خالد القشطيني
بعد مرور عدة أسابيع على تسليم المفتاح الضائع لشرطة مدينة كاردف، كما ذكرت في الحلقة السابقة، تسلمت رسالة من مركز الشرطة. قلت يا ساتر. حدث ما كنت أخشاه. عادوا للاتصال بي. فتحت المظروف لأقرأ هذه السطور: laquo;لقد قمت بتسليم مفتاح لهذا المركز. وقد مضت الآن مدة الشهر المنصوص عليها في المادة 65 من قانون الودائع واللقيات والمفقودات لعام 1887 وتعديله بذيل القانون 85 لسنة 1913، من دون أن يتقدم أحد للأدعاء بملكية المفتاح المذكور والمطالبة به تحريريا أو شفويا، وبالاصالة أو الوكالة أو النيابة. وعليه وبموجب قانون تعديل ذيل القانون المشار اليه أعلاه والنظام الصادر بموجبه بتاريخ 5 ابريل 1925 وتعليمات مديرية الشرطة العليا الموجهة الينا بتاريخ 17 مايو1929 فيسرنا أن نعلمكم بأن المفتاح المذكور الذي عثرتم عليه على طريق بريكن الريفي، قد اصبح ملككم الخاص. يرجى حضوركم لهذا المركز خلال مدة لا تتجاوز اسبوعين لتسلم المفتاح المذكور والتوقيع في السجل بدخوله في عهدتكمraquo;.
يعني ذلك بعبارة أخرى قطع مائتي ميل الى ويلز لتسلمه. بيد أن ملاحظة في اسفل الرسالة افرجت عني، وانقذت الموقف. laquo;واذا لم تحضروا في المدة المنصوص عليها في الرسالة أعلاه، فستقوم مديرية شرطة كاردف ببيع المفتاح المذكور وتحويل مبلغ البيع لأيتام وأرامل الشرطة، بموجب مقتضيات قانون الودائع واللقيات والمفقودات لعام 1887 المشار اليه آنفا بعاليه، وتعليمات مديرية الشرطة العليا المؤرخة 17 مايو 1929 وبالإشارة للنظام الداخلي لجمعية مساعدة ايتام وأرامل الشرطة، الفقرة 12 من المادة 13. ويمكنكم الاطلاع على نسخة من النظام المذكور في المكتبة العامةraquo;.
قلت الحمد لله أصبحت مصدرا لرفاه أيتام وأرامل الشرطة البريطانية. وأرجو لهم كل الخير والازدهار بثمن هذا المفتاح. ولن يضيع عند الله أجر المحسنين. بيد أن ولدي نائل ثار على هذه اللامسؤولية من جانبي. لقد وعدته بالعودة لجبال ويلز إذا صدفت لي أي مهمة هناك. وذكرني بنصحي له laquo;إذا وعدت فأوف بالوعدraquo;. وبينما كنا نتجادل في حكمة هذه الموعظة ونطاقها، وما اذا كانت تشمل قطع مائتي ميل الى ويلز لتسلم مفتاح قديم صدئ لا حاجة لأي أحد به، دوى صوت أم نائل من المطبخ يولول ويدمدم laquo;وين حطيت مفتاح السرداب ما أدري.. ؟raquo; وتطوع نائل ليدلي بنصيحته: laquo;ماما تذكري وين آخر مرة شفت المفتاحraquo;. وبعد عدة ثوان من التفكير العميق واستعراض أحداث الحياة قالت: laquo;اذا الله ما يكذبني آخر مرة شفت مفتاح السرداب معي، كانت في اثناء نزهتنا في طريق بريكن الريفي.. لازم وقع مني هناك!raquo;.
وقضى الله امرا كان مفعولا. وكتب علي أن اقطع المائتي ميل ثانية الى شرطة كاردف. وهناك درس وراء هذه الحكاية، بل استغفر الله درسان. الأول اذا رأيت مفتاحا فلا تلتقطه. الدرس الثاني إذا كنت مسافرا فلا تسلم مفاتيح بيتك لزوجتك.
التعليقات