سحر بعاصيري


خلف الوضع السياسي الفلسطيني الذي يستأثر بالاخبار من خلافات quot;فتحquot; وquot;حماسquot; واشتباكاتهما الى اتفاق مكة والان مسلسل تأليف حكومة الوحدة الوطنية، وخلف الحصار وانتظار العالم اعتراف quot;حماسquot; باسرائيل، هناك اوضاع مرعبة تفكك المجتمع الفلسطيني وتفتك خصوصا بقطاع غزة.
اقرأوا هذه الارقام عن الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمستقاة من تقارير ووثائق لمنظات دولية هي quot;الاونرواquot; وquot;برنامج الغذاء العالميquot; وبرنامج التنمية التابع للامم المتحدة في غزة وكذلك مكتب الاحصاء الفلسطيني، بعضها منشور وبعضها غير منشور، وبعدها تمعنوا في الاخبار السياسية:
- 34 % من سكان الاراضي الفلسطينية يعانون غياب الامن الغذائي. وهذا يعني ان كلا من هؤلاء يقل دخله اليومي عن دولار و60 سنتا اي ما يكفي لتأمين الحد الادنى الغذائي الملائم. والمشكلة حادة جدا في غزة.

- 80 % من اهالي غزة يعتمدون على المساعدات الغذائية ومن دونها هم معرضون للجوع. تعبيرات المشكلة؟ يتزايد عدد الاولاد الذين يذهبون الى المدارس بلا فطور كما يتزايد عدد الغزاويين الذين لا يأكلون الا الخبز والبندورة اضافة الى ما يحصلون عليه من حصص غذائية تشمل الاتي فقط: طحين وملح وزيت للطبخ وحمص وطحينة. سقط من وجبات عدد كبير من الغزاويين كل ما يتعلق بالاجبان والالبان والفاكهة والارز وحتى المعكرونة. ومن لا يزال في حال افضل يحرص على اكل الدجاج او اللحوم مرة في الاسبوع. المشكلة لم تعد مقتصرة على الارياف الفقيرة بل امتدت الى المدن لتصيب ايضا تجارا واصحاب محلات صغيرة وغيرهم.

- 54 % من اهالي غزة صاروا مصنفين تحت خط الفقر فيما نسبة المصنفين فقراء ارتفعت الى 87%. وفي الارقام ان ثلثي العائلات في الضفة والقطاع اي نحو 2،7 مليوني شخص صاروا تحت خط الفقر في 2006 بينهم 2،4 مليونان لا يؤمنون الحاجات الاساسية كالغذاء والملبس والمسكن.
- البطالة في غزة عام 2006 تجاوزت 40%، علما انه كان على العامل الفلسطيني العادي في فصله الثاني ان يعول ما معدله 8،3 اشخاص مقابل 5،9 اشخاص في بداية الانتفاضة قبل خمس سنوات. والارجح ان يكون عدد الاشخاص ارتفع الان.

لا غرابة. معدل الدخل المحلي في النصف الاول من 2006 انخفض بنسبة 9% اي ما يوازي مجموع انخفاضه في السنوات الخمس للانتفاضة. والموارد المتوافرة لدى السلطة الوطنية تقلصت بنسبة 60% في 2006 من 1،3 مليار دولار الى 500 مليون. وهذا سيجعل 2006 الاسوأ في تاريخ الاقتصاد الفلسطيني.

وثمة ظاهرتان خطيرتان جدا:

- معدل الجريمة في غزة عام 2006، بحسب ارقام غير منشورة للشرطة الفلسطينية، تجاوز معدلها منذ 1948، اي سنة واحدة توازي اكثرمن 58 سنة.
- الطبقة الوسطى الفلسطينية التي هي المفتاح للنمو الاقتصادي وللمجتمع الصحي تُدمر. اصحاب المتاجر والمصانع اقفلوا اعمالهم وهاجروا باعداد كبيرة بحثا عن فرصة جديدة في الغرب او الخليج او مصر او الاردن او السودان. وكثيرون من اصحاب المهن الحرة ومتعهدو البناء وغيرهم يستعدون للحاق بهم.

اتجاهات خطيرة تجاوزت مرحلة العلاج بالمساعدات ولا تكون البداية الا بحل سياسي سريع. فكل دقيقة تمر لا تجعل امكان عكس هذه الاتجاهات بالغ الصعوبة فحسب، بل تقرّب غزة اكثر من ان تنافس الصومال على المرتبة الاولى في الفوضى.