صلاح الدين حافظ
تشغلنا السياسة الأمريكية هذه الأيامrlm;,rlm; بكثير من الأحاديث حول استراتيجيتها الجديدة في المنطقةrlm;,rlm; والقائمة بدرجة من الدرجات علي مراجعة لاستراتيجيتها السابقةrlm;,rlm; خصوصا في ضوء تدهور أوضاعها العسكرية في العراق من ناحيةrlm;,rlm; وتصعيد مواجهاتها مع إيران حول البرنامج النووي من ناحية أخريrlm;.rlm;
ولا نحسب أن الأمر قد وصل إلي مرحلة التراجع الأمريكيrlm;,rlm; عن الأخطاء الفادحةrlm;,rlm; لكن ما يقال هو عن مراجعة لتعديل الاتجاهrlm;,rlm; أو تغييره نسبياrlm;,rlm; أو حتي تصحيحهrlm;,rlm; بهدف تحقيق نصر واضح صريحrlm;,rlm; الأمر الذي يبدو في اعتقادنا بعيدا حتي الآنrlm;.rlm;
ولقد أخذتنا أمريكا معها في استراتيجيتها الأوليrlm;,rlm; وتحديدا منذ غزو العراق في مارس عامrlm;2003,rlm; وها هي تأخذنا معها في استراتيجيتها الثانيةrlm;,rlm; دون أن يكون لنا ناقة أو جملrlm;,rlm; أي دون أن يكون لنا رأي وموقف في الحالتينrlm;.rlm;
لذلك فإن الضروريrlm;,rlm; انطلاقا من المصالح الوطنية والأهداف القوميةrlm;,rlm; التي لا تتطابق بالضرورة مع الأهداف والمصالح الأمريكيةrlm;,rlm; أن نراجع نحن أيضا مواقفنا وسياساتناrlm;,rlm; إن كنا أصحاب قرار في دول مستقلة ذات سيادةrlm;,rlm; ومهما تكن قوة الضغوط وبريق الإغراءات الأمريكية الراهنةrlm;.rlm;
ولا نظن أن عاقلا واحدا يقبل الاستمرار في إخضاع الأهداف والمصالح الوطنية والقومية للاستراتيجيات الأمريكيةrlm;,rlm; خوفا من الضغوطrlm;,rlm; أو استجابة للإغراءاتrlm;,rlm; بعد أن أثبتت كل التجارب العمليةrlm;,rlm; خصوصا حرب أفغانستان وغزو واحتلال العراقrlm;,rlm; أن هذه الاستراتيجيات تخرج من مطب صغير لتقع في حفرة كبيرةrlm;,rlm; وما تفعله الآن من مراجعة وإعادة التوجهrlm;,rlm; هو محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذهrlm;,rlm; بعد أن بلغ التورط العسكري والفشل السياسي والاستنزاف المالي مداهrlm;.rlm;
ولقد نشرت مجلة نيويوركر الأمريكية الشهيرةrlm;,rlm; يوم الاثنين الماضيrlm;5rlm; مارسrlm;2007,rlm; مقالا ـ بحثا مهما وعميقا ـ للكاتب المحقق الأشهر سيمور هيرش حول إعادة التوجهrlm;,rlm; ومحاولة إدارة الرئيس بوش تعديل سياساته المتورطة في المنطقةrlm;,rlm; لكن هيرش الذي كان في القاهرة الأسبوع الماضي بدعوة من مؤسسة هيكل للصحافة العربيةrlm;,rlm; كشف كعادته عن أسرار هذا التوجه الجديدrlm;,rlm; فبدلا من أن يبحث بوش عن مخرج لمأزقه في العراق مثلاrlm;,rlm; فإنه يعمل علي زيادة التورط عبر مجابهة إيران والاستعداد لضربها في الربيع المقبل علي الأرجحrlm;,rlm; ومن ثم حشد المؤيدين والمتحالفين إلي جانبهrlm;,rlm; أي حشدنا نحن لنغرق معه في الورطة والمستنقع الداميrlm;!rlm;
فإن عدنا إلي أصل الموضوع فإن ما ظهر حتي الآن من علامات إعادة التوجه وأسبابهاrlm;,rlm; تكمن في أربعة عناصر رئيسيةrlm;,rlm; هي علي التواليrlm;:rlm; أولا تدهور الوضع الأمريكي في العراق دون تحقيق أي نصرrlm;,rlm; بل تصاعد المقاومة المسلحة والعنف الطائفي بين السنة والشيعة ودخول تقسيم البلاد مراحل التنفيذrlm;.rlm;وثانيا الإحباط الأمريكي الهائل نتيجة فشل إسرائيل في القضاء علي النواة الصلبة لحزب الله في حرب الصيف الماضي التي استمرتrlm;33rlm; يوماrlm;,rlm; وانقسام الشارع وتحديدا بين السنة والشيعة أيضاrlm;.rlm; وثالثا صعود المعارضة الأمريكية ضد سياسات بوشrlm;,rlm; في الكونجرس بعد سيطرة الحزب الديمقراطي عليهrlm;.rlm; ورابعا تسرب الوقت من بين أيدي بوش وإدارتهrlm;,rlm; فلم يبق أمامه إلا باقي شهور العام الحاليrlm;,rlm; ليتصرف ويسعي لتحقيق إنجاز ماrlm;,rlm; قبل عام الانتخابات الرئاسيةrlm;2008,rlm; وهو خط النهاية لهrlm;.rlm;
