محمد سلماوي

كلما تجدد الحديث حول الأزمات التي أثارتها كتابات أديبنا الأكبر نجيب محفوظ انحصر الاهتمام في رواية أولاد حارتنا وحدها رغم ان الكثير من أدب محفوظ أثار الجدل والنقاش وكاد يعرض كاتبه لبعض الاجراءات الانتقاميةrlm;.rlm;

ولا أتحدث هنا عن روايات مثل الكرنك وثرثرة فوق النيل وميرامار وحدهاrlm;,rlm; ولا عن روايتي اللص والكلاب والشحاذ فقطrlm;,rlm; وإنما أيضا عن أعمال أخري قد لايعرف البعض أنها أثارت من الأزمات أكثر مما أثارت الروايات سالفة الذكرrlm;.rlm;

ولقد سألت الأستاذ نجيب محفوظ ذات مرة عن إحدي قصصه القصيرة التي تحمل عنوان الخوف والتي أصدرها في بداية الستينيات وعاش بسببها في حالة من الرعب دامت لفترة طويلة خشية ما يمكن ان يتخذ ضده من اجراءاتrlm;,rlm; فقال لي انه لم يشعر بالخوف من أي عمل كتبه قدر شعوره بذلك من قصة الخوفrlm;.rlm;

واعترف لي الاستاذ ان قصة الخوف كانت في الحقيقة تمثل نقدا مقصودا للاسلوب غير الديمقراطي الذي اتبعه النظام في ذلك الوقتrlm;,rlm; وقالrlm;:rlm; منذ نشرت القصة في الأهرام بدأ يكثر الهمس حولها ومن ترمز اليهم شخصياتهاrlm;,rlm; وفي أكثر من مرة اعترض طريقي في الشارع بعض الضباط وكانوا يسألوني مباشرة ماذا كنت أقصده من القصةrlm;,rlm; ومن هو المقصود بالضابط المستبد بطلهاrlm;,rlm; لدرجة اني اقتنعت ان تلك المقابلات في الطريق العام لم تكن من قبيل المصادفة وإنما كانت نوعا من التحقيق غير الرسميrlm;.rlm;

وتروي الخوف قصة مجتمع يسيطر عليه الفتوات الذين يتصارعون فيما بينهم لكن أحد الضباط يتصدي لهم ويهزمهم فيصبح هو المتحكم في كل شيءrlm;,rlm; ويترك الضابط الملابس العسكرية ويرتدي الملابس المدنية ويعيش بين الفتوات ويجلس علي مقاهيهمrlm;,rlm; وينتهي به الأمر ان يخطف منهم الفتاة التي كانوا يتنافسون جميعا للفوز بهاrlm;.rlm;

قالrlm;:rlm; الأستاذrlm;:rlm; لقد فسر الناس الضابط علي انه جمال عبد الناصر والفتوات المتصارعين علي انهم الاحزاب القديمة والفتاة التي يتصارعون حولها علي انها السلطةrlm;,rlm; ثم قال الاستاذrlm;:rlm; لكن بصرف النظر عن هذه الشخصيات بعينها فلا جدال ان القصة كانت تهاجم الحكم حين يكون ديكتاتورياrlm;,rlm; وقد كنت أقول للضباط انني لم أكن أقصد جمال عبد الناصر بشخصه وانما قصدت الضابط أبو زيد الذي اشتهر قبل الثورة بعد ان أرسلته الدولة الي الصعيد للحد من سيطرة الفتوات هناكrlm;,rlm; لكن كيف السبيل لانكار ان القصة تهاجم الديكتاتورية؟

وإذا أضفنا لهذه القصة عشرات القصص الاخري التي هاجمت أوضاعا لم يكن يرضي عنها أحد مثل أهل القمة أو الحب فوق هضبة الهرم وغيرهما الي جانب الروايات سالفة الذكر ـ خاصة ثرثرة فوق النيل التي صدر علي أثر نشرها قرار باعتقال اديبنا الكبير أوقفه جمال عبد الناصر في اللحظة الأخيرة ـ اتضح لنا سذاجة الرأي الذي كثيرا ما يردده بعض من لم يتخطوا مرحلة المراهقة السياسية من أن محفوظ كان مهادنا للسلطةrlm;.rlm;