عبد الرحمن الراشد
يقال إن الرئيس ابو مازن أبلغ الاسرائيليين أنه مستعد لتحمل نفقات الغاز والكهرباء والخدمات الاخرى التي تصل الى غزة وأصبحت على وشك ان تقطع بسبب استيلاء حماس على الحكم هناك. ورغم ان رجال اسماعيل هنية، رئيس وزراء حماس، داسوا صور الرئيس ابو مازن وقتلوا حراسه وتعمدوا تخريب ممتلكات مكتبه، الا ان الرجل كظم غيظه وحفظ لسانه فلم يرد عليهم الشتيمة بالشتيمة ولا بالخطب الحماسية المضادة، بل ترك الباب مفتوحا لعودتهم الى السلطة الفلسطينية وهو الآن يتوسط لمساعدتهم في غزة بإيصال المواد والخدمات الضرورية لمواطنيه في غزة.
السؤال ما هي حقيقة هذا الرجل، هل هو خائف أم عاقل؟ بطيء الحركة أم حكيم التصرف؟ قليل الحيلة أم كثير المحبة والتسامح؟
الحقيقة ان القضية الفلسطينية محظوظة بزعيم مثل محمود عباس، لعب دور المهدئ منذ وفاة الرئيس ياسر عرفات الذي خلف وراءه نزاعات حادة على خلافته وصلاحيات دولته وعلاقاته الداخلية والخارجية. ومهما قيل عن تردد ابو مازن وضعفه وبطء حركته الا انه استطاع تخفيف الاحتقان، وحال دون الكثير من المعارك التي فرغها من مبرراتها، وجعل السلطة اكثر هدوءا وصبرا. انها صفات غير مألوفة في العمل السياسي الفلسطيني المتفجر دائما والمتقاتل على أصغر الاشياء، بدليل ما أحدثته حماس من فوضى وحروب ودماء وصراخ منذ توليها رئاسة الحكومة.
كان بامكان ابو مازن ان يقيل اسماعيل هنية منذ اول شهر تسلم فيه الحكم، لأسباب عديدة ابرزها، أنه نقض اتفاقات السلطة التي جاءت به رئيسا للحكومة، وتسبب في ايقاف المساعدات الدولية، ولم يسالم ولم يحارب، وفوق هذا يأتي رفاقه ليقولوا الآن، بعد خراب مالطا، إنهم مستعدون لقبول دولة في حدود الرابع من حزيران، بعد أن جوعوا مواطنيهم وأسالوا الكثير من الدماء.
كان بإمكان ابو مازن ان يخرج حماس من الحكم لأنه رئيس منتخب أيضا، ولأنه رأس السلطة يجلس هرميا فوق هنية الذي سعى لسلبه صلاحياته. كان بمقدور ابو مازن الاحتكام للشعب الفلسطيني بعد الاختلاف على صيغة الحكم عوضا عن تحمل إساءات حماس ومغامراتها المتهورة.
أهم من ذلك كله، تحمل ابو مازن وصبر على حماس حتى عندما ولغت في الدم وتسبب انقلابها على السلطة في مذبحة غير مسبوقة بقتل عشرات الموظفين ورجال الامن. كان بامكانه ان يصدر بيانا بتجريم الانقلابيين ومقاتلتهم والحكم عليهم بالإعدام حضوريا وغيابيا، كما كان سيفعل الرئيس بشار الاسد أو أحمدي نجاد أو أي من الرفاق الذين يعتبرون في نظر هنية المثل الأعلى. مع هذا، فالرجل لم يصدر بيانا واحدا فيه اساءة لهم رغم ما فعلوه به وبالشعب الفلسطيني. بخلاف ذلك، الرجل طالب برفع معاناة القطاع رغم ان ذلك سيرفع معاناة خصومه كونهم المستفيدين فوريا. ابو مازن يدعو لهم بالهداية، لكن اهل قرية حماس لا يعلمون.
الآن هذه ساعة الرئيس محمود عباس.
التعليقات