rlm;
***rlm;
انطلاقا من كل ذلكrlm;,rlm; بدأت الإدارة الأمريكية المحبطةrlm;,rlm; إعادة التوجه والتوجيهrlm;,rlm; وهدفها الرئيسي هو تحقيق نصر ما في ميادين الحرب الساخنة الممتدة من سهول العراق إلي جبال أفغانستانrlm;,rlm; مما يوفر انسحابا أمريكيا مشرفا من هذه الورطة التي تصورها المحافظون الجدد مجرد نزهة للجيوش الأمريكية الأقوي في العالمrlm;,rlm; انتقاما من الإرهاب الإسلامي بعد هجمات سبتمبرrlm;2001.rlm;
وحين نعيد ترتيب الأحداث التي جرت خلال الأسابيع الماضيةrlm;,rlm; وربما المقبلةrlm;,rlm; نجد أمامنا تحركات سياسية وأمنية أمريكية واسعةrlm;,rlm; هدفها حشد الحلفاء الإقليميين حول سياسة إعادة التوجهrlm;,rlm; ومن ثم توجيههم لما يجب أن يقوموا به في هذا الإطارrlm;.rlm;
وقد تمثلت هذه التحركات في أربعة اجتماعات غامضة المحتوي معلنة الصورrlm;,rlm; هي أولا اجتماع وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس في الكويت الشهر الماضي مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الست ومصر والأردنrlm;,rlm; ثم اجتماع رايس أيضا في الأردن مع رؤساء الأجهزة الأمنية العليا في مصر والأردن والسعودية والإماراتrlm;,rlm; ثم اجتماع وزراء خارجية سبع دول عربية وإسلامية هي باكستان وتركيا ومصر والسعودية وإندونيسيا وماليزيا والأردن يومrlm;25rlm; فبراير الماضي في إسلام أبادrlm;,rlm; وأخيرا وليس آخرا الاجتماع المزمع عقده بعد أيام في العراق لدول الجوار بما فيها سوريا وإيران والخليج والسعودية والأردن ومصرrlm;,rlm; والأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمنrlm;,rlm; وهيrlm;:rlm; أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصينrlm;!rlm;
والأمر الواضح أن الموضوع الرئيسي المطروح أمام هذه الاجتماعات وغيرها من الاجتماعات السريةrlm;,rlm; وكم هي كثيرة ومريبةrlm;,rlm; ينقسم إلي قسمين مترابطينrlm;,rlm; أولهما محاصرة ما يسمي الخطر الشيعي الذي تقوده إيرانrlm;,rlm; وثانيهما مشاركة أمريكا بكل الجهود في حربها في العراق خصوصاrlm;,rlm; وربما أفغانستان بالتبعيةrlm;.rlm;
وها هي الدبلوماسية الأمريكية تنشط في كل اتجاه وبكل ما لديها من وسائل واتصالاتrlm;,rlm; وبما تملكه من ضغوط وإغراءات لحشد صنوف الأصدقاء والحلفاء العرب والمسلمينrlm;,rlm; ممن تسميهم محور الاعتدالrlm;,rlm; أو القواعد السنية الكبريrlm;,rlm; للاصطفاف وراءها في مجابهة إيران وخطرها الشيعي المتمددrlm;,rlm; وفي مساندتها في الحرب العراقيةrlm;,rlm; بعد أن بدأت تنفيذ استراتيجيتها الأمنية الجديدة الهادفة ليس فقط للقضاء علي المقاومة العراقية السنية أساساrlm;,rlm; ولكن لتصفية الميليشيات وفرق الموت صاحبة اليد الطولي في القتل والتطهير الطائفي الشيعية أساساrlm;!!rlm;
بعد أربع سنوات من الحرب الأمريكية في العراقrlm;,rlm; وبعد استهداف السنة جماعات وأفراداrlm;,rlm; وبعد تمكين بعض المتطرفين الشيعةrlm;,rlm; اكتشفت أمريكا أن الخطر الأكبر والعدو الأول لها الذي أنزل بها الخسائر الفادحةrlm;,rlm; هو الخطر الإيراني المساند دوما للتطرف الشيعي في العراقrlm;,rlm; وفي امتداداته إلي دول الجوارrlm;.rlm;
