نحذر الفلسطينيين مما لا تحمد عقباه وعليهم تحمل مسؤولياتهم أمام شعبهم وأمتهم
التدخل الخارجي فـي شؤون لبنان يزيد الفرقة والتشرذم وهو أمر مرفوض
هناك جهات لا تريد الخير للبنان ومخطيء من يعتقد انه سيحقق مكاسب من وراء الاتجار بمعاناته



حوار - عبدالوهاب زغيلات

كيف الاهل في الاردن وكيف الملك عبدالله الثاني؟
بهذه العفوية بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حديثه للرأي.
كلمات تشعر أنها نبعت من القلب بعيدا عن المجاملات الرسمية والسياسية.. ملك تشعر انه يحمل في قلبه محبة كبيرة لابناء هذه الامة ويضع على كاهله جميع همومها..
انه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي أستقبل الرأي عشية زيارته الاولى للاردن بعد ان تولى مقاليد الحكم للشقيقة المملكة العربية السعودية.
يخرج من اجابة ويدخل في اخرى وهو يتساءل عن احوال هذه الامة وما وصلت اليه مكررا ''اعاننا الله جميعا على هذا الحمل الثقيل'' ومؤكدا أن الامانة تقتضي من قادة الامة ان يكونوا على قدر المسؤولية وحمل الامانة.

ومن العراق الجريح الى غزة المصابة الى لبنان المحبة والسلام كلها قضايا تداعت مرة واحدة وعلينا مواجهة التحديات لعل الله عز وجل ان يلهمنا للم الشمل وتوحيد المواقف للخروج من هذه المآزق.
وبكل ذلك تشعر وانت تتحدث الى خادم الحرمين الشريفين ان رؤيته ومعظم اخوته العرب تتجه نحو بناء مستقبل الامة والنهوض بابنائها نحو الرفعة والتقدم.
بلغة الحكيم الواثق من نفسه فتح خادم الحرمين الشريفين قلبه للرأي في هذه المقابلة:


لعل ما يمكن البدء به في حضرة جلالتكم هو السؤال عن نهج التطوير الذي كرستموه في المشهد السعودي والذي تجلى في ترتيب مسألة انتقال الحكم. هل هناك آليات جديدة لتحقيق رؤيتكم؟

نهج التطوير الذي تسير عليه المملكة العربية السعودية عن قناعة وتبصر هو استكمال لما بدأه المؤسس الموحد جلالة الملك عبدالعزيز- رحمه الله. وقد مرت مسيرة التطوير على مدى العقود الماضية بعدة مراحل، يؤخذ في الاعتبار كل مرحلة منها مستجدات العصر ودرجة تقبل المجتمع السعودي واحتياجات البلاد.
ونحن ماضون في هذا النهج الذي يستند الى كتاب الله وسنة رسوله ومصلحة الشعب السعودي. والمطلع الذي يتابع عن قرب ما يستجد في المملكة من تنظيمات جديدة وتعديلات لتنظيمات سابقة يرى أن مسيرة التطوير المتواصلة جزء لا يتجزأ من نظام الحكم وآلياته، ونحن على قناعة بأن ما وصلت إليه المملكة اليوم من تطور متوازن وتقدم في جميع مجالات الحياة هو ثمرة من ثمرات هذا التطوير المتواصل، ونحمد الله على ذلك.

ماذا عن مسألة الشورى والانتخابات؟ هل ينتهي المشوار بعد مدة إلى انتخابات تطال مختلف الهيئات ذات العلاقة في المملكة من بلديات الى مجلس الشورى؟

مسألة الانتخابات في المملكة تحكمها المتغيرات السياسية والاجتماعية ومصلحة البلاد والمجتمع السعودي. وكما تعلمون المجال مفتوح أمام المواطنين لايصال آرائهم الى المسؤولين في الدولة وعبر العديد من المنافذ مثل المجالس الاسبوعية المفتوحة ومجلس الشورى ومجالس المناطق والمجالس البلدية، وعبر وسائل الاعلام. نحن نؤمن بملائمة التدرج في التغيير.

