خيرالله خيرالله


من يريد دعم الجيش اللبناني فعلاً وبصدق، يسمي الأشياء بأسمائها ولا يسعى ألى التغطية على جرائم عصابة quot;فتح - الأسلامquot; التي ليست سوى أمتداد للأجهزة الأمنية السورية. من يقول أن المحكمة ذات الطابع الدولي صارت وراءنا وأنها باتت حقيقة، كان الأجدر به أن يعمل بالفعل على أقرار المحكمة عبر المؤسسات اللبنانية بدل المشاركة في العرقلة. وأضطر ذلك مجلس الأمن ألى أخذ الأمور بيده كي ترى المحكمة النور.
قتلت عصابة quot;فتح ndash; الأسلامquot; ما يزيد على عشرين عسكرياً لبنانياً في المنطقة المحيطة بمخيّم عين البارد القريب من طرابلس. معروف جيّداً لماذا تحرّكت هذه العصابة في هذا الوقت بالذات. ومعروف أكثر لماذا جيء بها ألى لبنان ومن أرسلها ألى لبنان وكيف هُرّب أفرادها ألى الأراضي اللبنانية. الهدف واضح كلّ الوضوح ويتلخص بتوجيه رسالة ألى اللبنانيين وألى كل القوى العربية والدولية التي تدعم المحكمة ذات الطابع الدولي بأن السير في المحكمة سيؤدي ألى تخريب لبنان وتدميره، بل أزالته من الوجود.
مرّة أخرى، يثبت النظام السوري مدى تورطه في سلسلة الجرائم والتفجيرات التي شهدها لبنان بدءاً بمحاولة أغتيال الوزير مروان حماده في أول تشرين الأول- أكتوبر 2004 وأنتهاء بأنفجار الوضع في مخيّم نهر البارد والتفجير الذي رافقه في منطقة الأشرفية المسيحية في بيروت قبل أيام قليلة، مروراً بأغتيال الرئيس رفيق الحريري والزميل سمير قصير والمناضل العربي جورج حاوي والزميل جبران تويني والوزير الشاب بيار أمين الجميّل. لا يعود تورط النظام السوري في هذه الجرائم والتفجيرات ألى أنه يقف وراء خلق quot;فتح ndash; ألسلامquot; التي صارت أحدى أدواته فحسب، بل لأنّه يقدم أيضاً على أرتكاب جريمة كبيرة في كلّ مرة يتأكد له أن تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي يسير في الطريق الصحيح. ولذلك كان لا بدّ من تفجير الوضع في شمال لبنان، حيث الثقل السنّي الكبير، وتهديد الأمن في منطقة الأشرفية ذات الأكثرية المسيحية وذلك لأرسال رسالة فحواها أن كلّ لبنان سيشتعل بسبب المحكمة.
المطلوب سورياً في هذه الأيام أفهام الطائفة السنية، أكبر الطوائف اللبنانية بأنها ستدفع ثمن مواقفها التي أدت الى أخراج سوريا، عسكرياً وليس أمنياً، من لبنان. وألى أشعار آخر، هناك بكل بساطة ثقل سنّي كبير في شمال لبنان وتماسك بين أبناء الطائفة، خصوصاً في طرابلس وعكّار، تسعى الأجهزة السورية ألى فرطه. أما المسيحيون، فان المطلوب أفهامهم أنهم الفئة التي ستكون المتضرر الأول من الوقوف مع المحكمة ذات الطابع الدولي ومن أفشال الأنقلاب الذي حاول quot;حزب اللهquot; تنفيذه عن طريق أسقاط الحكومة الشرعية برئاسة فؤاد السنيورة. نزل المسيحيون ألى الشارع في كانون الثاني ndash; يناير الماضي واعادوا فتح الطرقات التي سعت الأداة المستأجرة التي أسمها ميشال عون ألى أغلاقها في مناطقهم بالتنسيق مع quot;حزب اللهquot; الذي كان يخرّب المناطق ذات الأغلبية المسلمة في بيروت. يدفع المسيحيون، بكلّ بساطة، ثمن تمكنهم من تعطيل الأداة السورية الجديدة ndash; القديمة التي تتمثل بquot;الجنرالquot; وعزلها ومنعها من الأستمرار في التخريب المنظم.