وفوق هذا التصورrlm;/rlm; الاكتشافrlm;,rlm; أعادت السياسة الأمريكية رسم ما يسمي الآن إعادة التوجه أو تغيير الاتجاه القائم علي الأسس والضغوط التاليةrlm;:rlm;
rlm;(1)rlm; كان لتقرير لجنة بيكر ـ هاملتون الشهير التأثير الأوضح في إجبار الإدارة الأمريكية علي ضرورة مراجعة استراتيجيتها في العراق خصوصاrlm;,rlm; وفي المنطقة عموماrlm;,rlm; برغم إنكار هذه الإدارة تأثير التقرير عليهاrlm;,rlm; وتأثيره علي الكونجرس والرأي العامrlm;.rlm;
rlm;(2)rlm; جاء فوز الحزب الديمقراطي المعارض بالأغلبية في الكونجرس ليمثل كابحا رئيسيا لشهوة الحرب في العراق وأفغانستانrlm;,rlm; وربما ضد إيرانrlm;,rlm; وكذلك ليمثل معرقلا لميزانياته العسكرية المتصاعدةrlm;,rlm; حيث مازال الكونجرس يماطل في المصادقة علي طلب الرئيس باعتماد مائة مليار دولار كموازنة إضافية هذا العام للحرب علي الإرهابrlm;,rlm; وrlm;142rlm; مليارا أخري لتغطية الحرب في العراق وأفغانستان لعامrlm;2008.rlm;
rlm;***rlm;
rlm;(3)rlm; تصعيد الحرب السياسية الإعلامية والنفسية المروجة للخطر الإيراني النووي والعسكري والتوسعي باعتباره الخطر الأكبر علي أمريكا والغربrlm;,rlm; وعلي النظم العربية والإسلامية المجاورةrlm;,rlm; وبالمقابل إزاحة الصراع العربي ـ الإسرائيلي إلي الخلفrlm;,rlm; وإقناع الحلفاء في المنطقة بأن إسرائيل ليست هي مصدر الخطر الأول عليهمrlm;,rlm; بل إيرانrlm;!rlm;
rlm;(4)rlm; إشعال الصراع الطائفي ـ السني الشيعيrlm;,rlm; بدرجة لم تحدث من قبلrlm;,rlm; وتخويف الدول السنية منهrlm;,rlm; باعتباره الهاجس الأهم الآنrlm;,rlm; بعد أن تواري الهاجس الشيوعيrlm;,rlm; ثم الهاجس الإرهابيrlm;,rlm; ثم الهاجس الإسرائيلي الذي صار معدلا أو محسنا وهادئا وعاقلا كما يدعونrlm;!rlm;
rlm;(5)rlm; لذلك كله فإن الأمر يقتضيrlm;,rlm; في ظل سياسة إعادة التوجهrlm;,rlm; ومن ثم إعادة التوجيهrlm;,rlm; تشكيل تحالف سني واسعrlm;,rlm; يمتد من وادي النيل حتي إندونيسياrlm;,rlm; وتدعمه أمريكا والاتحاد الأوروبيrlm;,rlm; وتندمج فيه إسرائيل بدرجة من الدرجات العلنية إن أمكنrlm;,rlm; والسرية إن تطلب الأمرrlm;,rlm; والهدف هو محاصرة وإجهاض الهلال الشيعي الذي تقوده إيران عبر العراق وسوريا وحزب الله في لبنان وحماس في فلسطينrlm;,rlm; برغم أن الأخيرة سنيةrlm;!rlm;
الآنrlm;..rlm; إعادة التوجه أمريكية الشكل والمضمونrlm;,rlm; الأهداف والوسائلrlm;,rlm; تحتل في السياسة الأمريكية الأولوية الأهمrlm;,rlm; بهدف ضرب وتدمير مصدر الخطر الأول والأهم بالنسبة لهاrlm;,rlm; فهل ينطبق ذلك كله نصا وروحا علي حالنا وأوضاعنا ومصالحنا وأهدافنا؟ أم أن الأمر يحتاج منا إلي التفكير العاجل في إعادة التوجه أيضا؟
المؤكد أن لمعظم السنة خلافات فقهية مع الشيعةrlm;,rlm; والمؤكد أيضا أن لمعظم العرب خلافات سياسية مع إيرانrlm;,rlm; لكن المؤكد أكثر وأكثر أن خلافاتنا مع السياسات الأمريكية ـ الإسرائيلية أهم وأخطر وأولي بإعادة رسم التوجه بدلا من أن ننجرف ونتورط في صراع دموي يدمر المنطقةrlm;,rlm; تري فيه الإدارة الأمريكية مخرجا لها من الورطةrlm;,rlm; ونري فيه مدخلا لنا إلي عمق أعماق الورطةrlm;!rlm;
rlm;
***rlm;
rlm;
**rlm; خير الكلامrlm;:rlm; قال علي بن أبي طالبrlm;:rlm;
وليس بدائم أبدا نعيم ................... كذاك البؤس ليس له بقاء
التعليقات