نحو الافضل وبما يحقق مصالح المملكة وشعبها، والذي يهمنا ويهم جميع المواطنين في المملكة هو حسن اداء جميع هذه المؤسسات لما يوكل إليها من مسؤوليات جسيمة، وبالنسبة لمجلس الشورى فنرى أنه يمثل المجتمع السعودي بالفعل، ونحن راضون في هذه المرحلة عن ادائه ونتطلع بالتأكيد الى المزيد من الفعالية، ولن نتوانى عن دعم كل خطوة تمكنه من تطوير هذا الاداء ليصل الى المستوى الأمثل.

يلحظ المراقب زخما في الحضور السعودي الاقليمي على وجه الخصوص والدولي في شكل عام.. هل تستشعرون خطرا ماثلا على دور المملكة ككيان محوري في المنظومة العربية؟

نحن نستشعر خطراً داهماً على الكيان العربي بأكمله وعلى مصير العرب ومقدراتهم ومصالحهم، الامر لا يتعلق بالمملكة فقط. أينما نظرتم ستجدون أكثر من بلد عربي شقيق يعاني من أزمات خطيرة، بعضها يكاد يصل الى شفير الحرب الاهلية. انظر الى الاوضاع المأساوية في فلسطين الحبيبة وما وصل اليه الامر بين الاشقاء الفلسطينيين، وانظر الى ما يحدث في العراق من مآس وأهوال، وما يجري في لبنان وما يتعرض له السودان من أخطار، وما آل إليه وضع الصومال. وما تبذله المملكة من جهود لاصلاح ذات البين وجمع الكلمة وتوحيد الصف هو واجب ومسؤولية عظيمة سيسألنا الله عما قمنا به تجاهها. المملكة لا تبحث عن دور ولا تنافس أحدا على دور، هذا مصيرنا وقدرنا ولا سبيل لنا إلا أن نواصل تحمل المسؤولية تجاه أشقائنا وأمتنا، وندرك أن التواني عن ذلك سيؤدي بنا جميعا الى أوضاع لا تسر، واذا كانت خدمة الامة العربية تنافسا، فليتنافس المتنافسون في ذلك. هذه الامة مستهدفة في اراضيها وخيراتها ومقدراتها، ولدينا إيمان راسخ بأن تضافر جهود جميع الدول العربية - القيادات والشعوب- سيمكننا بتوفيق من الله من مواجهة التحديات الخطيرة التي تواجه أمتنا.

تشهد الساحة العراقية ما يشبه الحرب الاهلية بالاضافة الى الصراعات الاقليمية والدولية، بما ينذر بتهديد المنظومة العربية عموما ودول الجوار خصوصا.. فما تصور جلالتكم لمستقبل العراق وآفاق حل أزمته؟

ما يحدث في العراق من تطورات خطيرة وقتل وتدمير لمقدرات الشعب العراقي وطال دور العبادة أمر يدمي القلب. ولا بد من توقف هذا التدهور فالوضع بالغ الخطورة الذي ينذر بشر مستطير للمنطقة بأكملها إذا لم يتداركه العقلاء في العراق وفي دول المنطقة ودول العالم المؤثرة. يجب أن يعود المنطق وان يستشعر العراقيون جميعهم مصلحة العراق ويتجاوزوا المصالح الطائفية والاقليمية، وأن يدركوا أن تحقق مصلحة العراق وتجاوز هذا الوضع المأساوي تكمن في أخذ كل منهم في الحسبان مصالح الاطراف الاخرى دون تجاوز أو افتئات.
والمملكة كما يعرف الجميع كانت ولا زالت وستستمر في دعم ومساندة كل جهد وتوجه يمكن من تحقيق ذلك، ولا نريد إلا استتباب الأمن وعودة الاستقرار الى الشعب العراقي الذي يعاني اليوم معاناة مريرة، وعانى الويلات في العقود الثلاثة الماضية. ونحن مثلما هو معروف للجميع حريصون على وحدة العراق واستعادة سيادته على أراضيه.

