عابد خزندار
الدراما فن إغريقي وقد نشأ كما يقول نيتشه في كتاب له عنها نتيجة للصراع بين ابوللو رمز العقل عند الإغريق وديونيسيس رمز الفوضى والانفلات، وبطل الدراما عادة ما يكون شخصا خارج المألوف ولكنه يحتوي على نقيصة أخلاقية وبذلك يتعرض لمأساة تنتهي بطرده وعقابه من المجتمع، وقد يقوم هو بعقاب نفسه والخروج من المجتمع كما فعل اوديب وقد يعدم كما حدث لانتيجوني، وقد انتهت الدرما بانتهاء البطل الدرامي الذي لم يعد له وجود كما قال جورج شتاينر، أما الحكاية فهي أيضا فن قديم ازدهر لدى العرب والمسلمين ولا سيما بعد الرحلات التي قام بها العديد منهم وجابوا أنحاء العالم ابتداء من القرن الثالث الهجري، والحاكي عادة ما يكون واحدا من هؤلاء الرحالة، ولهذا فإن الحكايات التي عادوا بها من رحلاتهم تشمل كل بلاد العالم المعروف وخاصة الشرق كالهند والسند والصين وجزر واق الواق التي يقال إنها اليابان، والحكاية في الأساس هي عن شخص عادي تمر به ظروف خارقة كالحسن البصري ثم يعيش في تبات ونبات ولكنها في كل أحوالها تنتهي بعظة وعبرة، وغالبا ما تبدأ بهذه العبارة التقليدية quot;حكاية لو كتبت على آماق البصر لكانت عبرة لمن اعتبرquot; وقد اندثرت الحكاية بدورها لا لأنها شفهية ولا لاختراع السينما والتلفزيون، ولكن لانقراض الرجل العادي الذي يقدم على المغامرة ويتعرض للمخاطر وحل محله آخر يمكن أن تلخص في أنه ولد وعاش ومات، فلم تعد هناك أي حكاية يمكن أن تحكى عنه، ثم جاءت الرواية ببطلها الاشكالي كجوليان سوريل في رواية ستاندال أو كمال أحمد عبد الجواد في ثلاثية نجيب محفوظ، وهو بطل يكتشف زيف المجتمع وخواء قيمه فيثور عليه وغالبا ما يكون مصيره كمصير البطل الدرامي، ثم ماذا؟ لقد طغت السينما والتلفزيون ولأنهما يتجهان إلى جمهور غير مثقف وفي نفس الوقت نتيجة لموت الدراما فقد اعتمدا على ما يسمى بالميلودراما وهى عبارة عن أحداث مفتعلة غير منطقية وتعتمد على الصدفة ويتعرض البطل من جرائها إلى بعض العقبات والمصاعب، وتنتهي نهاية سعيدة، وهي لذلك لاتحتوى على أي قيمة أو قيم راسخة.
- آخر تحديث :
التعليقات