البريء لا يخشى المحكمة. لو كان النظام السوري بريئاً لما كان لديه ذلك الأصرار على العمل من أجل تعطيل أنشائها بما في ذلك التهديد بتدمير لبنان على رؤوس ابنائه في حال قيامها. آن أوان تسمية الأشياء بأسمائها وآن أوان ان يتحمل العرب مسؤولياتهم تجاه لبنان. ما يحصل في مخيم عين البارد على يد العصابة السورية التي تتلحَف بتسمية quot;فتح ndash; الأسلامquot; ليس جريمة في حق لبنان واللبنانيين فقط. أنها جريمة في حق فلسطين وكل قضية عربية أخرى وأكبر خدمة تقدّم للعدو الأسرائيلي في هذا الوقت بالذات. هل ما يفيد أسرائيل أكثر من تنظيم فلسطيني يدّعي أنه يريد تحرير القدس، فأذا به يذبح جنوداً لبنانيين ويسرق مصارف لبنانية ويتمترس خلف المدنيين في مخيّم فلسطيني؟
ليس مطلوباً لبنانياً وعربياً الأكتفاء بأعلان التضامن مع الجيش اللبناني. هذا موقف جيد، لكنه يخفي نيات سيئة تستهدف تغطية المجرمين الذين أرسلهم النظام السوري ألى لبنان للعبث بالأستقرار ومحاولة خلق حال أرباك في صفوف السنة والمسيحيين. من يكتفي بالتضامن مع الجيش اللبناني من دون أدانة النظام السوري، أنما يغطّي جرائم quot;فتح ndash; الأسلامquot; والجرائم الأخرى التي أستهدفت اللبنانيين الشرفاء، بل أشرف اللبنانيين والعرب من رفيق الحريري ألى بيار أمين الجميل مروراً بسمير وجورج وجبران. أنها تغطية تندرج في سياق واضح كل الوضوح، سياق السعي ألى القول للعالم أن لبنان لن تقوم له قيامة بسبب المحكمة ذات الطابع الدولي.
واجب العرب مساعدة اللبنانيين الذين يواجهون آلة القتل السورية التي لا ترحم. عندما يفعلون ذلك، أنما يساعدون أنفسهم ويساعدون الفلسطينيين أيضاً. كل ما عليهم قوله للنظام السوري ولأدواته وأدوات الأدوات التي يستخدمها وبصوت عالٍ، أن طريق القدس لا تمر في طرابلس ولا في بيروت ووسطها التجاري الذي يقيم فيه quot;حزب اللهquot; الأيراني مخيّم البؤس بهدف وحيد هو المساهمة في تعطيل الحياة الأقتصادية في لبنان وأثارة الغرائز المذهبية في الوطن الصغير... خدمة للنظام السوري.
أن الحرب التي يشنها النظام السوري على لبنان جزء لا يتجزّأ من الحرب التي تُشن على العرب عموماً. في النهاية، ليست quot;فتح ndash; الأسلامquot;، التي هي أنتاج سوري مئة في المئة، سوى تنظيم متطرّف آخر يؤمن بالأرهاب ضرب في كلّ دولة عربية تقريباً، في مصر والمغرب والجزائر وتونس وليبيا والسعودية والأردن واليمن وقطر ودول أخرى... وفي العراق الذي لم يعد معروفاً ما أذا كان لا يزال دولة عربية. ما يفترض في العرب عمله الخروج من دائرة المتفرجين ودعم لبنان ممثلاً بحكومته الشرعية بشكل علني من دون أي مواربة. هل تقبل أي دولة عربية بأن تكون هناك جزر أمنية على أراضيها؟ هل تقبل أي دولة عربية أن تكون quot;ساحةquot; يصفي الآخرون حساباتهم فيها؟ من يدعم لبنان وحريته ووحدته وأستقلاله في مواجهة الهجمة التي يشنها عليه النظام السوري أنما يدعم نفسه أوّلاً... والباقي تفاصيل!