سبق للمملكة أن دعت المرجعيات الدينية في العراق للحوار في مكة المكرمة والتي صدر عنها (وثيقة مكة)... فهل هناك نية لدى المملكة لدعوة القيادات السياسية في العراق لحوار مماثل؟ وما هو موقفكم من مشروع الفيدرالية في العراق؟

لن نتردد في دعم ومؤازرة الشعب العراقي الشقيق في المحنة التي يمر بها اليوم. واذا ما تبين لنا أن دعوة القيادات السياسية التي تمثل الشعب العراقي ستؤدي الى نتائج إيجابية تخدم العراق وتنهي معاناته وتسهم في عودة الامن والاستقرار الى ربوعه فلن نتوانى عن ذلك. لقد قلنا وكررنا إن مصير العراق يقرره شعب العراق وممثلوه بارادتهم المستقلة.

نجحت السعودية في دحر الارهاب الداخلي وتجفيف منابعه كما جاء على لسان جلالتكم.. فهل نستطيع القول إن ملف الارهاب الداخلي قد تم طيه؟ وكيف تسهم المملكة في مكافحة الإرهاب الخارجي؟ وكيف ترون الدور الأردني في مكافحة الارهاب؟

الإرهاب آفة خطيرة عانت ولا تزال تعاني منها شعوب في مختلف مناطق العالم، وهو ظاهرة تستمد وقودها من الفكر المنحرف الذي لا يقره الله عز وجل ولا تعاليم رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام ولا الفطرة البشرية السوية. وقد شاهدنا جميعا ما نتج عنه في الفترة الراهنة وفي السنوات الماضية من إزهاق لارواح بريئة، وتدمير وحشي لمؤسسات تخدم المجتمع ولممتلكات المواطنين. ونحمد الله على أن مكننا من احراز نتائج متقدمة في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة والجميع يعلم ما حققه رجال الامن البواسل في محاصرة ما تبقى من فلول الارهابيين واستباق العمليات الارهابية قبل وقوعها.

كما كان لوعي المواطن السعودي والمقيمين في المملكة دور في محاربة الفكر المتطرف الذي غالبا ما يؤدي الى الانجرار نحو الارهاب. نحن في المملكة جميعا متيقظون، ورغم انحسار الارهاب الذي وقع فيه البعض من مواطنينا وبعض من قدموا الى بلادنا الا اننا لن يهدأ لنا بال حتى نجتثه من منابعه، ونحن مصممون على ذلك. ومن وجهة نظرنا، نرى ان الدور الاردني في مكافحة الارهاب دور فعال وحقق نجاحا متقدما، وخصوصا منذ وقوع الاعمال الارهابية المشينة في هذا البلد الحبيب العام الماضي، والتعاون بين بلدينا في مجال مكافحة الارهاب معروف ومستمر وأثبت أهميته وفعاليته.

للمملكة دور تاريخي في لبنان وعلاقات قوية مع جميع الاطراف فهل تعتقدون أن ما يجري في لبنان يأخذ طابعا طائفيا ومذهبيا؟ أم إنه مجرد حشد لاوراق بهدف تحسين شروط التفاوض.. سواء مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالملف النووي أم فيما يخص انتزاع الاعتراف بدور إقليمي كبير في المنطقة؟

