عبدالعزيز الكندري

فشل التخطيط لا يعني بالضرورة ضعف الفكرة، بل غالباً خلل في طريقة التفكير أو التنفيذ، ونلاحظ الكثير من الذين يتحدثون عن التخطيط مع نهاية العام في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وأغلب الناس يتحمس مع بداية العام بكتابة الخطة السنوية على ورق أو أجندة، ولكن وبعد مرور أسبوع تصبح في طي النسيان.

والسؤال المهم هو لماذا نفشل في التخطيط؟

نفشل بالتخطيط بسبب أمور عدة، منها غياب الهدف الواضح، وعندما يكون الهدف عاماً أو ضبابياً يصبح التخطيط بلا اتجاه، فلا يمكن قياس التقدم ولا اتخاذ قرارات صحيحة، كما يقول بيتر دراكر: «ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته».

والسبب الآخر، هو التخطيط بدون بيانات واقعية، والاعتماد على التوقعات أو التفاؤل الزائد دون أرقام. وكذلك تجاهل التنفيذ والمتابعة، وعدم المرونة، وتضخيم الخطة وتعقيدها، إضافة إلى الخوف من الفشل أو التردد بحيث يتحول التخطيط إلى هروب من الفعل، فيبقى الشخص يخطط دون أن يبدأ، وعدم تحديد الأولويات، وضعف الانضباط الشخصي.

وكذلك يفشل البعض في التخطيط بسبب الضغط النفسي الرهيب الذي يُمارس من المجتمع بتوقعات عالية، ويقول د.عبدالكريم بكار: «من أبرز مسبِبات الضغط النفسي في زماننا ما يفرضه المجتمع على الفرد من توقعات ومسؤوليات متراكمة. يطالَب الإنسان أن ينجح سريعاً، وأن يستقر مبكراً، وأن يحقق صورةً مثالية في العمل والأسرة والمكانة، دون مراعاة لاختلاف الطبائع ولا لتفاوت الظروف. وحين تُقاس القيمة الإنسانية بمعايير الناس لا بميزان القدرة والواقع، يتحوّل السعي الطبيعي إلى عبء نفسي مُنهك، ويصبح الرضا عن الذات أصعب من الإنجاز نفسه.

وفي عصر التشتت بسبب كثرة الدخول على أكثر من برنامج من برامج التواصل الاجتماعي لدى الشباب، وقضاء ساعات طويلة بها وما تسبّبه من أعراض على تكوين الدماغ وتجعله بلا صبر كما تتحدث الدراسات الحديثة وتسميها«تعفن الدماغ»، ويريد كل شيء مختصراً وبصورة سريعة، ونلاحظهم عندما يستثمرون أموالهم خاصة في العملات الرقمية، وبعد فترة قصيرة يفقدون كل مدخراتهم بسبب تهورهم. ويقول د. غازي القصيبي: «الحلول العاجلة هي أقصر الطرق إلى الفشل. والنجاح لا يمكن أن يتحقق إلا بالعمل الدائب المبني على تخطيط علمي».

ومن الصعوبة تجد إنساناً حقّق ما يريد في مختلف المجالات دون أن يمر بتجارب الفشل، وما دام أنك تعلمت من الفشل فهذا يعني أنك اقتربت أكثر من طريق النجاح أو ما تود تحقيقه، بعيداً عن القلق المرضي أو الوسواس، وإنما تسير بكل ثقة وعزم متوكلاً على الله عزوجل، وتسعد عندما ترى أثر النعمة عند الآخرين، ولا يكون لديك أي حرث في نوايا الآخرين ولكن تتمنى الخير لهم. ويقول ستيفن كوفي: «بدلاً من أن تبادر بالهجوم على الشخص الناجح، بادر في أن تصبح أكثر نجاحاً منه، ذلك هو الفرق بين الحقد والطموح».

وصعب أن تنجح في حياتك من دون الإيمان والثقة بالله عز وجل، وعدم الاستسلام لليأس والإحباط، ومواصلة الطريق بصورة روتينية وإزالة العوائق، ويقول نجيب الزامل: «المواصلون لطريق الغد يعرفون أنهم لا بد أن يزيلوا صخور وعوائق الطريق، كما يعرفون ويقبلون على أنفسهم أن الأثمان التي تدفع نتيجة ذلك ليست رخيصة، لكن الوصول إلى أماكن الوعد والأمل لا يقدر بكل الأثمان».

ومَنْ يسبر أغوار وحياة الرسول، صلى الله عليه وسلم، يجدها مليئة بالتفاؤل حتى في أشد المواقف والظروف حتى في تسمية المواليد والأسماء ما يبعث على التفاؤل، لأن الجوارح تعمل والقلوب تتوكل على الله عز وجل، وأنت مخيّر في حياتك بين التفاؤل والتشاؤم والأمل واليأس. إذا أحسست بالتشاؤم والضيق حاول أن تنجز بعض الأعمال أو مارس الرياضة.