الجمعة 16 مارس 2007
د. محمد السعيد إدريس
إعلان منوشهر متقي وزير الخارجية الإيراني إمكانية مراجعة بلاده لموقفها من عملية تخصيب اليورانيوم إذا تم نقل الملف النووي الإيراني من مجلس الأمن إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية يكشف أن رهان طهران على اجتماع بغداد الخاص بالعراق لم يتحقق على النحو الذي كانت تأمله. فقبل ذهاب الوفد الإيراني إلى اجتماع بغداد كان هناك إدراك إيراني حقيقي أن أمريكا في مأزق خطير في العراق وأن واشنطن تأمل بدور إيراني سوري للمساعدة في إنقاذها من هذا المأزق، من هنا جاء الرهان على أن مساعدة إيرانية لأمريكا في العراق يمكن أن تنعكس ايجاباً على أزمة البرنامج النووي الإيراني فيما يشبه المقايضة بأن تساعد إيران أمريكا في العراق مقابل أن تساعد أمريكا إيران في أزمة برنامجها النووي. لكن الرهان لم يتحقق، فقد حرص الأمريكيون على عدم اعطاء الوفد الإيراني أي انطباع بأي مقايضة وأي ربط بين الأزمة العراقية وأية أزمات أخرى، وامتلكوا ناصية الهجوم وتحاشوا أي حوار ثنائي مع الوفد الإيراني بعيداً عن الوفود الأخرى.
تعليق السفير الأمريكي زلماي خليل زاد على ذلك هو التقليل من أهمية فكرة حدوث تغيير في السياسة الأمريكية تجاه إيران وقوله ldquo;إن الاجتماع جاء في إطار متعدد الأطراف، وركز على العراق بدعوة من الحكومة العراقية، وبالتالي فإنه ليس تغييراً في السياسةrdquo;، كما حرص على التوضيح أنه ldquo;لم يكن هناك اجتماع خاص (مع الإيرانيين)، كان كل شيء في إطار المؤتمرrdquo;.
وإعلان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد عزمه على أن يذهب إلى الأمم المتحدة لحضور اجتماع مجلس الأمن الخاص بمناقشة برنامجها النووي للدفاع عن حقوق بلاده يؤكد أمرين أولهما: إن الإعلان جاد وليس مجرد تحرك إعلامي، وثانيهما وهو الأهم أن هناك أزمة بالفعل في العلاقة مع روسيا ليس فقط حول برنامج إنجاز مفاعل بوشهر الذي يتلكأ الروس في اتمامه في الموعد المحدد، ولكن الأزمة ممتدة وتشمل البرنامج النووي الإيراني.
تعبير علي لاريجاني الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني مسؤول ملف البرنامج النووي عن ضيقه من التلكؤ الروسي في إنجاز واتمام بناء مفاعل بوشهر في موعده في هذا الوقت بالذات الذي تناقش فيه الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا الملف النووي الإيراني وتستعد لتحديد موعد لعقد اجتماع للمجلس لإصدار قرار جديد بعقوبات أشد ضد إيران وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يؤكد وجود أزمة إيرانية مع روسيا، وأن روسيا ربما لم يعد موقفها صلباً في رفض أي عقوبات جديدة ضد إيران على النحو الذي يأمل المسؤولون الإيرانيون.
يبدو أن إيران في مأزق حقيقي مرجعه أن كثيراً من أوراق اللعب التي كانت تراهن عليها أصبحت ضعيفة الآن. فها هي الورقة العراقية لم تعد بالقوة التي كانت عليها في ظل دخول أطراف دولية وإقليمية على الخط في اجتماع بغداد. هذا المشهد الذي تكشف في اجتماع بغداد وسوف يتكرر ربما في اجتماع اسطنبول الشهر المقبل يعني أن العراق لم يعد ساحة لعب إيرانية مطلقة.
وها هي روسيا باتت غير متحمسة بالدرجة الكافية للدفاع عن البرنامج النووي الإيراني، لكن الأهم من كل هذا هو ما تشهده الساحة الإيرانية من انقسام حول البرنامج النووي.
ولم يعد مستبعداً أيضاً تفاقم أزمات اقتصادية واجتماعية ستدفع حتماً إلى أزمات سياسية تهدد التوحد الإيراني حول البرنامج النووي.
التعليقات