لبنان بلد شقيق وشعبه عزيز علينا بكل فئاته، ويهمنا أمنه واستقراره وإنهاء الخلافات بين قواه السياسية. وفي كل محنة يمر بها لبنان كانت المملكة من الدول السباقة لبذل الجهود لانقاذه مما يحل به من اخطار، كان ذلك في عهد الملك خالد- رحمه الله- الذي عقدت بدعوة منه وبرئاسته قمة عربية استثنائية في الرياض في السنوات الاولى من الحرب الاهلية اللبنانية، وفي عهد الملك فهد- رحمه الله- حينما دعا كافة ممثلي الاحزاب والقوى السياسية اللبنانية للاجتماع في المملكة ورعى اتفاق الطائف، ثم مساندة المملكة لبنان سياسيا واقتصاديا ودعمها القوى لاعادة اعماره، لتمكينه من تجاوز آثار الحرب الاهلية، ولا زال دعم المملكة للبنان مستمرا على جميع الاصعدة. السبيل الى حل ما يعاني منه لبنان اليوم من مأزق سياسي هو إدراك جميع القوى السياسية فيه بأنه لا مفر من الالتقاء والتحدث الى بعضهم البعض بصفتهم شركاء لا متنافسين، وبصفتهم مرتبطين بمصير مشترك لا مناطق معزولة في سياج واحد. إن التدخل في شؤون لبنان بطريقة تزيد الفرقة والتشرذم بين أبنائه أمر مرفوض، ومخطىء من يعتقد انه سيحقق مكاسب من وراء الاتجار بمعاناة لبنان وأبنائه.

شهدت الايام الاخيرة بوادر تهدئة بسبب الاطراف المتنازعة في لبنان.. فهل تعتقدون جلالتكم أننا أمام حل قريب للأزمة اللبنانية؟

هناك جهات لا تريد الخير للبنان لأن لبنان يمثل نموذجا يتناقض مع النموذج الذي تريد هذه الجهات ان تكون عليه الدول العربية، والذي يبعث على القلق أنه كلما بدأت بوادر نجاح الجهود العربية تظهر، تندلع أزمة جديدة تعصف بهذه الجهود وتزيد الامر تعقيدا، سواء باغتيال شخصيات سياسية مهمة، أو التحريض على العنف، أو نشوب اشتباكات مسلحة مثلما هو حاصل اليوم في نهر البارد. الازمة التي يمر بها لبنان اليوم تتطلب من الدول العربية والدول الحريصة على خير لبنان بذل جهود مضاعفة، لان استمرار الازمة في لبنان سينعكس سلبا على المنطقة بأسرها.

تظل فلسطين قضية الامة المركزية، وقد شهدت الساحة الفلسطينية مؤخرا تداعيات تنذر باقتتال أهلي.. فهل يمكن للحوار الفلسطيني الذي دعوتم إليه في رحاب مكة المكرمة أن يسهم في حل الخلافات الفلسطينية؟

لقد سارت الامور بعد اتفاق مكة المكرمة بين الاخوة الفلسطينيين على نحو واعد بعث على التفاؤل، لكن سرعان ما انقلبت الحال بعد ثلاثة أشهر من التوقيع على ذلك الاتفاق. ولا شك في أن تعنت إسرائيل واصرار بعض القوى الدولية على عدم مساعدة الفلسطينيين على تعزيز التوافق بينهم قد ادى الى تردي الاوضاع وحدوث هذه الانتكاسة الخطيرة التي وقع فيها اخواننا الفلسطينيون. ولا يمكن بأي حال من الاحوال ان يستمر الوضع على ما هو عليه اليوم، لأن في ذلك خدمة لمن يغتصب الارض الفلسطينية وإضرار فادح بالقضية الفلسطينية العادلة وقد يقضي على الآمال بانشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وهنا اوجه نداء الى الاخوة في فلسطين الذين عاهدوا الله في بيته الحرام، ان يغلبوا العقل والحكمة وان يتحملوا مسؤوليتهم الجسيمة امام شعب فلسطين وامام امتهم، وان يصلحوا ذات بينهم لكي لا يحدث ما لا يحمد عقباه.

