دانييل كيرتزر وروزماري هوليس - انترناشنال هيرالد تريبيون

تعد القمة العربية الملتئمة حاليا في الرياض بفرصة لتجديد البحث عن السلام. ولم تكن الفجوة بين اسرائيل والدول العربية في اي يوم من الايام اضيق مما هي عليه الآن. ويجب على الرباعية الدولية -الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة- ان تنتهز الفرصة وتعمل بما ينبغي من السرعة لتحقيق انفراج.

لقد انجذبت المملكة العربية السعودية نحو العمل في ظل التهديد الماثل باحتمال انتشار النزاع الطائفي الى خارج العراق، كما وبسبب الاقتتال الفلسطيني-الفلسطيني وبفعل الجمود السياسي في لبنان. وفي اعقاب دبلوماسية هادئة على الجبهات الثلاث، يبدو السعوديين وهم ينوون انتهاز فرصة انعقاد القمة لاعادة طرح مبادرة السلام العربية التي طرحت اول الامر في قمة بيروت العربية سنة 2002.

لعل من الحاسم ان الاسرائيليين يبدون ملاحظات تحبيذية في الغضون. ومع ان المصالح الاستراتيجية الاسرائيلية وتلك السعودية ليستا الشيء نفسه، إلا أن اسرائيل، كما هو واضح، قد أغرتها الإمكانيات التي تشي بها المبادرة. ويبدو رئيس الوزراء ايهود اولمرت وقد عقد العزم على المضي قدما في اجندة السلام كما وعد الناخب الاسرائيلي قبل سنة. كما ان الجمهور الاسرائيلي لم يعد مستعدا لأن يدعم وحدانية الجانب. وهكذا يصبح اولمرت بحاجة الى شريك. وبالرغم من ان حكومة الوحدة الفلسطينية الجديدة لا تفي بمتطلبات اولمرت للعب ذلك الدور، إلا أن نجوم اجماع عربي حول موضوع السلام ينطوي على استهلال بديل.

لا شك في أن حرب اسرائيل ضد حزب الله في الصيف الماضي والتغيرات الهامة في الخريطة السياسية للمنطقة قد زادت المخاطر، لكنها عززت ايضا من تلك الفرص المتاحة امام الاسرائيليين والعرب لإعادة قولبة علاقاتهما.

إن العراق ولبنان والاوضاع الاقتصادية والانسانية المتدهورة في الاراضي الفلسطينية، كلها أمور تشكل جميعاً أزمات متداخلة. وتحسبا لمزيد من التدهور، استطاع العراقيون اشراك كافة جيرانهم، سوية مع الولايات المتحدة، في مباحثات حول كيفية استعادة بعض مظاهر النظام هناك. وفي الوقت نفسه، يتوسط السعوديون في محاولة حل المواجهة بين حزب الله وحكومة فؤاد السنيورة في جهد يهدف الى انقاذ لبنان من الوقوع في حالة شلل، والى إبقاء سورية بعيدة. كما ان نجاح السعودية في اقناع فصيلي حماس وفتح الفلسطينيين برصّ صفوفهما في حكومة وحدة وطنية حال دون اندلاع حرب اهلية فلسطينية.

لقد توافرت لدينا فرصة العمل بشكل مكثف مع الاسرائيليين والاردنيين والمصريين والسعوديين واللبنانيين في الاشهر الثلاثة الماضية، وما نزال نمتلك رغبة فعلية في المضي قدماً بعملية السلام. وعليه، فإن ما ينبغي الآن هو ان يبادر المجتمع الدولي الى اضافة وزنه الى الزخم القائم. ولعل قمة الرياض توفر الفرصة للتحرك بجسارة على الكثير من المسارات.

أولا، ومباشرة بعد القمة، يجب على الرباعية الدولية ان تدعو الى عقد اجتماع لكبار المسؤولين الذين يمثلون الدول العربية واسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. وتظل منظمة التحرير الفلسطينية هي الطرف الفلسطيني المسؤول عن المفاوضات والاتفاقيات مع اسرائيل، ويرأسها السيد محمود عباس من فتح، بينما لا تعتبر حماس عضواً مؤسساً في المنظمة. والهدف من عقد مثل هذا الاجتماع هو استهلال الحديث عن مبادرة السلام العربية والخيارات التي تشرعها والخطوات الواجب اتخاذها للتحرك باتجاه المفاوضات.

ثانيا: ان أي جهد جديد من أجل السلام سيحتاج الى توضيح أنه سينتهي إلى إقرار تسوية دائمة. ويحتاج الاسرائيليون والفلسطينيون الى رؤية مسار العملية بغية تمكين اسرائيل وفلسطين من العيش جنبا الى جنب بأمن وسلام.

وعلى الرباعية ايضا ان تؤسس لنهج إقليمي شامل يضم سورية ولبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل في جهد يستهدف تحقيق سلام عربي اسرائيلي. ولا يجب قصر اي دبلوماسية جديدة على الاسرائيليين والفلسطينيين فحسب، ولكنها يجب أن تذهب أبعد إلى حث الدول العربية على المساعدة في وضع حد للنزاع.

ان هذه الخطوات الاستهلالية، سوية مع هذا الاساس الجديد للدبلوماسية، انما يعكسان ما سمعناه من العرب والاسرائيليين على حد سواء. وهما يضمان عناصر محورية يجب ان تكون حاضرة لشمول الجماهير العربية والاسرائيلية. وربما لا يكون الوقت الراهن مناسباً لمحاولة وضع شروط تفصيلية لصنع السلام، لكنه أوان عقد مباحثات استكشافية على اسس سليمة جديدة.

يمكن توقع ان تطفو على السطح خلال المباحثات تلك المخاوف الإسرائيلية من بعض عناصر مبادرة السلام العربية، لكن الشيء المهم هو أن العرب قد اتخذوا خطوة تاريخية نحو رص صفوفهم. ويكمن المفتاح في تبني نهج إقليمي لصنع سلام عربي-اسرائيلي، واضعين وراء ظهورنا تلك الجهود الثنائية المحتضرة التي كانت قد بذلت سابقاً.