أكثر من زوبعة وتمر وعاصفة طريقها الزوال وينجح حزب العدالة في الوصول الي مقعد رئيس الجمهورية؟