استضافت المملكة القمة العربية الدورية في آذار الماضي.. هل كانت تلك القمة قمة مختلفة يمكن لقراراتها ان تحدث نقلة نوعية في العمل العربي المشترك واستعادة الدور العربي الاقليمي الذي شابه الضعف والتراجع ما شجع جهات اقليمية (عدا الدولية) للطموح الى دور ونفوذ على حساب العرب؟

لقد عقدت القمة العربية الدورية التاسعة عشرة في الرياض من اجل الحد من الضعف والتراجع في العمل العربي المشترك. دول العالم تسابق الزمن في مساعيها من اجل التكتل والتكامل والتعاون، بينما العرب الذين لا تتوفر في أي منطقة في العالم عناصر تكامل وتعاون مثلما هو متاح لهم يدير معظمهم شؤونه بمعزل عن الدول العربية الاخرى. هذا هو بالتحديد سبب ضعفنا وتراجعنا قياسا بصعود الآخرين وميل الكفة لصالحهم في علاقاتهم مع الدول العربية. ليست المسألة بحث عن دور او استعادة دور، بل انها جهود صادقة ومخلصة لتحقيق ما يأمرنا به ربنا من تآزر وتعاضد، وهذا ما يقضي به العقل والمصلحة العربية. نحن في المملكة وكما عاهدنا اشقاءنا ماضون في جمع الكلمة وتوحيد الصفوف منطلقين من قناعتنا الراسخة بعظم المسؤولية والأمانة تجاه الامة العربية وتجاه شعوبنا والعبرة بالعمل والتطبيق، لا بالخطب والتصريحات والقرارات التي تظل حبرا على ورق.

هل ما تزال مبادرة جلالتكم التي تبنتها قمة بيروت عام 2002 مطروحة كمشروع عربي وحيد لايجاد حل للصراع العربي الاسرائيلي، ام ان هناك نية لتعديلها؟ وما هي امكانية تفعيلها وتطبيقها؟

المبادرة التي تبنتها القمة العربية في بيروت هي المبادرة التي اجمع عليها العرب وحظيت بتأييد واسع من قبل معظم دول العالم، وقد لمسنا لدى قادة الدول الصديقة في اسبانيا وفرنسا وبولندا التي زرناها في جولتنا الاخيرة دعما لهذه المبادرة، التي من شأن موافقة جميع الأطراف عليها والتزامها بما نصت عليه حل صراع لا زال قائما منذ قرابة نصف قرن، وهو صراع نتجت عنه عدة حروب هددت أمن العالم بأسره لا هذه المنطقة فحسب، وتسببت في ويلات ومآس للشعب الفلسطيني وسلب للحقوق العربية ولا زال هذا الصراع قائما بسبب مراوغة الطرف الاسرائيلي وتكريسه للاحتلال الذي يتنافى مع قرارات الشرعية الدولية ومصادرته للمزيد من الاراضي الفلسطينية. ونامل ان تحذو قوى دولية مؤثرة حذو قوى دولية اخرى في دعمها للمبادرة العربية بدلا من محاولة تجنبها من خلال طرح مشاريع حلول اخرى.

راجت في الآونة الاخيرة مصطلحات ذات ابعاد سياسية تهدف الى تقسيم العرب الى محاور متقابلة حيث هناك من يطلق عليهم المعتدلين فيما يوصف الآخرون بالمتطرفين.. كيف يرى جلالتكم مستقبل هذا الفرز المصطنع؟ وهل تعتقدون ان القمة العربية التي عقدت في الرياض قمة عودة الوفاق العربي على قاعدة الانتصار للمصالحة العربية وحدها؟

هذه المصطلحات التي يروج لها اعلام اجنبي وترددها بعض وسائل الاعلام العربية المشبوهة التوجهات، ليست بالجديدة. فقد سبق في عقود مضت ان صنفت الدول العربية على نحو يوحي بالتضاد والانقسام، ولم ينجح من كانوا وراء محاولات التصنيف تلك في مساعيهم. في حقيقة الأمر نحن في المملكة العربية السعودية لا تهمنا هذه التصنيفات ولا تؤثر في توجهاتنا ولم تضعف من عزمنا على التعاون مع جميع الدول العربية طالما ان هذا التعاون لخير الجميع وطالما انه ليس موجها ضد دولة عربية شقيقة او دولة صديقة، ونحن اصدقاء لكل من يحترمنا ولا يتعدى على حقوقنا وحقوق اشقائنا. وغاية ما ارجوه هو ان يدرك من ينخدع بهذه التصنيفات من اخوتنا العرب ان الهدف منها هو زرع الفتنة وتكريس الاختلاف. جدار برلين سقط، ولا مجال لبناء جدار بين العرب.

أين يقف تيار الاعتدال العربي الذي تقوده السعودية من محاولات التدخل على الارض العربية؟

محاولات التدخل الاقليمية التي تحاول الاضرار بأمن واستقرار الدول العربية لن تفلح، وسترتد آثارها على الدول التي تمارس هذا التدخل، لأن الشعوب العربية مرت في تاريخها المعاصر بظروف عصيبة بسبب هذه التدخلات، ومن شان الوعي المتراكم بنتائج تلك الظروف ان يفشل مساعي كل من ينتهز لحظات الضعف العربي لتحقيق مآربه الخاصة، ومرة اخرى أقول: معروف من هو المعتدل، من غير مساومة على الثوابت والحقوق، ومن هو متطرف وفي الوقت نفسه يفرط في حقوقه ومقدراته ومقدرات اؤتمن عليها، وليس المقصود هنا دولة بعينها، اتحدث من منطلق مبدئي.

احتضنت المملكة مؤخرا القمة الخليجية وقد راجت انباء عن خلافات داخل المجلس حول بعض القضايا الاقتصادية والمالية.. فما هي آليات معالجة القضايا الخلافية بين دول الاتحاد؟ وكيف ترون مستقبل هذا التجمع الاقليمي؟

مجلس التعاون الخليجي الذي تحتضن المملكة مقر امانته العامة انشىء لتحقيق اهداف كبرى تخدم دول الخليج وتصب في المصلحة العربية وهو مجلس يسعى قادة دوله الاعضاء الى بناء كيان مؤسسي يكون نموذجا للعمل العربي المشترك. وفي مسيرة عمل المجلس هنالك احيانا بعض الاختلافات في وجهات النظر وسط توافق على معظم ما يبحث في القمم التي تجمع قادة دول المجلس وكبار المسؤولين في معظم الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية في دوله الاعضاء. مثل هذه الاختلافات التي تمثل الاستثناء لا القاعدة تحدث في كل التجمعات الاقليمية، مثل الآسيان والاتحاد الاوروبي والميركوسور وغيرها. ولذلك فلا مجال لتضخيم اختلال محدود قد يطرأ في فترة معينة في وجهات النظر من قبل دولة او اكثر من دول المجلس تجاه جزئية من اتفاقية اقتصادية او تنظيمية. المبدأ المتبع في مجلس التعاون هو التدرج والاخذ في الاعتبار اوضاع كل دولة في فترة معينة، وهي اوضاع قد تتغير في فترة لاحقة، وحدث ذلك كثيرا في الماضي ولم يؤثر على مسيرة المجلس، بل زاده ثباتا ورسوخا.

تربطكم بجلالة الملك عبدالله الثاني علاقات اخوية مميزة انعكست على العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين.. وقد ثمن مجلس النواب الاردني هذه العلاقة والمواقف السعودية الداعمة للاردن.. فما هي آفاق التعاون المستقبلي بين البلدين؟

تربطني بأخي جلالة الملك عبدالله الثاني علاقات أخوية قوية قائمة على المحبة والثقة المتبادلة والاتصال والتشاور بيني وبين جلالته قائم ومستمر، هدفه خدمة مصلحة الشعبين السعودي والاردني ومصالح الأمة العربية. اما العلاقات بين الشعبين السعودي والاردني فيطول الحديث عن عمقها ومتانتها، لأنها قائمة على القربى والجوار والدين والمصير المشترك، ولذلك فلا غرابة في ان تجد هذا القرب وهذه الحرارة في الروابط بين قيادتي وشعبي البلدين، وأسأل الله ان يديم علينا جميعا نعمه، وان يعيننا على تحقيق طموحات شعبينا في العزة والمنعة والحياة الكريمة.